صَحِبَ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في حِلّه وترحاله فكان يَلجُ عليه ويُلبِسُه نعليه ويمشي أمامه ويَسْتُرُه إذا اغتسل ويوقظه إذا نام قال عنه ابن حجر: أحد السابقين الأولين أسلم قديماً وهاجر الهجرتين وشهد بدراً والمشاهد بعدها ولازم النبي صلى الله عليه وسلم وكان صاحب نعليه . وهو أوّل من جهر بالقرآن الكريم بمكّة وناله من ذلك أذىً كثيراً وشارك المسلمين في غزوة بدر وهو الذي قام بالإجهاز على أبي جهل يومها وقال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (مَن أَحَبَّ أن يقرأَ القرآن غضّاً كما أُنْزِل فَلْيَقْرَأْ على قراءة ابنِ أُمِّ عبد ) رواه الطبراني وصححه الألباني وفي رواية أحمد: (من سَرَّهُ أن يقرَأ القرآن كما أُنْزِل فلْيقْرأ على قراءة ابن أمِّ عبد) وقد ذُكِرَ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عِند عبد الله بن عمرو رضي الله عنه فقال: ذاك رجلٌ لا أزالُ أُحِبُّه سَمِعتُ النبيَّ صلى اللهُ عليه وسلم يقول: (خُذوا القرآنَ من أربعة: من عبد الله بن مسعود - فبدَأ به - وسالم مولى أبي حُذَيفة ومُعاذ بن جبل وأُبَيِّ بن كعب) رواه البخاري.. وقال صلى الله عليه وسلم عن ساقيه الصغيرتين التي اشتهر وعُرِف بهما: (والذي نفسي بيده لهما أثقل في الميزان من أُحُد (جبل أحد)) رواه أحمد وحسنه الألباني. وهو عبد الله بن مسعود رضي الله عنه الذي قال عن نفسه مع القرآن الكريم: واللهِ ما نزل من القرآنِ شيءٌ إلَّا وأنا أعلمُ في أيِّ شيء نزل وما أحدٌ أعلمَ بكتاب الله منِّي وما أنا بخيركم ولو أعلم مكاناً تبلغُه الإبل أعلم بكتاب الله منِّي لأتيتُه .. لقد كان الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أحد النماذج التي تربت على يد النبي صلى الله عليه وسلم وكان شديد القرب منه والاقتداء به حتى قال حذيفة رضي الله عنه: أشبه الناس دلّاً (حُسن الحركة في المشي والحديث وغيرهما) وسَمْتاً (حسن المنظر في أمر الدين) وهدياً (في السكينة والوقار وفي الهيبة والمنظر والشمائل) برسول الله صلى الله عليه وسلم لَاَبْنِ أمّ عبد قال ابن حجر: لَاَبْنِ أم عبد : بفتح اللام وهي تأكيد بعد التأكيد وفي الحديث فضيلة لابن مسعود جليلة لشهادة حذيفة له بأنه أشد الناس شبهاً برسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الخصال .. ومن ثم كان أصحاب عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ينظرون إلى سمته وهديه فيتشبهون به وكان الدافع لهم على ذلك حديث حذيفة رضي الله عنه ومن ثم صدق فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنك غلام مُعَلَّم).