اخبار اليوم ترصد أجواء تحضيرات العيد عبر ولايات الوطن عادات تغيب.. وأخرى تقاوم لأجل البقاء تعيش أغلب العائلات فرحة التحضيرات لعيد الفطر المبارك الذي لا يكاد يفصلنا عنه سوى سويعات معدودة بحيث شرعت أغلب النسوة في الاستعدادات قبل أسبوع من بلوغ العيد خاصة وأن المناسبة العظيمة تقترن بمجموعة من العادات والتقاليد التي لازالت تتمسك بها النسوة إلا أننا لا ننفي غياب بعضها في ظل الحياة العصرية التي تتطلب السرعة فتتضارب مع كل ما هو عريق وضارب في عمق التقاليد والأعراف. خ.نسيمة/ق.م يقترن عيد الفطر المبارك بتحضير الحلويات كعرف ملزم الى جانب القيام بالأشغال المنزلية من تنظيف وغسل للجدران واقتناء الأطقم الجديدة بحيث تبتهج أغلب الأسر لحلول مناسبة العيد على الرغم من اغتياظ الكثيرين من انقضاء الشهر الفضيل بعد ألفة شهر إلا أن العيد هو هدية من الله تعالى للصائمين بإتمام صيامهم وعباداتهم وتحكمه عادات وتقاليد عبر كامل ربوع الوطن تميز المجتمع الجزائري في الاحتفاء بالمواسم الدينية وتضفي عليها نكهة خاصة . حلويات تقليدية تقاوم الزوال بمستغانم لا تزال العائلات المستغانمية وعلى مر الزمن تحافظ على عادات وتقاليد أصيلة تتجدد مع كل مناسبة دينية لها طابع خاص كشهر رمضان الفضيل (ليلة النفقة وليلة القدر) أو ليلة ويومي العيد. وتظهر هذه العادات والتقاليد التي تقاوم الزوال وتزاحم العصر بشكل واضح في محافظة العائلات بمستغانم على أنواع معينة من الحلويات والمأكولات التقليدية التي يتم تحضيرها لهذه المناسبة الدينية والاجتماعية كالكعك والمشهدة والقوارط والمعمر وغيرها. الكعك و المشهدة يزاحمان الحلويات العصرية تبدأ العائلات المستغانمية في الأيام الأخيرة من شهر رمضان باقتناء مستلزمات حلويات العيد على غرار الكعك و الطورنو و المسكوتشة أو القبابش و التشاراك و المصيبحات حسبما ذكرته لوأج رئيسة جمعية الطبخ التقليدي لولاية مستغانم السيدة عائشة لصفر. وتقوم العائلات في حي تيجديت العتيق -وفقا للسيدة لصفر- باختيار دار الكعك وهي الحوش أو المنزل الذي ستجتمع فيه الجدات والأمهات القاطنات بنفس الحي لتحضير هذه الحلوى وتشارك في هذا الحدث النسوي بإمتياز كبيرات السن اللواتي يقمن بتقطيع العجين ووضع الشنان والجلجلان وحبة الحلاوة على الكعك قبل أن يبقى ليلة كاملة للتخمر ثم يتم إخراجه في الصباح إلى الأفران التقليدية تضيف السيدة لصفر. وبعد الكعك تقوم العائلات بإعداد حلويات أخرى كالمصيبحات باللوز والمقروط والقريوشة والبحلاوة (البقلاوة) التي تفضل النساء طهيها أيضا في الفرن التقليدي أو ما يسمى بالكوشة على غرار كوشة حوش و قورصو وغيرها تقول رئيس جمعية الأصالة السيدة فتيحة يونسي. ويتم -وفقا للسيدة يونسي- في الساعات الأولى من صباح العيد وبالتزامن مع ذهاب الرجال إلى المساجد لأداء الصلاة تحضير حلوى المشهدة أو المسمن وهي نوع من العجائن التي تم استبدالها في السنوات الأخيرة بحلويات أخرى. البركوكس بالعصبان في مائدة العيد... تقيم في اليوم الأول من عيد الفطر الجدة أو العمة الأكبر سنا وليمة خاصة يجتمع حولها أفراد العائلة والأقارب وحتى الجيران تضيف السيدة يونسي. يتم التحضير لهذه الوليمة -وفقا لذات المتحدثة- أياما قبل العيد وفي بعض الأحيان قبل الشهر الفضيل من خلال صناعة بعض العجائن التقليدية التي تميز موائد الإفطار كالمقطفة والقوارط وهي نوع من الشربة التقليدية. وبخلاف القوارط تفضل عائلات أخرى بالأحياء العتيقة لمدينة مستغانم طهي الطعام بالمعمر (نوع من الكسكس) أو البركوكس بالعصبان في مناطق المجاهر أو حتى الآكلة التقليدية المعروفة ب القاورمة أو القوارم . والقاورمة -وفقا للسيدة يونسي- طبق تقليدي شبيه بالقوارط يتكون من نوع من الشربة التقليدية أو ما يعرف ب الفداوش التي تتم صناعتها بالمنزل ويتم طهيها مع مرق اللحم وتزيينها بالبيض أو الجبن. وأكدت السيدة يونسي أن لمناسبة العيد بمستغانم فضلا عن الحلويات والآكلات التقليدية بعد إنساني واجتماعي آخر يتجاوز معاني المحافظة على العادات والتقاليد إلى معاني المودة والرحمة والأخوة كتبادل التهاني بين العائلات والمصلين أو ما يسمى بالتغافر (طلب المغفرة) وتبادل أطباق الحلويات وزيارة المقبرة. كما يحافظ المستغانميون -وفقا لذات المتحدثة- على عادة شراء اللباس الجديد لهذه المناسبة ويقبلون في العشر الأواخر من رمضان على المحلات والمراكز التجارية لاقتناء الملابس للأطفال وفي ليلة العيد يقوم الرجال بشراء العباءة للصلاة فيما تقتني النساء الجلابة . كعك النقاش ... حاضر بقوة لدى العائلات التنسية تشتهر العائلات المقيمة بدائرة تنس وضواحيها (55 كم شمال غرب ولاية الشلف) بتحضير خلال أيام السنة وخصيصا عيد الفطر المبارك ما يعرف ب كعك النقاش المتوراث منذ سنين طويلة عن الأجداد والأمهات حيث لم يمنع تطور صناعة الحلويات من اندثاره بل أصبح تقليدا وبصمة خاصة بهذه المنطقة التي تعرف بتاريخها العريق وكذا تمسكها بتقاليدها وموروثها. وصرّحت السيّدة مريم أستاذة الحلويات بمركز التكوين المهني بتنس أن كعك النقاش يعد من الحلويات الأساسية والدائمة الحضور في أفراح ومناسبات العائلات التي تقطن بكل من تنس سيدي عكاشة وقالول وهي حلوى يمتد تاريخها إلى مدينة تنس العتيقة حيث كانت النسوة تعكف على تحضيره وتوزيعه خلال مختلف الولائم لينتشر فيما بعد إلى بعض المناطق المجاورة كشرشال وبجاية. وتضيف السيّدة مريم أن الجدات والأمهات كنّ يصنعن كعك النقاش في البداية من الدقيق وباقي المكونات ليستعمل فيما بعد طحين القمح اللين (الفرينة) بديلا له مع السكر ومضافات أخرى فيما يبقى الشيء المميز فيه هو طريقة تزيينه وكذا مذاقه الخاص الذي يستهوي عديد الأجانب حتى أضحى مطلوبا بكثرة في محلات الحلويات. ورغم تطور مجال صناعة الحلويات لا يزال كعك النقاش إلى غاية اليوم يصارع مختلف الأنواع التي يتم تحضيرها خصوصا خلال مناسبة عيد الفطر المبارك حيث قالت في هذا الشأن السيّدة آسيا أن مختلف العائلات بمنطقة تنس وضواحيها تقوم بإعداد كعك النقاش كأول نوع من حلويات عيد الفطر ليتم فيما بعد الانتقال كمرحلة ثانية إلى باقي الوصفات. لا يمكن الحديث عن حلويات عيد الفطر دون كعك النقاش فهو وصفة تقليدية ورثناها عن أمهاتنا وتندرج ضمن عاداتنا (...) كعك النقاش وصفة غير مكلفة وكذلك صحية فهي تراعي مقدار السكر وهو ما من شأنه أن يسمح بتناوله لدى مرضى السكري تضيف السيّدة آسيا التي تؤكّد أن كعك النقاش أصبح اليوم موضة الحلويات وتعبيرا عن تقاليد أهل تنس خلال الأعراس المحلية بعد أن كان في وقت ما يستهلك فقط داخل العائلة. بدورها تعتبر الآنسة فاطمة من مركز المدينة أن كعك النقاش يمثل هوية منطقة تنس قائلة أن إعداده يشعرك انك لا تزال متمسكا بالعادات والتقاليد وعن تحضيره من عدمه في منزلها أوضحت أنها من محبي هذه الوصفة التي تحافظ على الذوق الطبيعي الممزوج بماء الزهر والمزينة بحبات القرنفل غير أنها تفضل اقتناءها من أهل الاختصاص حيث تبتاع كميات من محلات الحلويات أو تجلبها من لدى أفراد العائلة القاطنين بمدينة تنس. من جانبه قال سعيد (بائع حلويات بالشلف مركز) أن كعك النقاش يعد من الحلويات المطلوبة محليا حيث يفضل كثير من المستهلكين شراءه نظرا لذوقه المتميز وكذا عدم وجود المضافات وأنواع الكريمات التي قد تفسد سريعا مشيرا إلى أن مناسبة عيد الفطر تعرف تزايد الطلب على هذا النوع من الحلويات التي تصنف ضمن تقاليد المنطقة. وبطريقة تحضير بسيطة تجمع بين مقادير من الفرينة والسكر والزبدة والبيض بالإضافة إلى مبشور الليمون الطبيعي وحبات القرنفل التي تعتلي ديكوره المنقوش يدويا يستهويك كعك النقاش لتذوقه والعودة إلى تقاليد مدينة تنس العريقة تاريخيا خاصة في مناسبة عيد الفطر المبارك وكذا خلال الأعراس والحفلات المحلية. الحلويات التقليدية تتربع على العرش بتلمسان تشهد محلات بيع الحلويات بتلمسان هذه الأيام حركية كبيرة وطلبا متزايدا على بعض الأصناف من الحلويات التقليدية. وتسجل هذه المحلات بوسط المدينة إقبالا على شراء المقروط و القريوش و الصامصة و السيقار و الغريبية التي تعد من أقدم الحلويات التي تشتهر بها الولاية على مرّ العصور خاصة في مناسبة العيد وفق ما صرح به بخشي عبد المجيد صاحب أحد المحلات. وذكر نفس المصدر أن محله أصبح يبيع ما بين 40 حتى 50 كلغ يوميا للصنف الواحد من هذه الأنواع من الحلويات خلال الأيام الأخيرة لرمضان نظرا للطلب الكبير عليها من طرف الزبائن مشيرا إلى أن هذا الوضع استدعى توظيف المزيد من اليد العاملة لتحضير هذه الأنواع من الحلويات وآخرين لاستقبال الزبائن وتلبية الطلبات. وتعد فئة الرجال الأكثر إقبالا على هذا الحلويات التقليدية حيث يرى البعض منهم أنها تذكر بحنين الماضي والزمن الجميل الذي كان يجمع العائلة الواحدة على صينية قهوة عيد الفطر المبارك المزينة بهذه الأصناف من الحلويات . واعتبر البعض الآخر أنه بحكم ظروف عمل بعض الزوجات فقد أصبحن لا يستطعن تحضير هذه الحلويات التقليدية لأنها تتطلب وقتا وصبرا. وتختلف أثمان هذه الحلويات التقليدية ما بين 400 إلى 800 دج حسب نوعية الحشو المستعمل في بعض الأنواع منها كالصامصة والسيقار سواء كان الفول السوداني أو اللوز أو الجوز. ويرجع صاحب محل بيع الحلويات بخشي عبد المجيد أن الارتفاع الطفيف في الأسعار يعود لغلاء أسعار المواد الأولية لصناعة هذه الأنواع من الحلويات كالزيت والسكر والدقيق والسميد والتمر والمكسرات وغيرها. ورغم غلاء الأسعار تظل هذه الحلويات تحافظ على مكانتها وسط الحلويات العصرية الأخرى برونقها وبريقها وشكلها الجذاب. المقروط سلطان الصينية ... بقسنطينة يظل المقروط المعروف لدى العامة ب سلطان الصينية والذي يشكل أحد كلاسيكيات الحلويات التقليدية الجزائرية متربعا على عرشه بقسنطينة رغم العدد الكبير لأنواع الحلويات المقترحة في عديد كتب الطبخ و عبر الإنترنت. ويعد المقروط الذي يحضر أساسا من الدقيق المحشو بالتمر المطحون (الغرس) والسمن أحد أنواع الحلويات التي تحظى بشعبية كبيرة والأكثر استهلاكا من قبل القسنطينيين حيث تبدو الصينية من النحاس التي يتم وضعها من أجل استقبال الأقارب والجيران ناقصة في حال خلوها من هذا النوع. واعترفت أمال -وهي سيدة بيت وأم ل5 أطفال وتعد واحدة من الأشخاص المولوعين بالمقروط منذ نعومة أظافرها- بأنها لا يمكن تصور تمضية العيد دون وجود هذا النوع اللذيذ من الحلويات الذي يزين -حسبها- صينية القهوة التي تنمق بعناية لاستقبال الضيوف. وأوضحت في الوقت الراهن مع القنوات التلفزيونية والإنترنت أضحى لدى النساء عديد الخيارات من وصفات الحلويات التي تجمع بين الذوق والجمال المقترحة عليهن لكن يظل المقروط في نظري غير قابل للمقارنة هذا الى جانب أن مقادير تحضيره في متناول الجميع حتى الأسر ذات الدخل المتواضع . فمنذ سنتين باشرت هذه السيدة عملية بيع هذه الحلوى التقليدية وفق الطلب خلال مختلف المناسبات على غرار الأعياد الدينية وحفلات الختان والزواج. واستنادا للمتحدثة حتى وإن كانت عديد النساء العاملات أو الماكثات في البيت تقتنين مع اقتراب عيد الفطر مختلف أنواع الحلويات التقليدية التي تحضر باللوز والفول السوداني بأسعار باهظة من محلات بيع المرطبات والحلويات (من 2800 إلى 3500 د.ج للكيلوغرام الواحد) فإنهن تفضلن على العموم تحضير المقروط بأنفسهن بدل شرائه من بعض الحرفيات اللواتي يحضرنه على حسب الطلب. ومع حلول الأيام الأخيرة من شهر رمضان حيث يكون الطلب كبيرا جدا يحدث تشبع في الطلبات خلال الأسبوع الأخير من هذا الشهر الفضيل حسب ما أكدته من جهتها نادية وهي حرفية متخصصة في صنع الخبز التقليدي (خبز الدار) والكسرة والحلويات التقليدية المحضرة باللوز ولكن أيضا المقروط الذي لا غنى عنه. ويعد المقروط الذي يباع ب700 د.ج للكيلوغرام الواحد أو 2800 د.ج لصينية كاملة تتوفر على 4 إلى 5 كلغ من أكثر الحلويات المطلوبة والتي يتعين على نادية التي تلبيتها خلال الأيام الأخيرة من شهر رمضان وفقا لذات الحرفية التي أفادت في هذا الصدد بأنها تضطر لرفض الطلبات المتأخرة بسبب عبئ العمل الذي يقع عليها . مقروط خالي من بروتين الغلوتين لمرضى السيلياك حتى وإن كان المقروط مفضلا من طرف جميع الفئات العمرية فليس من الضروري أن يكون مفيدا لصحة جميع متذوقيه المولوعين به على غرار مرضى الاضطرابات الهضمية داء السيلياك الذي لا يلائمهم الغلوتين (بروتين موجود في بعض الحبوب مثل القمح والشعير والخرطال). و من أجل إيجاد بديل لمنع استهلاك ذلك المحضر من الدقيق المضر بصحة هؤلاء الأشخاص بادرت بعض النساء الماكثات في البيت إلى تحضير مقروط دون بروتين الغلوتين بالاعتماد على الذرة ومسحوق الأرز على وجه الخصوص. ويعرض هذا النوع -الذي يباع في عدد قليل من المحلات التي تقترح منتجات خالية من بروتين الغلوتين بقسنطينة- لاسيما بحي سيدي مبروك بمبلغ 250 د.ج ل12 قطعة علاوة على حلويات تقليدية أخرى يتم فيها تعويض الفرينة والدقيق بالذرة على وجه الخصوص. وتلقت السيدة مريم وهي أم لطفل مصاب بهذا المرض المزمن داء السيلياك و الذي يحتاج إلى حمية قاسية خالية من الغلوتين هذا الحل البديل بكثير من الفرح والارتياح.