** أفتى رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي بقتل الزعيم الليبي بسبب قتله أبناء شعبه عن طريق قصفهم بالطائرات واستخدام المرتزقة الأجانب لقتلهم، وقال: أصدر الآن فتوى بقتل القذافي، أيّ ضابط أو جندي أو أيّ شخص يتمكن من أن يطلق عليه رصاصة فليفعل، ليريح الليبيين والأمة من شر هذا الرجل المجنون وظلمه· فتوى الشيخ قد أثارت جدلا واسعا بين مؤيد ومعارض·· فهل تجيز الشريعة مثل هذا القتل؟ وهل يتعارض ذلك مع حرمة قتل النفس المعصومة؟ وما الدليل على ذلك؟ * يقول الدكتور وصفي عاشور أبو زيد المتخصص في أصول الفقه ومقاصد الشريعة: إن ما فعله القذافي من قتل وتدمير وتفحيم للجثث، عبر "استيراد" مقاتلين مرتزقة من بلاد أخرى، ينفك به العقد الذي بينه وبين شعبه إن كان هناك عقدٌ أصلا، ويوجب الخروج عليه والتخلص منه· أما الإفتاء بإراقة دم القذافي، فالله تعالى يقول: "مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً" المائدة: 32 وقال تعالى: "وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ"· البقرة: 194· وقال تعالى: "وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ"· المائدة: 45· وقال تعالى: "إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ" المائدة: 33 وأرى أن القذافي يستحق القتل شرعا من كل هذه النواحي: - فقد قتل نفوسا كثيرة وليست نفسا واحدة، وقتلها بغير حق، قتل الأبرياء العُزل الذين خرجوا سلميا يطالبون بحقوقهم فواجههم بأساليب قتل وأدوات محرمة دوليا· - والقصاص يوجب قتله، وإذا كان الذي يقتل إنسانا واحدا يقتل به، فكيف بمن قتل مئات الأشخاص؟ وإذا كانت الجماعة تُقتل بالواحد، فكيف لا يقتل الواحد بالجماعة؟ - وإذا كان معشار ما قام به القذافي يتجاوز الإفساد في الأرض، فهل ما فعله من قتل وتخريب وتدمير وإراقة دماء يبعد عنه إقامة حد الحرابة عليه؟ - وإذا كانت جريمة واحدة من هذه الجرائم توجب القتل شرعًا، فكيف إذا اجتمعت عليه في وقت واحد وفي مقام واحد؟ إن الإفتاء بإباحة دم القذافي ووجوب قتله لا ينبغي أن تثير جدلاً، ولا خلافاً، ومن استوعب اجتماع هذه الجرائم في شخص واحد، فلا ينبغي أن يجادل في مثل هذه الفتوى، بل الواجب القول بها، لأنها أقل ما يمكن الإفتاء به مع القيام بهذه الجرائم جميعا·