من الإفرازات الوخيمة للتكنولوجيات الحديثة ** يتكرر لفظ (السيلفي) آلاف المرات في اليوم الواحد وبتنا نسمعه من الجميع وهي تقنية حديثة وليدة الهواتف الذكية التي سهلت على المرء التقاط صوره ونشرها بكل أريحية على مواقع التواصل الاجتماعي من أجل إظهارها للأصدقاء وهي تحمل عدة جوانب سلبية ونجدها قد طغت على الجوانب الإيجابية التي تنحصر في الاحتفاظ بالذكريات إلا أن البعض تمادوا في نشر صورهم عشرات المرات في اليوم الواحد مما حول الأمر إلى هوس لدى الكبار والصغار على حد سواء وعليه حذر الباحثون وعلماء النفس من العواقب الوخيمة لتلك التقنية الحديثة التي تؤدي إلى اضطرابات عقلية وقد يصل الأمر إلى درجة المخاطرة بالحياة والموت وهو ما سنسلط عليه الضوء عبر هذا المقال. خ. نسيمة /ق. م قبل البدء بأي شيء أو اتباع أي خطوة علينا التقاط السيلفي بشكل حتمي دون التفكير بأي شيء آخر حتى وصل الأمر إلى تخصيص أغنيات عالمية بهذا العنوان العصري أو حتى إنشاء مطاعم ومقاه في المجتمعات العربية بذات التسمية لكونها جاذبة للعديد من الزبائن لاسيما عشاق التكنولوجيا وعليه يثار التساؤل حول أضرار هذه التقنية الحديثة من عدة جوانب: نشأة السيلفي السيلفي كمصطلح استرالي يعني صورة شخصية يقوم صاحبها بالتقاطها لنفسه باستخدام هاتف ذكي ومن ثم يقوم بنشرها على مواقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك تويتر انستجرام وغيرها) وذلك لاعتمادها كصورة رئيسية في ملفه الشخصي أو لتسجيل حضوره في مكان معين. وفي الحقيقة تعتبر هذه التقنية قديمة العهد إلا أنها انتشرت بفضل الشبكات الاجتماعية حيث أنها تعود إلى نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين وذلك بفضل كاميرات براوني حيث كان المصورون الذين يلتقطون تلك الصور الشخصية يستعينون بمرايا لالتقاط تلك الصور. السر وراء التقاط هذا النوع من الصور مما لا شك فيه أن عدد مستخدمي هذه الطريقة في الصور تخطى الخيال وهي تشمل الرجال والنساء على حد سواء حيث أن 17 في المئة من الرجال و10 في المئة من النساء يلتقطون صور سيلفي. ويعود السر وراء هذا التهافت الكبير عليها إلى الشغف نحو التقاط صور جميلة للذات بالإضافة إلى كونها إشباعا لثقافة (الأنا) والنرجسية المتواجدة في شخصية غالبية البشر وفقا لعلماء النفس والفلاسفة القدماء. مخاطر السيلفي الاجتماعية وبالرغم من انتشارها بشكل كبير في المجتمع العربي لاسيما بعد ابتكار عصا السيلفي التي تتيح لنا التقاط الصور بطريقة أسهل إلا أنها تحمل العديد من المخاطر الاجتماعية التي يمكن إيجازها بالتالي: لهذا النوع من الصور أثر كبير على شخصية ملتقطها حيث أنها تصيبه بالاكتئاب نتيجة عدم الرضا خصوصا أنها قريبة وتكشف تفاصيل الوجه مما يؤدي إلى حالة من الاضطرابات النفسية التي تنعكس على سلوك الفرد في المجتمع وتجعله أسيرا لها. فهي تجعل الشخص أنانيا وعاشقا لذاته دون التفكير بمن حوله كما أنها أفقدت الذكريات قيمتها حيث أنها رهنا لملتقط السيلفي عدا عن أثرها في التسبب في الكثير من حوادث السير والمخالفات المرورية. ويضاف إلى ما تقدم إمكانية انتقال الأمراض كالبكتيريا والقمل نتيجة الاقتراب وعدم ترك مسافة كافية حتى بين الأشخاص الغرباء لاسيما عند الأطفال أو عند التقاطها بجانب الحيوانات الأليفة وفي أيام الصيف التي ترتفع فيها نسبة التعرق في جسم الإنسان. أضرار السيلفي في العالم الرقمي بالرغم من استخدامها كدليل لمواكبة العصر ومتطلبات مواقع التواصل الاجتماعي إلا أنها قد تبعد عنك الكثير من الأصدقاء في هذه الشبكات في حالة المبالغة بالتقاطها حيث أن صاحب الاستخدام المكثف لها ينعت بالتافه والفارغ بالإضافة إلى أن بعض الصور التي نلتقطها بطريقة عفوية قد تبعد عنا الأصدقاء وفقا لما أوردته دراسة حديثة مفصلة الصور التي يجب الابتعاد عن نشرها في الشبكات الاجتماعية وهي تتمثل بصور السيلفي التي يتم التقاطها في كل من صالات الألعاب الرياضية داخل المستشفيات أثناء القيادة داخل غرف غير مرتبة بعد الاستيقاظ من النوم أو الادعاء به الأطفال بعد الانتهاء من تصفيف وحلاقة الشعر إبراز مفاتن الجسد استخدام المرآة لالتقاطها الصور مع الحيوانات الأليفة. وعليه يمكن اعتبارها سيفا ذو حدين حيث أنه بالرغم من منافعها وزيادة شعبيتها على مواقع التواصل الاجتماعي إلا أنها قد تبعد عنك الأصدقاء والأهل في الميدان الاجتماعي وفي المجال الرقمي أيضا. هوس الأطفال بصور السيلفي توافر أجهزة الاتصال الذكية التي تضم عدسة كاميرا متطورة وارتباطها بمواقع التواصل الاجتماعي سهل الأمر على الكثيرين ممن يحبون التقاط الصور لأنفسهم ثم مشاركتها عبر موقع ماي سبايس وفليكر وصولاً إلى فيس بوك وتويتر وانستغرام. ويرى مختصو علم الاجتماع أن انتشار ظاهرة السلفي بين الأطفال والمراهقين هو أمر طبيعي في سياق تطوّر الأجهزة المتوفرة بين أيديهم وتعتبر هذه الظاهرة أمراً صحيّاً أيضاً لأنه يساعدهم على تكوين صورة ذاتية مستقلة بالوضعية والخلفية والشكل الذي يرغبون به بعيداً عن الصورة المثالية التي كانت تلتقط من قبل للاحتفاظ بها في ألبوم العائلة. إن نشر الطفل أو المراهق لهذه الصور على مواقع التواصل الاجتماعي أمر لا يدعو للقلق طالما أنه ضمن الحدود المقبولة كنشر صورة كل عدة أيام تعبر عن شخصيته أو ما يدور في تفكيره أو اكتشافه للعالم الخارجي أو اختباره لتجربة جديدة بهدف نشر روح الود والصداقة والتعارف والثقافة بينه وبين الأصدقاء أما إذا زاد الأمر عن الحد وأصبح هوساً بحيث يلتقط عشرات الصور ويقوم بنشرها على مدار اليوم فهذا أمر آخر حيث أنّ الرابطة الأميركية للطب النفسي APA أكدت رسميّاً أن أخذ Selfie على مدار اليوم يمثل اضطراباً عقلياً ويسمى هذا الاضطراب الجديد سلفيتيس ويعرف بأنه الرغبة الكبرى بالتقاط الصور الذاتية ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي وهذا الاضطراب يعكس أنانية مفرطة وحباً جنونياً للظهور كما أن استخدامه بإفراط يشير إلى وجود فجوة في العلاقات بين أفراد الأسرة الواحدة وهو ناتج عن افتقاد الشعور بالحب والحنان ويشير المختصون أن هناك 3 مستويات من هذا الاضطراب وهي: - الاضطراب الخفيف: التقاط الصور لا يقل عن 3 مرات في اليوم ولكن لا يتم نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي. - الاضطراب الحاد: التقاط الصور لا يقل عن 3 مرات في اليوم ويتم نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي. - المزمن: لا يمكن السيطرة على الرغبة في التقاط الصور الذاتية على مدار الساعة ونشر الصور على مواقع التواصل الاجتماعي أكثر من 6 مرات في اليوم. ووفقاً ل APA لا يوجد حالياً أي علاج لهذا الاضطراب ويتوافر العلاج المؤقت من خلال العلاج السلوكي المعرفي. خطورة التمادي في التقاط السيلفي مع انتشار ظاهرة ال(Selfie) بين الأطفال والمراهقين في جميع أنحاء العالم بدأ التحدي بين بعضهم البعض في التقاط أخطر الصور وذكرت إحصائية حديثة أن هوس السلفي يقع في الفئة العمرية التي تتراوح ما بين 12 و24 عاماً والتي تعد المرحلة العمرية الأخطر فقرابة 11 من المراهقين يعترفون بأنهم يلتقطون صوراً لأنفسهم أثناء القيادة أو السير في الشارع مقارنة ب7 لجميع المراحل العمرية الأخرى مما يتسبب في وقوع حوادث قد تودي بحياتهم في كثير من الأحيان بسبب التشتت. ويشير المختصون أن أكثر المستخدمين لشبكات تويتر وبينتر إيست وانستغرام من الفئة العمرية السالف ذكرها بالإضافة إلى قائدي السيارات المتهورين الذين يجازفون بحياتهم من أجل صورة شخصية رغم التحذيرات والنداءات التي تندد بخطورة استخدام الهواتف المحمولة أثناء القيادة. مغامرة بالحياة وفي هذا السياق نذكر مراهقاً حاول التقاط فيديو Selfie بالقرب من سكّة قطار ولكن القطار فاجأه ومر مسرعاً لدرجة أن رأسه ارتطم بقدم سائق القطار لكنّه نجا بأعجوبة كذلك لقيت فتاة إيطالية مصرعها أثناء محاولتها التقاط صورة Selfie لنفسها من أعلى قمّة في الواجهة البحرية جنوبإيطاليا حيث كانت في رحلة مدرسية وسقطت من علوّ 60 قدماً على الصخور كما أن فتاة أمريكية التقطت صورة Selfie لها أثناء القيادة ونشرتها على الفيس بوك ثم لقيت حتفها بعدها بدقيقة واحدة إثر حادث تسبّب به استخدام الهاتف الجوال أثناء القيادة. رقابة الأطفال ضرورة قصوى يمكن القول إنّ السبب الرئيسي في انتشار صور السلفي يتمثل بسهولة التقاطها والتحكّم بها فيما يتنوع الهدف منها فنجد من يهوى السلفي كوسيلة للتسلية ومنهم من يجدها محاولة لخلق علاقة أكثر ألفة مع الأصدقاء على مواقع التواصل الاجتماعي. ويوصي المختصون بضرورة مراقبة الأهل للطفل أو المراهق الذي يهوى التقاط مثل هذه الصور للتعرف على الأسباب التي دفعته لذلك ومحاولة تفاديها والعمل بجد على ملء وقت فراغه ولفت نظره لأمور أخرى أكثر نفعاً مثل: تشجيعه على ممارسة رياضة معينة أو تعلم مهارات فنية أو دفعه إلى مشاركة اجتماعية بإلحاقه بالنوادي والتجمعات الثقافية والعلمية. كما يجب توجيه الطفل إلى أن التقاط الصور ونشرها سلوك تحكمه عدة ضوابط اجتماعية وليس له مطلق الحرية في القيام بهذا الأمر ويمكن إرشاده إلى الضوابط التالية: - علمي طفلك أن السيلفي يجب أن تحمل بين طيّاتها فكرة أو رسالة معيّنة فالصورة مثل الكلمة تتطلّب التفكير قبل نشرها حتى لا نندم عليها بعد ذلك. - أخبري طفلك بألا يغالي في نشر اللقطات بطريقة عشوائيّة على مواقع التواصل الاجتماعي فالناس ليست معنيّة برؤية صور تجسّد كلّ حركة يقوم بها على مدار الساعة إذ عبر الكثيرون عن كرههم لهذه الظاهرة مما يدفعهم أحياناً إلى حذف أصدقائهم مدمني السلفي. - انصحي طفلك بأخذ سلفي تعكس صورة لائقة وأن للصورة حرمتها فلا يصح أن يلتقط صورة في غرفة النوم أو الحمام أو متجرداً من بعض ملابسه. - علمي طفلك أن نشر الصور على مواقع التواصل يمكن أن يكون سبباً في تعريض الأسرة والطفل نفسه للخطر فكم من حوادث ارتكبت نتيجة استعراض مقتنيات ثمينة أو كشف ثروات عائلية جذبت اللصوص والمجرمين. - علمي طفلك أن الصور السلفي الجماعية غير مسموح له بنشرها إلا بعد موافقة المجموعة الموجودة بالصورة حيث يمكن أن يسبب نشر هذه الصور مشاكل اجتماعية في مجتمعاتنا العربية خاصة لو أن تلك الصور كانت تجمع ذكوراً وإناثاً.