قراءة في كتاب حقوق الإنسان في الجزائر خلال الاحتلال الفرنسي -الحلقة الثانية. بقلم: الأستاذة سميرة بيطام يواصل البروفيسور خياطي سرده للحقيقة التاريخية في أن القانون الدولي في تصميمه الحالي دون رسميا بعد الحرب العالمية الثانية بالرغم من أن جذوره تعود إلى القرن التاسع عشر و هناك أكثر من 500 قاعدة عرفية قواعد سلوكية عهود واتفاقيات تم انشاؤها بين الكائنات البشرية من العصور القديمة إلى غاية حلول القانون الإنساني الدولي لضبط الصراعات والحروب... فأول القوانين التي تخص حقوق الحرب في المشرق الأوسط ظهرت من 2500 إلى 2000 سنة قبل الميلاد كان للسومريين 2500 سنة قبل الميلاد قانون الحرب مع إعلان الحرب والتحكيم وحصانة للنواب وميثاق السلام حمو رابي ملك بابل وحاكم كل منطقة ما بين الرافدين 1700 سنة قبل الميلاد أنشأ أول قوانين حقوق الإنسان الذي يصرح فيه أحدد هذه القوانين لأمنع القوي من ظلم الضعيف . و لعله أول حاكم قرر إطلاق سراح الرهائن مقابل فدية وفي الوقت نفسه كانت توزع الحبوب في مصر الفرعونية في عهد يوسف للوقاية ضد المجاعة حسب ما تقر به الأعمال السبع للرحمة الحقيقية التي تنص على إطعام الجائع وارواء العطشان والباس العاري واستضافة الغريب والإفراج عن السجين ومعالجة المريض ودفن الميت حيث يقول أمر من تلك الفترة علينا أن نقدم طعامنا حتى للعدو . في الحضارات الأوروبية القديمة : ساد لمدة طويلة في الحضارة اليونانية القديمة التعامل القاسي اتجاه الأعداء فقد بنت اليونان قوتها جزئيا حول العبودية بالتأكيد هناك بعض الاستثناءات فيما يخص هذا الوضع السائد كمثال ألكسندر الكبير Alexandre le grand الذي أنقذ أرواح عائلة داريوس Darius وأمر باحترام النساء بعد العام 301 أسس زينون Zénon مفهوم الرزانة لكل كائن حي يحب ذاته ومنه تنتقل المحبة إلى كل ما يتعلق به إلى شعبه إلى البشرية بأكملها بما فيها أعداءه تربط العلاقة بالغير مع العلاقة بالذات حيث تلغى المعادلة غريب يساوي بربري . في الحضارات الإفريقية القديمة : عدم الاهتمام الذي تعرفه إفريقيا ما بين الأمم لا يخفي التقاليد التي تعرفها منذ آلاف السنين لا سيما في مجال الحقوق الإنسانية تنص التقاليد الإفريقية على أن اللجوء إلى الحرب ليس إلا حلا نهائيا يجب قبل ذلك على الأعداء أن يمروا على سلسلة طويلة من المفاوضات أين يتم اجتماع القبائل تحت ظل شجر شجرة التملق بهدف إيجاد حل وسيط إذا أتخذ قرار الحرب يجب تنبيه العدو مقدما في افريقيا الغربية السنغالماليبوركينافاسو) يتم إرسال مخبرين أو شخصيات بارزة في القبيلة لإعلان الحرب هؤلاء يتمتعون بالحصانة يجب على المحاربين أن يكونوا نبلاء حيث لا يحق بغير النبلاء أن يحاربوا كما حررت وطبقت قوانين للشرف بين محاربين نفس القبيلة أو نفس المجموعة العرقية حيث يمنع قتل النساء والأطفال وكبار السن كما يمنع ضرب العدو من الخلف قي بوركينافاسو فولتا العليا قديما تمنع التقاليد من قتل غير المحاربين والفلاحين كذلك استعمال الأسلحة المميتة محظور مثل الرماح والسهام المسمومة . الحقوق الإنسانية في الديانات اليهودية والمسيحية : بالنسبة إلى النصوص العبرية فهي فقيرة من حيث الاشارات إلى القوانين المعتمدة من خلال الحروب وهذا حسب مقال نورمان سولومان Norman Solomanحول الموضوع فالعادات اليهودية تميز بين نوعين للحرب حروب Yahvéأي حروب الرب بالعبرية والحروب الأخرى في الحالة الأولى التي تمثل الحرب المقدسة لا توجد أية قوانين ولا أي حدود كما كان الحال في حرب الإبادة ضد الكنعانيين أما في الحروب العادية فلا نجد إلا بعض القوانين المختصرة مثل : عرض السلام على المدن المحتلة ومنع قطع الأشجار المثمرة ومنع أسر النساء والأطفال تعبر الصحيفة العالمية للصليب الأحمر عن دهشتها عبر مقال نورمان سولومان حول الطابع التلخيصي لهذه القوانين وتسجل أن هذا المقال في حقيقة الأمر هو مقال دعاية نظرا للمساحة الضئيلة المخصصة لقوانين الحرب الدينية : ان التطور الواسع المخصص لمشاكل دولة إسرائيل يبدو متأخرا مقارنة بالإشكالية الدينية والأصلية . حقوق الإنسان في الإسلام : ان مصادر التشريع الأساسية في الإسلام هي القرآن والسنة النبوية حيث تتضمن هذه النصوص كل الواجبات والمحرمات والمبادئ الإرشادية للشريعة وتجمع الشريعة بين هذين المصدرين كما تستن على مصادر أخرى مكملة لها هي : الإجماع (إجماع علماء الشريعة حول موضوع ما ) والقياس( الاستدلال عن طريق القياس ) والاجتهاد وهو كل ما صدر عن جهد فكري فردي أو ما نتج عن جهد جماعي بهدف إيجاد حكم شرعي و بالتالي فالشريعة الإسلامية ليست مجموعة من القوانين الساكنة بل هي ديناميكية تسمح للمسلمين بالتكيف مع عصرهم. ان الشريعة الإسلامية اذن متضمنة في كل هذه النصوص فهي التي تنظم أسلوب حياة المسلمين من الناحية الدينية والروحية وكذلك على صعيد حياتهم اليومية و بالتالي فهي تشمل أيضا كلا من حالتي الحرب والسلم. و تؤكد الشريعة الإسلامية كمبدأ أخلاقي أساسي على قيمة الحياة البشرية فبالنسبة لله عز وجل أن الإنسان كائن مقدس ( الآية 70 من سورة الإسراء) فهو يتمتع بحرمة مطلقة وينتمي جسمه إلى الله و ما الإنسان إلا حارس شرعي على جسمه والحرص على عدم إلحاق الأذى به و بهذا الصدد عليه إذن أن يغذيه ويعالجه ويحميه هذه القاعدة عامة وتنطبق على كل البشرية إلا في بعض الحالات المبررة ( من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات ثم إن كثيرا منهم بعد ذلك في الأرض لمسرفون الآية 32 من سورة المائدة. أن الحياة هبة من عند الله واحترامها واجب وإيذائها ممنوع. يتبع ..