بقلم الشيخ: قسول جلول شهر رمضان المعظم فرصةٌ عظيمة لمن يُغفل أهمية صلة الرحم ولمن يقصد إهمال هذا العمل الكبير الذي يظهر جزاؤه على الإنسان عاجلًا إذا كانممتثلًا لأوامر الله تعالى وسنَّة نبيه صلى الله عليه وسلم ففي سنن ابن ماجه عن عائشة رضِي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أسرَعُ الخير ثوابًا البرُّ وصِلَةُ الرَّحِم وأسرَعُ الشر عقوبةً البغيُ وقطيعةُ الرَّحِم)) شهر رمضان يفتح للناس التنافس في الأعمال الصالحة كما أمر بذلك رب العالمين فقال:تعالى( وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَة مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّة عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) آل عمران: 133 وقال: تعالى (وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ) المطففين: 26. ووعد جل وعلا بمضاعفة الأجور على الحسنات وجعل لذلك أسبابا ينبغي للمسلم أن يأخذ بها لينال رضا الله -جل وعلا- ويفوز بدار كرامته يوم القيامة. ولنا في أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- الأسوة في ذلك فقد كانوا يحرصون على الأعمال الفاضلة وخاصة في رمضان يسأل أحدهم النبي -صلى الله عليه وسلم-: يا رسول الله أي الأعمال أحب إلى الله؟ والآخر يقول: أي الأعمال خير؟ . والآخر يقول: دلني على عمل إذا عملته قربني من الجنة وأبعدني من النار؟ . كل ذلك حرصا منهم على التماس الخير ومضافة الأجور والبحث عن كل عمل ثوابه كثير وخاصة في الشهر الفضيل . كثيرًا ما يَخرج أفراد الأسرة للتنزُّه والتسوق في ليالي شهر رمضان المبارك ليقضوا أوقاتًا سعيدة يُروِّحون بها عن أنفسهم ولكن مِن المُمكن أن يقوم أفراد الأسرة بذلك ويَنالوا عظيم الأجر والثواب من الله عز وجل إذا قاموا بزيارة الأقارب والاستئناس بهم لأنَّ صلة الرحم لها عناية عظيمة وأهميَّة وأوليَّة في الذِّكر من بين سائر الأعمال الصالحة يقول تعالى: _ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض فِي ك تَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ _ [الأحزاب: 6]. وجعَل الله تعالى الوصيَّة بصلة الأرحام قرينةَ الوصيَّة بالتقوى فقال تعالى: _ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا _ [النساء: 1] أي: اتَّقوا لله تعالى بفِعلِ طاعته وترْك معصيته واتَّقوا الأرحامَ أن تقطَعوها ولكن صِلُوها وبرُّوها كما قاله ابن عبَّاس وغير واحد من السَّلَفِ. فأمَر سبحانه بصلة الأرحام بعد أمرِه بالتقوى مُنبِّهًا سبحانه على داعِيها وهو ما بين الناس من صِلة النسب وليدلَّ على أنَّ صلة الرَّحِم ابتغاء وجهه أثرٌ من آثار التقوى المباركة وعلامةٌ من عَلامات تمكُّنِها في القلوب ودليلٌ على صِدق الإيمان فأوصَلُ الناسِ لرحمه أكمَلُهم إيمانًا بربِّه وأتقاهم له ولهذا كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم أوصَلَ الناسِ لرَحِمِه وأتْقاهم له ولذلك ذكَّرَتْه خديجة بذلك عند أوَّل نزول الوحي حين قال لخديجة وأخبرها الخبر: ((إنِّي قد خَشيتُ على نفسي)) فقالت: كلا والله ما يُخزِيك الله أبدًا إنَّك لتصلُ الرَّحِم وتحمل الكلَّ وتَكسِبُ المعدومَ وتقري الضَّيف وتُعِين على نوائب الحق أخرجه البخاري (3) ومسلم ولقد كانت الدعوة لصلة الرَّحِم من أوائل ما دعا إليه النبي صلى الله عليه وسلم أوَّل بعثَتِه كما في الصحيح من حديث أبي سُفيان مع هرقل حين سأَلَه هرقل قائِلًا: فماذا يأمُرُكم - يعني: النبي صلى الله عليه وسلم -؟ قال أبو سيفان: قلت: يقول: ((اعبُدُوا الله ولا تُشرِكوا به شيئًا واترُكوا ما يقول آباؤكم)) ويأمُرنا بالصلاة والصدق والعَفاف والصِّلة جزء من حديث أخرجه البخاري. وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضِي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخِر فليَصِل رحمَه)) جزء من أخرجه البخاري فقد جعَل النبيُّ صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث صِلَةَ الرَّحِم من واجِبات الإيمان وعَلاماته. فشهر رمضان المعظم فرصةٌ عظيمة لمن يُغفل أهمية صلة الرحم ولمن يقصد إهمال هذا العمل الكبير الذي يظهر جزاؤه على الإنسان عاجلًا إذا كان ممتثلًا لأوامر الله تعالى وسنَّة نبيه صلى الله عليه وسلم ففي سنن ابن ماجه عن عائشة رضِي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أسرَعُ الخير ثوابًا البرُّ وصِلَةُ الرَّحِم وأسرَعُ الشر عقوبةً البغيُ وقطيعةُ الرَّحِم)) أخرجه ابن ماجه وأخرج الإمام أحمد بإسناد رُواته ثِقات والبزار عن سعيد بن زيد رضِي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: ((مِن أربى الربا الاستطالةُ في عِرضِ المسلم بغير حقّ وإنَّ هذه الرَّحِم شِجْنَةٌ من الرحمن فمَن قطَعَها حرَّم الله عليه الجنَّة)) أخرجه أحمد وأخرج أبو يعلى بسند جيِّد عن رجل من خَثعَم قال: أتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وهو في نفر من أصحابه فقلت: أنت الذي تزعُم أنَّك نبيٌّ؟! قال: ((نعم)) قلت: يا رسول الله أيُّ الأعمال أحبُّ إلى الله؟ قال: ((الإيمانُ بالله)) قلت: يا رسول الله ثم مَه؟ قال: ((ثم صلة الرَّحِم)) قلت: يا رسول الله أيُّ الأعمال أبغَضُ إلى الله؟ قال: ((الإشراك بالله)) قلت: يا رسول الله ثم مَه؟ قال: ((قطيعة الأرحام)) أخرجه السيوطي فصلوا أرحامكم في هذا الشهر الفضيل تتضاعف أعمالكم