يعرض الوزير الأول أحمد أويحيى، اليوم، أمام نواب المجلس الشعبي الوطني مخطط عمل الحكومة الهادف إلى مواصلة تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية، حيث تسعى الحكومة من خلال هذا المخطط إلى تعزيز الديمقراطية ودولة الحق والقانون وتطوير الاقتصاد الوطني عبر ترقية الاستثمار وتدعيم استقرار وأمن البلاد، مع الحفاظ على الطابع الاجتماعي التضامني للدولة وتكريس مبادئ سياستها الخارجية القائمة على دعم القضايا العادلة ورفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول. بالرغم من أن المنحى الذي ستتخذه جلسات مناقشة مشروع مخطط عمل الحكومة بالمجلس الشعبي الوطني، يبدو محددا مسبقا بعد أن أعربت أحزاب الأغلبية البرلمانية الأربعة في اجتماعها الثلاثاء المنصرم، مع الوزير الأول أحمد أويحيى، بقصر الحكومة عن التزامها بتمرير المخطط والعمل على إنجاح تطبيقه في الميدان، إلا أن ذلك لن يثني السيد أويحيى عن لعب كل الأوراق المتاحة أمامه، لاقتناع ممثلي الشعب بمن فيهم المنزويين تحت لواء المعارضة السياسية في بتبنّي الحلول المقترحة لتجاوز الظرف الصعب الذي تمر به البلاد، وإبراز كافة الحجج والمبررات الداعمة لخيارات الحكومة ومحاور سياستها المتضمنة في محاور الخمسة التي تشملها وثيقة المخطط، وذلك في إطار البحث عن أكبر قدر من التوافق بين مختلفات مكونات الطبقة السياسية الوطنية حول خطة علاج الأزمة الاقتصادية والمالية. ومما لا شك فيه أن الوزير الأول، سيغتنم فرصة وقوفه أمام ممثلي الشعب لشرح حقيقة الوضع التي تمر به البلاد، والذي بالرغم من كون مؤشراته الاقتصادية تنذر بوضعية معقدة بالنسبة لسنة 2018، إلا أن لغة التطمين والتفاؤل لن تغيب عن خطاب السيد أويحيي الذي وعد الشعب الجزائري بعرض تفاصيل رسالة الأمل والطمأنينة، التي أعلن عنها قبل أيام، وذلك سعيا منه إلى تفويت الفرصة على «أصحاب حملات التشكيك وتسويد الوضع» والتي اعتبرها مجرد محاولات لتسويه الوضع لا تخرج عن إطار الحملة الانتخابية المسبقة للمحليات. من جهتها ستسعى المعارضة البرلمانية إلى إظهار أولى معالم اعتراضها على بعض القرارات التي تعتزم الحكومة تنفيذها في إطار الحلول والإجراءات التي تم تبينها خلال مجلس الوزراء الأخير، حيث يرتقب أن يطغى الجدال الدائر حول تعديل مشروع قانون النقد والقرض على أشغال جلسات مناقشة مشروع مخطط الحكومة، بالنظر إلى الغموض الذي لا زال يطبع النقاش الدائر في الأوساط والسياسية والاقتصادية حول خيار اللجوء إلى أنماط التمويل غير التقليدي لدعم موارد خزينة الدولة، أو ما اصطلح على تسميته بمفهوم أبسط «طبع النقود لتمويل الخزينة». بعيدا عن الأجواء والظروف العامة التي يرتقب أن يشهدها بهو المجلس الشعبي الوطني بمناسبة عرض الوزير الأول لمخطط عمل الحكومة، تبقى في وثيقة المخطط التي جاءت في 44 صفحة، حاملة للعديد من التدابير العملية التي تسعى من خلالها الحكومة إلى مواصلة سياسة الاصلاحات الوطنية وتكريس أحكام الدستور الجديد، ودعم برامج التنمية الوطنية في مختلف جوانبها، حيث يلتزم الجهاز التنفيذي في إطار تجسيد المحور المتعلق بتكريس مبادئ الدستور والديمقراطية وبناء دولة الحق والقانون، على التعاون الكامل مع البرلمان من خلال تنظيم خلايا مختصة في العلاقات مع البرلمانيين قصد تسهيل الإصغاء إليهم والتكفل بانشغالات المواطنين وكذا السهر على احترام حرية الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية وفي شبكات التواصل الاجتماعي في إطار القانون وتطوير وسائل الإعلام الوطنية بمختلف تركيباتها في ظل احترام الأدبيات والأخلاقيات المهنية. وبخصوص السياسة الوطنية للتنمية الاجتماعية يسعى مخطط عمل الحكومة إلى مواصلة هذا النهج من خلال تحسين أنظمة الصحة والتضامن الاجتماعي وتعزيز النظام الوطني للتقاعد وخلق مناصب الشغل. كما تعتزم الحكومة العمل على تعزيز أداء منظومة الضمان الاجتماعي والتقاعد، من خلال تحسين جاذبية ترتيبات التقاعد وتمويله عبر رصد موارد جديدة للتمويل غير اشتراكات العمال وتوسيع قاعدة الاشتراك وكذا مراجعة معدلات الاشتراك لبعض أصناف المؤمن لهم اجتماعيا الذين تتكفل بهم الدولة، بالإضافة إلى إنشاء فرع للتقاعد التكميلي ضمن الصندوق الوطني للتقاعد ولدى صندوق الضمان الاجتماعي لغير الأجراء. وفي الجانب المالي تتضمن خطة عمل الحكومة سلسلة من الإجراءات الرامية إلى تحسين الحكامة المالية للبلاد عن طريق عصرنة إدارة المالية والقطاع البنكي وسوق المالية وكذا إجراء جديد يتمثل في اللجوء الاستثنائي للتمويل غير التقليدي الموجه لميزانية الاستثمار. كما يتمحور مسعى الحكومة ضمن نفس الخطة حول الحاجة الماسة إلى التحكم في النفقات العمومية وتحسين عملية تحصيل الموارد الجبائية العادية وتحسين تسيير أملاك الدولة، بغرض إعادة التوازن لميزانية الدولة، حيث تراهن الحكومة ضمن هذا المسعى على مواصلة جهود الإصلاحات التي تمس الإدارة الجبائية مع إرساء الجباية المحلية، فضلا عن إصلاح سياسة الدعم العمومي. علاوة على المحاور المتصلة بدعم الإصلاحات السياسية وترقية عوامل النمو الاقتصادي والاجتماعي، يؤكد مخطط عمل الحكومة على سهر الدولة من أجل الحفاظ على أمن البلاد واستقرارها ووحدتها مع مواصلة مكافحة الإرهاب وسياسة المصالحة الوطنية التي بادر بها رئيس الجمهورية وزكّاها الشعب الجزائري. وتسعى الحكومة في هذا الإطار إلى وضع إجراءات احترازية بغية حماية الشباب من جميع أشكال التطرف والانحراف وتنظيم عمل المساجد وحماية الأئمة مع الإبقاء على مستوى عالي من اليقظة بالحدود للوقاية من أي تهديد ناجم عن بؤر انعدام الاستقرار في الجوار وارتباط الارهاب بالجريمة المنظمة. كما يمنح مخطط الحكومة مكانة متميزة لسياسة الجزائر الخارجية القائمة على مواصلة دبلوماسية حركية والمساهمة في السلم والدفاع عن القضايا العادلة وترقية الإخوة وتطوير علاقات التعاون مع دول الجوار وكافة الدول الصديقة والشقيقة.