المرضى يعانون التهميش والإقصاء الأمراض العصبيّة تتفشى في المُجتمع الجزائري حالات قد تتطوّر إلى إحداث صدمات نفسية عنيفة تكون نهايتها مستشفيات الأمراض العقلية التي أصبحت تعجّ بالآلاف من المرضى العقليين سنوياً من مختلف الفئات العُمرية أو الطبقات الاجتماعية أو التعليمية ومن الجنسين على السواء وهو ما يتوجب على السلطات المعنية في الجزائر اتخاذ كافة الإجراءات الضرورية للحد من هاته الظاهرة التي تتفشى بشكل كبير في الجزائر. عميرة أيسر الأمراض العصبيّة العقلية والعصبيّة والتي تُصيب الإنسان نتيجة اضطرابات عقلية أو صدمات نفسية عنيفة أو حالات اجتماعية أو أسرية صعبة تحفر عميقاً في ذاكرة الإنسان وتؤثّر سلباً على إدراكه العقلي والبسيكولوجي لدرجة أنها تفقده الحسَّ الإدراكي السليم وتذهب إرادته ولبّه وتجعل عقله مُضطرباً فظاهرة إصابة الجزائريين بهذه النوعيّة من الأمراض شهِدَت ارتفاعاً مُطرداً إذا كان هناك ما بين 20 إلى 30 ألف جزائري مصابون بها في سنة 2012 ليقفز الرقم لأكثر من 500 ألف مُصاب بهذه النوعيّة من الأمراض. فمُعظم مَن يفترشون الطرقات من المُتسوّلين والمُشرّدين بنسبة أكثر من 30 بالمائة هم مُصابون بمختلف الأمراض العصبيّة والعقلية وسْط غياب الرقابة الأمنية أو المُتابعة الصحية لحالات هؤلاء الذي يشكّلون خطراً مُحدقاً على السلامة المجتمعية ككل فالجزائر التي عانت طوال العشرية السوداء من أحداث أمنية جسيمة ألقت بظلالها على هذه الظاهرة حيث يؤكّد المُختصّون بأن ما جرى خلالها من أحداث أليمة وفقدان الكثير لعائلاتهم وأصدقائهم وربما كل شيء كانوا يمتلكونه أدّى بهم إلى الإصابة باضطرابات نفسيّة حادَّة وعدم اتِّزان في الشخصية وبالتالي إلى إصابتهم بحالات من الجنون والأمراض العقلية المُستعصية العِلاج كما أن التغيّرات الاجتماعية والاقتصادية التي شهدتها البلاد والضغوطات التي يتعرّض لها الكثير من الأشخاص نتيجة عوامل شخصية وأسرية ومجتمعية والعجز عن مواجهة مصاعب الحياة وتعقيداتها يؤدّي بهؤلاء إلى الهروب من واقعهم الحياتي والعيش في عوالم افتراضية غير موجودة على أرض الواقع وهو ما يدفعهم إلى التخلّي تدريجاً عن التفاعُل الايجابي مع محيطهم سواءً في العمل أو على الصعيد الأسَري...الخ والدخول في حالات من الاكتئاب والانزواء ورفض تقبّل الحقائق كما هي وهذه الحالات قد تتطوّر إلى إحداث صدمات نفسية عنيفة تكون نهايتها مستشفيات الأمراض العقلية التي أصبحت تعجّ بالآلاف من المرضى العقليين سنوياً من مختلف الفئات العُمرية أو الطبقات الاجتماعية أو التعليمية ومن الجنسين على السواء. ضحايا سواء لقِيَم مجتمعية مغلوطة فهذه الحالات المرضية التي يُصاب بها العديد من الأشخاص والذين هم حسب وجهة نظر عُلماء النفس وعُلماء الاجتماع عبارة عن ضحايا سواء لقِيَم مجتمعية مغلوطة أو عدم فهمهم من طرف محيطهم والتعامل معهم على أساس أنهم مرضى يستحقّون كل الرعاية والإهتمام في غياب التفهّم أو مراكز للإصغاء النفسي والاجتماعي لتفكيك مختلف الضغوطات التي يعاني منها الفرد المُجتمعي قبل أن تتفاقم حالته ويصبح من المُسَّجلين في قوائم المُصابين بهذه النوعيّة من الأمراض وتختلف أنواع الأمراض العقلية والعصبيّة التي يعاني منها المجتمع الجزائري ولكن أكثرها شيوعاً وانتشاراً ربَّما في الآونة الأخيرة هي أمراض انفصام الشخصية وعدم الاتّزان العقلي والنسيان الشامل والعابر وداء الوسواس القهري..الخ. وكما يرى البروفيسورمحمّد شكالي المُختصّ في الأمراض النفسية والعصبيّة فإنَّ هذه النوعيّة من الأمراض تتطلّب تضافُر الجميع من أجل أن يستطيع المريض مقاومتها وبالتالي التكيّف مع مختلف أنواع العلاجات التي تُعطى داخل المصحَّات أو المستشفيات المختصّة لأنَّ الأدوية التي يصفها الأطباء لعِلاج هكذا نوعيّة من الأمراض لن تُجدي نفعاً في غياب الاهتمام النَّفسي والرعاية الأسَرية ومما يُفاقم ويزيد من ألم ومُعاناة مرضى الأمراض العقلية والعصبيّة هو أنهم يعانون التهميش والإقصاء في ظلِّ الإهمال و اللامبالاة التي يجدونها من الجميع على الأغلب سواءً على الصعيد المادي أو المعنوي وسط نظرة دونيّة لهم لا ترحمهم ولا تراعى حالاتهم التي لا أحد منا في مأمن من أن يُصاب بها يوماً ما. مجهودات متواصلة للحد من تفاقُم نسبة المرضى ويجب على المراكز الاستشفائية ووزارة الصحة وإصلاح المستشفيات وكذلك وزارة التضامن الوطني والأسرة الإسراع في تبنّي مُخطّط وطني عاجِل يُشرف على إعداده خبراء نفسيّون ومُختصّون اجتماعيّون وأطباء مشهود لهم بالكفاءة والمهنية العالية للحدِّ من تفاقُم نسبة المرضى باضطرابات عقلية ونفسيّة لأنها تؤثّر سلباً وبدرجة كبيرة مع مرور الوقت على الأمن المجتمعي فهؤلاء المرضى وخاصة الذين يعيشون بعيداً عن رقابة أجهزة الدولة ومؤسّساتها قد يتحوّلون إلى أداة قد تستعملها عصابات الجريمة المُنظّمة أو غيرها لارتكاب مختلف أنواع الجرائم الخطيرة والهرب من العدالة بحجّة أن مَن يرتكبونها هم أناس لا يتمتّعون بالأهلية العقلية اللاَّزمة لمحاكمتهم أو في أعمال تضرّ بأمن المجتمع بصفة عامة لأن الصحة العقلية والعصبيّة للأفراد تُساهم في حماية المجتمع من كل التبعات السلبية التي لا يظهر خطرها آنياً وإنما في المستقبل المنظور وعلى الجهات الوصيّة أن تحاول قدر الإمكان علاج أكبر شريحة مُمكنة من هؤلاء المرضى والتكفّل بجميع انشغالاتهم وألا تتركهم للمجهول أو للشَّارع الذي قد يستغلّهم فيه الكثيرون وأن تعمل وسائل الإعلام الوطنية المختلفة على نشر التوعية والتحسيس في أوساط المجتمع لتغيير الذهنية المجتمعية ومحاولة طرح هذه المواضيع للنقاش حتى نزيد من التوعية داخله وبالتالي نسهّل على هؤلاء المرضى باضطرابات عقلية أو عصبية حياتهم اليومية وكذلك نساعد المُختصّين والأطباء على القيام بواجبهم اتجاه هؤلاء المرضى على أكمل وجه لأنهم لن يستطيعوا لوحدهم فعل ذلك ما لم يتلقّوا الدَعم والمُساندة من الجميع في النهاية.