في الوقت الذي ينشغل فيه العرب والعجم بمتابعة أخبار ما يعرف بالثورات العربية المشتعلة هنا وهناك، يضع الصهاينة أيديهم على قلوبهم ويتوجّسون خيفة أكثر فأكثر كلّما اقترب موعد 15 ماي الذي يصادف ذكرى مرور 63 سنة على احتلال أرض فلسطين، وهي مناسبة لن يسع الصهاينة الاحتفال بها هذه المرّة، بل لعلّهم يتمنّون لو أن شهر ماي من هذه السنة ينقضي مبتورا من يومه الخامس عشر بعد أن اتّفق مئات الآلاف من العرب والمسلمين على جعله يوما للزّحف على الأرض الفلسطينية لتحريرها من الأدران الصهيونية· وسواء قُدّر لانتفاضة الخامس عشر ماي 2011 النّجاح أو كان مصيرها غير ذلك، فإنها تبشّر بصحوة إسلامية وعربية تعد بأجيال من العرب والمسلمين بإمكانهم قلب الطاولة في وجه الكيان الصهيوني وتحويل موازين القوى العالمية على نحو يسمح لهم بتحقيق حلمهم المشترك·· تحرير فلسطين بعد ثورة مباركة تحتاج إلى مشاركة الجميع· وسواء كانت انتفاضة الخامس عشر ماي المنتظرة بداية لنهاية الصهاينة وانطلاقة حقيقية لتحرير فلسطين أو لم تكن كذلك، فإنها تحمل بشائر ميلاد وعي عربي وإسلامي مشترك يدرك أهمّية الرّهان على تحرير الأوطان ويعي أن تطهيرها من دنس المحتلّين أوّل الأولويات وأكبر التحدّيات· ولا شكّ في أن الرّعب الصهيوني اليوم لا يعود إلى خشيتهم من تفجّر الانتفاضة الثالثة يوم 15 ماي، بل لأنهم يعرفون أن هذه الانتفاضة مهما كانت مآلاتها تهدّد وجودهم وتؤكّد صدق وعد اللّه للمسلمين بتمكينهم في النّهاية من وراثة الأرض التي قال ربّنا بشأنها "يرثها عبادي الصالحون"· ويعرف الصهاينة أيضا أن العرب والمسلمين سيزحفون يوما نحو القدس لتحريرها وكلّ شبر من فلسطين، ويومها لن يبقى شعار "قادمون يا قدس" مجرّد شعار يُرفع في المسيرات، بل دستورا يزلزل الأرض من تحت أقدام بني صهيون·.