"وأنا أتصفّح عمودكم رأينا عبر جريدتكم تخيّلت أن كلّ ما قلته حقيقة وليس سرابا، تخيّلت أن كلّ العرب وكلّ المسلمين من جميع أرجاء المعمورة قد زحفوا فعلا ودخلوا القدس وحرّروا كلّ فلسطين ولم يبق فيها ولا واحد من بني صهيون، وأحسست بثقة كبيرة بداخلي وصرت أصف الموقف العظيم لنفسي أوّلا ولغيري· لكن رغم الثقة ورغم كبر الأمنية لتحقيق ذلك ولتعتبرها تشاؤما، إلاّ أنني بصراحة أراه حلما بعيد المنال بالنّظر إلى الوضعية الكارثية التي وصلنا إليها اللّهم إلاّ إذا قاد الانتفاضة الجيل الذي سوف يزحف أوّلا إيمانا منه كما قلت بوعد اللّه للمسلمين بتمكينهم في النّهاية من وراثة الأرض وكذلك بنصرتهم للّه، إذ يقول عزّ وجلّ: {إنْ تنصروا اللّه ينصركم} ويد اللّه مع الجماعة، وحقيقة تبقى الثورة محتاجة إلينا جميعا، مع تمنّياتي أن تنجح الانتفاضة وأن نرى عبر عمودكم بعد الخامس عشر من ماي بشائر الفرح والسرور بتحرّر القدس أو على الأقلّ ميلاد الوعي العربي الإسلامي المشترك الذي لا طالما انتظرناه ولم يأت"· هذا ما كتبته قارئة وفية تعليقا على افتتاحية العدد السابق التي قلنا فيها إن شعار "قادمون يا قدس" لن يبقى مجرّد شعار يردّد في المسيرات، بل سيصير دستورا يزلزل الأرض من تحت أقدام بني صهيون حين يزحف العرب والمسلمون نحو القدس لتحريرها وكلّ شبر من فلسطين· والحقيقة أن تشاؤم هذه القارئة التي ترى الزّحف المقدّس على بيت المقدّس حلما بعيد المنال يقاسمها إيّاه مئات الملايين من العرب والمسلمين، وهذا ما يجعل المسألة برمّتها حلما بعيد المنال، فنحن جميعا نتقاسم هذه النّظرة التشاؤمية المبنية على ما وصفته قارئتنا بالوضعية الكارثية للأمّة الإسلامية، وجميعنا نساهم بشكل أو آخر في صنع واستمرار هذه الوضعية، ومادام الحال كذلك فإن تحرير فلسطين حلم بعيد المنال فعلا، وهو ما ندركه ويدركه الصهاينة الحالمين بالبقاء في فلسطين إلى الأبد· لكن هناك فرق شاسع بين حلم بعيد المنال وحلم مستحيل، فحلمنا بعيد المنال وصعب التحقيق لكنه ليس مستحيلا وحلمهم يبدو الآن في متناولهم لكنه سيصبح غدا في حكم المستحيل، وإن غدا لناظره قريب·