مخطط عمل الحكومة يُعرض على مجلس الأمة اليوم ** ف. زينب سيكون الوزير الأول أحمد أويحيى أمام امتحان جديد اليوم الاثنين حين يقدم عرضا عن مخطط عمل حكومته امام أعضاء مجلس الأمة وذلك بعد حصوله الأسبوع المنصرم على مصادقة الأغلبية الساحقة لنواب المجلس الشعبي الوطني ولا يُستبعد أن يقف عدد من السيناتورات المحسوبين على المعارضة وقفة رجل واحد للتعبير عن رفضهم لبعض الخيارات الحكومية التي سيكون أويحيى مطالبا للدفاع عنها من جديد بالعمل والأدلة . ومن المقرر أن تتبع الجلسة العلنية المخصصة لعرض مخطط عمل الحكومة والتي تأتي وفقا للمادة 94 من الدستور بمناقشة عامة تستمر إلى غاية يوم الثلاثاء من الأسبوع الجاري ليفسح المجال يوم الخميس المقبل أمام الوزير الأول للرد على استفسارات و انشغالات أعضاء مجلس الأمة الذي بإمكانهم اصدار لائحة بشأنه. ويحتوي مخطط عمل الحكومة الذي يعد ورقة طريق لاستكمال مسار تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية على سلسلة من الإجراءات التي ترمي إلى الحفاظ على أمن البلاد واستقرارها ووحدتها ومواصلة تدعيم الديمقراطية التعددية ودولة القانون وعصرنة الحكامة مع تحقيق معادلة ضمان التوازن المالي للبلاد في ظل الأزمة الاقتصادية ومواصلة تمويل البناء الوطني . تدابير جديدة ولهذا الغرض عرف مخطط عمل الحكومة إدراج تدابير تصب في خانة تكريس مبادئ الدستور والديمقراطية حيث تم التأكيد من خلاله على التعاون الكامل مع البرلمان من خلال تنظيم خلايا مختصة في العلاقات مع البرلمانيين قصد تسهيل الإصغاء إليهم والتكفل بانشغالات المواطنين وكذا السهر على احترام حرية الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية وفي شبكات التواصل الاجتماعي في إطار القانون وتطوير وسائل الإعلام الوطنية بمختلف تركيباتها في ظل احترام الأدبيات والأخلاقيات المهنية . أما بخصوص السياسة الوطنية للتنمية الاجتماعية فيسعى ذات المخطط إلى المواصلة في هذا النهج من خلال تحسين أنظمة الصحة والتضامن الاجتماعي وتعزيز النظام الوطني للتقاعد وخلق مناصب الشغل . ففي الشأن الصحي ترتكز سياسة الحكومة على مواصلة تعزيز الشبكة الهيكلية التي تم تطويرها ما بين 2000 و2017 علاوة على العمل على التكييف التدريجي لنمط الحكامة فيما يخص المنظومة الوطنية للصحة من خلال وضع إطار تشريعي يعيد تأهيل التخطيط وضبط العرض وتلتزم بدراسة مشروع القانون المتعلق بالصحة الذي تم إيداعه على مستوى البرلمان وإثرائه والمصادقة عليه . وفي ذات الإطار يتطرق مخطط عمل الحكومة إلى منظومة الضمان الاجتماعي والتقاعد حيث يعتزم الجهاز التنفيذي تحسين جاذبية ترتيبات التقاعد وتمويله من خلال رصد موارد جديدة للتمويل غير اشتراكات العمال وتوسيع قاعدة الاشتراك وكذا مراجعة معدلات الاشتراك لبعض أصناف المؤمن لهم اجتماعيا الذين تتكفل بهم الدولة بالإضافة إلى إنشاء فرع للتقاعد التكميلي ضمن الصندوق الوطني للتقاعد ولدى صندوق الضمان الاجتماعي لغير الأجراء . أما فيما يتعلق بالمنظومة التربوية فسيرتكز تطوير هذا الجانب على المكتسبات المحققة بعد قرابة عقدين من الجهود التي بذلت. ففيما يتصل بتحسين ظروف العمل يؤكد مخطط عمل الحكومة على أن هذه الأخيرة ستسهر على رفع الحظيرة البيداغوجية للتربية الوطنية وكذا المرافق التابعة لها عبر مواصلة بناء المؤسسات المدرسية من ابتدائيات ومتوسطات وثانويات على ضوء الاحتياجات الجديدة والاستدراكات في المناطق التي تكون فيها كثافة الاستغلال كبيرة وقصد وضع حد لنظام الاستخلاف المزدوج. تنسيق.. ولهذه الغاية سيتم ضمان أكبر قدر من التنسيق بين قطاعي السكن والتربية من أجل إنجاز المنشآت المدرسية التي يتعين أن ترافق تسليم المجمعات السكنية الجديدة يضيف المخطط الذي كشف أيضا عن خضوع البطاقة المدرسية لدراسة استشرافية من أجل تحديد الحاجيات الجديدة التي سترافق ارتفاع نسبة النمو الديمغرافي. وفي الوقت نفسه ستبذل جهود خاصة لصيانة وتأهيل المؤسسات المدرسية وتطوير شبكة المطاعم المدرسية حسب الحاجة وتعزيز النقل المدرسي لا سيما في المناطق الريفية إلى غير ذلك من الإجراءات. كما ستتمحور الأولويات التسلسلية في هذا القطاع حول تحسين نوعية التمهين مع تركيز استراتيجي على الطور الابتدائي بصفته مرحلة هيكيلة قاعدية لتمهين التلاميذ و التركيز على المواد الأساسية المتمثلة في اللغة العربية والرياضيات واللغات الأجنبية فضلا عن تنقيح نظام التقييم البيداغوجي المتواصل ونظام الامتحانات الرسمية الوطنية لا سيما امتحان نهاية الطور الابتدائي والبكالوريا يضاف إلى كل ذلك مواصلة تعميم التعليم التحضيري وتعليم الأمازيغية بصفة تدريجية و التربية الشاملة للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة وكذا تطوير التعليم الرياضي والثقافي و تنمية حس المواطنة لدى التلاميذ بمساهمة التربية الإسلامية والتربية المدنية حيث من الواجب أن تساهم هذه المقاربة في القضاء على العنف الجسدي واللفظي في الوسط المدرسي . وفي سياق مغاير يؤكد مخطط عمل الحكومة على سهر الدولة في سبيل الحفاظ على أمن البلاد واستقرارها ووحدتها مع مواصلة مكافحة الإرهاب وسياسة المصالحة الوطنية التي بادر بها رئيس الجمهورية وزكاها الشعب الجزائري . كما تسعى الحكومة إلى وضع إجراءات احترازية بغية حماية الشباب من جميع أشكال التطرف والانحراف والإبقاء على اليقظة على مستوى الحدود للوقاية من أي تهديد ناجم عن بؤر انعدام الاستقرار في الجوار وارتباط الارهاب بالجريمة المنظمة . تخوفات أما في الشق الاقتصادي فقد تضمن المخطط قرار الحكومة اللجوء إلى التمويل غير التقليدي الداخلي وهي الخطوة التي شرع في التحضير لها من خلال إيداع مشروع قانون يعدل قانون النقد والقرض لدى البرلمان من أجل الترخيص لبنك الجزائر باقتناء مباشر للسندات التي تصدرها الخزينة. وتجاه التخوفات التي كانت قد أبدتها العديد من الجهات بخصوص الإسقاطات الاقتصادية المحتملة لإجراء من هذا النوع كان السيد أويحيى قد طمأن بأن هذا التمويل الاستثنائي سيكون محدودا لمدة أقصاها خمس سنوات ترافقه إصلاحات اقتصادية ومالية بغرض استعادة توازن المالية العمومية وكذا توازن ميزان المدفوعات فضلا عن تمكين الدولة من مواصلة سيرها بصفة عادية دون أن تفرض على المواطنين العديد من الضرائب الجديدة . وكانت جلسات المناقشة التي احتضنتها الغرفة السفلى للبرلمان بهذا الخصوص قد شهدت تدخلات سجلت من خلالها أحزاب الأغلبية دعمها الكامل لما جاء به مخطط عمل الحكومة من منطلق كونه تجسيدا للسياسة الرشيدة للحكومة والتي ستمكن من الحفاظ على السيادة المالية للبلاد في حين لم تتوان التشكيلات السياسية المحسوبة على المعارضة عن الإعراب عن تشكيكها في جدوى هذا الإجراء الذي كان من الممكن الاستغناء عنه عن طريق تدابير أخرى على غرار تحسين التحصيل الجبائي واستيعاب الكتلة المالية المتداولة في السوق الموازية ومحاربة التهرب الجبائي وغيرها. سنحاول إقناعكم بالعمل والأدلة.. وفي رده على كل ذلك كان الوزير الأول قد كشف عن تأسيس هيئة مستقلة تكون منضوية تحت وصاية رئيس الجمهورية توكل إليها مهمة مراقبة تنفيذ مخطط عمل الحكومة وكذا مسايرة عملية التمويل غير التقليدي المرتقبة في هذا البرنامج. كما أكد في ذات المنحى أن الحكومة ستعمل على إقناع الشعب والمعارضة ب العمل وبالأدلة حيث انتهز فرصة رده على النواب لطمأنة الشعب وممثليه بأن الجزائر ستستمر في تقدمها اقتصاديا واجتماعيا تحت قيادة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وذلك بالرغم من انتقادات من دأبوا على وصف برامجه التنموية على مر السنوات ب الفاشلة مستعرضا هذا الإطار مختلف الإنجازات المحققة تحت رئاسته ليّذكر أيضا بأن رئيس الدولة يحظى بالتفاف الشعب الجزائري وبالجيش الوطني الشعبي حوله من حيث هو قائده الأعلى . كما ثمّن بالمقابل تدخلات نواب أحزاب الأغلبية الرئاسية بشأن محتوى المخطط خاصا بالذكر جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وتجمع أمل الجزائر والحركة الشعبية الجزائرية دون إغفال كتلة النواب الأحرار والتي أضاف إليها تدخلات المعارضة المتحضرة .