* الشيخ أبو إسماعيل خليفة إنّ ديننا يشيع الحب بين أتباعه حتى يكون المجتمع متآلفاً متعاونا ولا يوجد دينٌ يحث أتباعه على المحبة والتحابب والتوادد مثل دين الإسلام فقد جاءت كلمة الحب والمحبة في كتاب الله أكثر من ثمانين مرة. بل إن من حِكم ديننا ولطائف تعاليمه أن أمرنا بإعلان الحب وعدم كتمانه. أخرج أبو داود عن أنس رضي الله عنه أن رجلاً كان عند النبي صلى الله عليه وسلم فمر رجل به فقال: يا رسول الله إني أحب هذا. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أأعلمته؟. قال: لا. قال: أعلمه. فلحقه فقال: إني أحبك في الله فقال: أحبك الذي أحببتني له. أقوى عاطفة الحبّ أقوى عاطفة تستكنّ بين جوانح الإنسان ومتى ما تفجّرت دفعته للعطاء والبناء والنماء ولذا فلا بُدّ من إشاعة لغة الحب في المنزل بين العائلة حتى لا يبحث أفرادها عن الحب خارج حدود الأسرة. ومن ثَمَّ يدخلون جحر الضبّ وفي الحبّ الحلال للزوجة والأهلِين كفايةٌ وغنيةٌ عن الحرام إنه من الرائع أن يقول الزوج لزوجته: أحبك ومن الرائع أن يقول الأب لابنته: أحبك ومن الرائع أن يسمع الولد من أمه كلمة: أحبك. ألم تكن لعائشة رضي الله عنها منزلة خاصة في قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يُظهر ذلك الحب ولا يخفيه. فقد جاء أن عَمرو بن العاص رضي الله عنهما سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أيُّ الناس أحب إليك يا رسول الله؟. قال: عائشة. قال: فمِن الرجال؟ قال: أبوها . متفق عليه. وها هي ذي-رضي الله عنها-تقول لرسو ل الله صلى الله عليه وسلم: والله إني لأحبك وأحب قربك . ألم يَروِ ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم: كان إذا سافر كان آخر الناس عهدا به فاطمة وإذا قدم من سفر كان أول الناس به عهدا فاطمة . . بل قد لا تصدقون أنّ على وجه الأرض من لدن آدم عليه السلام إلى يوم القيامة رجلين تحابّا كمحبة سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم. شيء ضروري أيها السيدات والسادة: اعلموا أن الحب داخل الأسرة وبين أفراد المجتمع شيء ضروري بدونه لا تنشأ أسرة سوية وأبناء معتدلين متحابين وبدون محبة لا يعرف للمجتمع الستقرار. وإنّ محركنا إلى الحب كمؤمنين دافع فطري ذاتي داخلي ودافع إيماني قال صلى الله عليه وسلم: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا رواه مسلم في صحيحه من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ. فلنحيا دوما بحب ولا نحتفل بيوم عيد الحب لأنه ليس من عاداتنا ولا دعانا إليه ديننا إنما عيد الحبّ تقاليد للنصارى الذين ورثوه عن الرومان وكان هؤلاء يعتقدون أن (رومليوس) مؤسس مدينة (روما) أرضعته ذات يوم ذئبة فأمدته بالقوة ورجاحة الفكر فكان الرومان يحتفلون بهذه الحادثة في منتصف شهر فبراير من كل عام احتفالاً كبيراً. لكن لما تنصر الرومان نقلوه من مفهومه الوثني (الحب الإلهي) إلى مفهوم آخر يعبر عنه بشهداء الحب ممثلا في القديس فالنتين الداعية إلى الحب والسلام الذي استشهد في سبيل ذلك حسب زعمهم. وسمي هذا اليوم أيضا: (عيد العشاق).. وذلك لأنه لما حكم الإمبراطور الروماني (كلوديوس الثاني) في القرن الثالث الميلادي منع جنوده من الزواج لأن الزواج في زعمه يشغلهم عن الحروب التي كان يخوضها فتصدى لهذا القرار (القدّيس فالنتين) وصار يجري عقود الزواج للجند سرا فعلم الإمبراطور بذلك فزج به في السجن وحكم عليه بالإعدام. وفي سجنه وقع في حب ابنة السجان وكان هذا سراً حيث يحرم على القساوسة والرهبان في شريعة النصارى الزواج وتكوين العلاقات العاطفية وإنما شفع له لدى النصارى ثباته على النصرانية حيث عرض عليه الإمبراطور أن يعفو عنه على أن يترك النصرانية ليعبد آلهة الرومان ويكون لديه من المقربين ويجعله صهراً له إلا أن (فالنتين) رفض هذا العرض وآثر النصرانية فنفذ فيه حكم القتل يوم 14 فبراير عام 270 ميلادي ليلة 15 فبراير عيد (لوبر كيليا) ومن يومها أطلق عليه لقب قديس. وقد جعل البابا من يوم وفاة القديس فالنتين عيداً للحب. أه وللأسف الشديد لقد غُرّر بكثير من شبابنا وفتياتنا لضعف إيمان منهم ونقص توجيه وإرشاد من الدعاة الناصحين فاغترّوا بهذا العيد وراحوا يحتفلون به متناسين إنما الأعياد من جملة الشرع والمناهج والمناسك وإنها من أخصّ ما تتميز به أمتنا قال تعالى: لِكُلِّ أُمَّة جَعَلْنَا مَنسَكاً هُمْ نَاسِكُوهُ . ا لحج: 67 ومن وافق الكفار في أعيادهم أو بعضها فإنَّ ذلك ينتهي به إلى الوقوع في المشبهة المنهي عنها شرعاً. لذا فلا بد أن نعي هذا الخطر والخلط بين الشرك والتوحيد والعقل والخرافة والإله والأسطورة فالقضية تمثل تهديداً جاداً لإسلامنا وعقيدتنا. يجب أن لا نكون مغفلين وأن نرجع إلى أصول الأشياء ونعرف ما وراء الأكمة.. ومهما تكلم أولئك عن الحب ومهما مجَّدوه وعظَّموه واحتفلوا به فنحن أولاهم به نحن أولى الناس بالحب عَقْدُ الدين مبني عليه وأساس الإيمان راجع إليه. لا يؤمن أحدٌ ولا يَأمنَ حتى يحب الله ويحب دينه وأحكامه وشريعته. ولا يؤمن أحد ولن يَأمن حتى يحب رسول الله ويحب آله وأزواجه وصحابته. ولا يؤمن أحدٌ حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير. بل وللناس أجمعين.. كلمة ساحرة الحب أيها الفضلاء : الكلمة الساحرة ذات الظلال الرقيقة في النفس الإنسانية يعكس الإسلام لها فهماً خاصاً فالإسلام يعترف بعاطفة الحب على أنها واحدة من أهم الدوافع الإنسانية والمحركات الفعالة في السلوك الفردي والجماعي وبدونها لا يعيش الإنسان متوافقا مع من حوله.. فالدنيا خُلقت وزُيّنت للذين يحِبُّون أما الذين لا يحِبُّون فهم ميتون وإن أبصرهم الناس في صورة الأحياء.. فالمحبة هي قوت القلوب وغذاء الأرواح وهي الحياة التي من حُرمها فهو في جملة الأموات. لكن لا يستخفنَّكم الذين لا يوقنون ولا يضلنكم المخادعون اعتزوا بدينكم وحافظوا على شخصيتكم وهويتكم صحِّحوا علاقاتكم الديكتاتورية مع أزواجكم وزوجاتكم وبناتكم وأبناءكم وكل الناس من حولكم لتكونوا أحبة حقيقيين لهم لا تضعوا الحواجز بينكم وبينهم فيهربوا منكم إلى جُحر الضب وتزدهر تجارة الورود الحمراء وتعِجُّ الأسواق بالدِّببة الحمراء وتتزين الأسواق وتكتسي باللون الأحمر وبالله نعوذ من كل شر.. اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك وبطاعتك عن معصيتك وبفضلك عمن سواك وابعث الحُب من قبور قلوبنا واجمع على الحق كلمتنا وارزقنا حبك وحب نبيك وحب عبادك الصالحين اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا وسلمنا من الشرور والآثام والشرك يا رب العالمين واجعل مجتمعنا هذا طاهراً نقياً وسائر مجتمعات المسلمين وما توفيقنا إلا بك عليك نتوكل وأنت رب العرش الكريم.