* الشيخ أبو إسماعيل خليفة إلى بعض الأمهات اللاتي استقْللن وجودهن واستَقلْن من مسؤولية تربية أبنائهن بعد ما أصبحن مسؤولات عن دور التربية كاملةً بعد وفاة الأب أو الطلاق أو غير ذلك أقدم هذه المادة وعسى الله ينفع بها: هذه أم الإمام أحمد رحمهما الله تعالى أي مشروع قدمته للأمة حينما ربّت ابنها على طلب العلم حتى أصبح إمام أهل زمانه؟! لقد كانت تعتني به وتخرجه قبل صلاة الفجر لأداء الصلاة وليشهد مجالس الذكر ولم يتجاوز السابعة من عمره. أليس إنجازاً عظيماً إيجاد عالم رباني ينفع الله به الأمة بعلمه ومواقفه؟!. كم من الأجور العظيمة نالتها تلك الأم الصالحة كم من الخير العميم قدّمته هذه الأم المؤمنة؟!. فهل تعي النساء ذلك وهل تفقه أمهات هذا الجيل ما أهمية تربية الأبناء؟!! وكثير من الأبطال والعلماء والنوابغ ربتهم نساء مثل الخنساء وقبلها أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها وعن أبيها وخبرها مع ابنها معروف وعفراء وابنيها معوذ ومعاذ.. وهذا أنس بن مالك رضي الله عنه والإمام الشافعي والإمام البخاري والإمام أحمد بن حنبل وابن حجر وقد ربته أخته ست الركب وأبو الفرج ابن الجوزي وغيرهم كثير وفي مدينتي أيوب ذلكم الطفل اليتيم الذي حفظ القرآن وعمره لا يتجاوز السبع سنين وقد سلمه فخامة الرئيس بوتفليقة حفظه الله ورعاه جائزة تشجيعية عام: 2014. وأمثالهم كثير.. أيتام لكنهم عظماء بفضل أمهاتهم رضعوا الحب والحنان والعلم والخير والعطاء بلا حدود. وقد تقول قائلة: هذا كان في الزمن الماضي لم تكن يومئذ هناك مغريات وفتن ونحو ذلك وهل كل شباب ذلك كلهم مثل هؤلاء؟. أيتها الأمهات: إن نقطة البداية أن تشعر الأم بأهمية التربية وخطورتها وخطورة الدور الذي تتبوؤه وأنها مسؤولة عن جزء كبير من مستقبل أبنائها وبناتها وعليها أن تسعى دائما لزيادة خبرتها التربوية والارتقاء بها لتحافظ على أبنائها وتصل بهم إلى بر الأمان وهم على مستوى كبير من المثالية والمسؤولية. أيتها الأمهات: إن أخلاق وسلوكيات الأبناء تكتسب بالتعويد والصبر عليهن أكثر مما تكتسب بالأمر والنهي فلا بد من الاعتناء بتعويد الطفل على ذلك والتدرج فيه. فأنتن صواحب الدور الأعمق في بناء جيل المستقبل ورجاله وبناته وأبطاله.. ولا تقولوا: وراء كل رجل عظيم امرأة أبداً ولكن قولوا: وراء كل رجل عظيم أُم. ولهذا فوصيتنا لكن أيتها الفاضلات أن تعتنين بتربية أبنائكن وبناتكن وتنشئونهم النشأة الحسنة تنلن ثمرتهم في الدنيا ولكنّ من الله سبحانه على كل ساعة تقضينها في سبيل ذلك الثواب الجزيل. روى أبو يعلى بسند حسنه ابن حجر الهيثمي في الزواجر عن اقتراف الكبائر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أنا أول من يفتح باب الجنة إلا أني أرى امرأة تبادرني فأقول مالك ومن أنت؟ تقول: امرأة قعدت على أيتام لي . وعن عوف بن مالك الأشجعي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَنَا وَامْرَأَةٌ سَفْعَاءُ الْخَدَّيْنِ كَهَاتَيْنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ -وَجَمَعَ بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى -امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِب وَجَمَال آمَتْ مِنْ زَوْجِهَا حَبَسَتْ نَفْسَهَا عَلَى أَيْتَامِهَا حَتَّى بَانُوا أَوْ مَاتُوا . رواه البخاري فهنيئا لكن بهذا الثواب وكفاكن شرفا أنكن ستكونن مع النبي صلي الله عليه وسلم.. وما أجمله من قرب وما أحسنه من توجيه للمرأة التي تواجه الصعاب!. أعاننا الله وإياكن جميعا على هذه المسؤولية وبلغنا في أبنائنا وبناتنا طموحنا وفوق ما نطمح ورزقنا ثمرة جهدنا وسعينا ومتعنا ببرهم في حياتنا واسعدنا بدعائهم في مماتنا وشرفنا بهم برضاه عنا وعنهم يوم نلقاه وغفر لآبائنا وأمهاتنا كما ربيانا صغارا وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..