بقلم: خيري منصور* للوهلة الأولى قد يتصور القارىء أن خطأ مطبعيا في العنوان استبدل الحب بالحرب لكن الحرب في زمن الكوليرا تنتظر روائيا عربيا وليس غارسيا ماركيز الذي رحل عن عالمنا فالعربي أدرى بشعاب هذه الأرض وما تئن تحته من حمولات تاريخية باهظة والعلاقة بين الحب والحرب ليست مجرد قرابة لغوية فهناك كتاب شهير للفيلسوف اليوناني هيراقليطس عنوانه الحب والحرب وهناك بالفعل مفردات استعارها العشاق من معجم الحرب كالهجوم والصد والاتقاء والمراوغة. والكوليرا التي تحصد يوميا عشرات العرب في اليمن الذي كان سعيدا ذات يوم عرفها العرب جيدا في أربعينيات القرن الماضي وهناك قصيدة شهيرة للشاعرة العراقية الراحلة نازك الملائكة عن محاصيل هذا الوباء في بلادها تثير القشعريرة لدى من يقرأونها وحين عانت مصر من الكوليرا أرسل طه حسين من فرنسا رسالة لأحد أصدقائه يطلب منه الهجرة لينجو بنفسه خشية الإصابة بالعدوى والموت بالمجان. والحرب سواء كانت في زمن الكوليرا أو الطاعون أو حتى انفلونزا الطيور والخنازير هي الحرب وقد وصفها شاعرنا الحكيم زهير بن أبي سلمى الذي تمنى الموت بعد أن سئم تكاليف الحياة في الثمانين بشكل دقيق حين قال هي ما عرفتم وذقتم وقال أيضا إن الحرب أفنت منشم وهو العطر الذي كان يرش على الموتى ! وحين يتفشى الوباء لا وقت للسؤال عن السبب لأن الطبيب حين يعالج مصابا لا يدير معه حوارا حول تفاصيل الحادث بل يسارع لنجدته والعرب لا ينقصهم من الأعداء ما يتيح للأوبئة والمجاعات والتشرد أن تعوض غياب الأعداء فالتاريخ يكفي ... إنها الحرب في زمن الكوليرا أما الحب فهو في مكان آخر !