تصاعدت الأزمة الخليجية خلال الأيام الأخيرة، بعد توتر حاد وتصريحات نارية بين قطروالإمارات ودول اخرى خليجية من جهة اخرى، فلقد تداخلت أطراف الصراع واختلفت النوايا، فيما تسارع أطراف خفية من كل جانب لبث المزيد من الأخبار المغرضة بين الطرفين، في وقت تشهد المنطقة العربية أسوا الأزمات المتلاحقة على الإطلاق. تعدّ زيارة أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، المرتقبة إلى الكويت، الأربعاء المقبل، أول لقاء رفيع المستوى بين زعيمين خليجيين، منذ الأزمة على خلفية اختراق موقع وكالة الأنباء القطرية "قنا"، وبثّ تصريحات مزورة منسوبة إلى أمير قطر، في وقتٍ واصلت "أبو ظبي" تصعيدها ضدّ الدوحة، متوعّدة بأنّ الصبر والتغاضي "له حدود". لم تؤكد الزيارة رسمياً في الدوحة، إلا أن وكالة "الأناضول" نشرت خبراً، أمس الأحد، استناداً إلى مصادر دبلوماسية كويتية قالت "إن أمير قطر سيزور الكويت مهنئاً أميرها، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، بمناسبة حلول شهر رمضان". وفيما لم تكشف الكويت أو الدوحة رسمياً ما تمخّضت عنه زيارة نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الكويتي، الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، إلى الدوحة، الجمعة الماضي، والذي جاءت زيارته في إطار تحرك كويتي سريع لإطفاء نيران الأزمة المشتعلة بين الدوحة من جهة، وكل من أبو ظبي والرياض والمنامة من جهة أخرى. وتجلّت، في هجمة إعلامية غير مسبوقة، قادتها فضائيات ووسائل إعلام تتبع الرياض وأبو ظبي، فإنّ زيارة أمير قطر إلى الكويت، تؤكد استمرار الحراك الكويتي لإنهاء الأزمة السياسية، وعن رغبة قطرية للتهدئة، رغم استمرار الحملة الإعلامية غير المسبوقة على الدوحة، والصمت الرسمي في العواصم الخليجية الثلاث تجاه هذه الحملة الشرسة. وهي الرغبة التي تجلت في تصريحات وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، خلال المؤتمر الصحافي، الخميس الماضي، مع وزير الخارجية الصومالي، وقال فيها "إنّ قطر تحتفظ دوماً بعلاقات ودية مع دول مجلس التعاون الخليجي، وتسعى لعلاقات خليجية متينة لإيمانها بأنّ المصالح الخليجية واحدة والمصير واحد". وكانت زيارة نائب رئيس الوزراء، ووزير الخارجية الكويتي، إلى قطر، قد جاءت بعد ساعات من تصريحات صحافية لنائبه خالد الجار الله، أدلى بها في الكويت، وصف فيها التداعيات الأخيرة على خلفية اختراق وكالة الأنباء القطرية الرسمية، ونشر تصريحات كاذبة منسوبة لأمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، بأنّها "مؤسفة". وأعرب الجار الله، عن استعداد بلاده، لتقريب وجهات النظر بين الأشقاء، واحتواء أي احتقان، منوّهاً في الوقت عينه ب"التصريحات الإيجابية" لوزير الخارجية القطري، في موضوع اختراق موقع وكالة الأنباء القطرية الرسمية. مساع للمصالحة الحراك الكويتي كان متوقعاً، حيث سبق لأمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، أن قام بتحرّك مماثل عام 2014، ونجح خلاله في فكفكة الخلاف الخليجي – الخليجي، بعد سحب ثلاث دول خليجية سفراءها من الدوحة، على خلفية التباين في المواقف السياسية، تجاه الأحداث في المنطقة. وليس معروفاً بعد، الطريقة التي سيدير فيها أمير الكويت، الأزمة السياسية الجديدة، وكيف سينزع ألغامها، مرة أخرى، كما لم يُعرف الرّد القطري الذي حمله المسؤول الكويتي من زيارته الدوحة، إلى أمير الكويت. لكن وكالة "رويترز"، نقلت عن مسؤول خليجي، لم تكشف عن هويته، قوله إنّ "أمير الكويت عرض أثناء محادثات هاتفية مع أمير قطر، التوسّط لاستضافة محادثات، لضمان عدم تصعيد الخلاف"، وهو العرض الذي لم يُؤكد من أية جهة رسمية كويتية أو قطرية. ومن الواضح أنّ زيارة أمير قطر المرتقبة إلى الكويت، الأربعاء المقبل، والتي ستستمر عدة ساعات، حسب مصادر دبلوماسية كويتية، ستؤشر في ختامها إلى الوجهة التي ستسير إليها الأزمة المفتعلة مع قطر. كما ستتبيّن وفق الزيارة، الطريقة التي سيدير فيه أمير الكويت الأزمة التي شغلت الشارع الخليجي، وقفزت للمرة الأولى إعلامياً وسياسياً عن أدبيات وخطوط حمراء متعارف عليها بين شعوب دول الخليج العربية، الأمر الذي سيصعب مهمة أمير الكويت في "الوساطة"، الصعبة أصلاً. وفي هذا الوقت، واصلت الإمارات تصعيدها ضدّ الدوحة، متوعّدة بأنّ الصبر والتغاضي "له حدود". وقال وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتية، أنور قرقاش، في تغريدات على "تويتر"، إنّه "في خضم الأزمات الإقليمية الحالية والأخطار المحدقة لنحرص على وحدة الصف، فالصبر والتغاضي له حدوده، والطريق السوي عبر المصارحة والمصداقية والثقة".