في معرض حديثه عن مستقبل الثورات العربية التي تشهدها منطقة "الشرق الأوسط" في الوقت الحالي، أبدى الكاتب الأمريكي ديفيد أجناطيوس، تخوفه من تصاعد التيارات الإسلامية، والتي وصفها ب"الجماعات السياسية المنبوذة"، لتتصدَّر المشهد السياسي في المنطقة، في إشارة إلى عودة فزاعة الإسلاميين إلى سطح الأحداث مجددا لتسيطر على العقلية الأمريكية والغربية بشكل عام. وأوضح الكاتب الأمريكي، في مقال له بمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية نشر هذا الأسبوع، "إن "بوصلة نجاح ديمقراطية ما بعد الثورة يكمن في مصر"، فإذا ما تم "اختطاف" تلك التجربة الديمقراطية من قبل جماعات إسلامية، فسوف تفشل الثورات العربية في أي مكان آخر.. بحسب قوله. وقال أجناطيوس "إن الثورات العربية في منطقة الشرق الأوسط قد لا تفرز بالضرورة ديمقراطية، بل قد تفتح الباب أمام جماعات سياسية منبوذة لتسيطر على الوضع السياسي في بلادها"، على حد قوله. واستدل الكاتب الأمريكي بما حدث في مصر خلال الاستفتاء على التعديلات الدستورية في 19 مارس الماضي، "الذي أظهرت نتائجه أن 77% من الشعب المصري يرفض التغيير والدخول إلى أجواء الديمقراطية"، على حد زعمه. وتابع "إن تمسك المصريين، خلال الاستفتاء على التعديلات الدستورية، بفكرة الاستقرار وبقاء الوضع على ما هو عليه أضفى أجواء من الإحباط على الساحة السياسية". وأضاف "إن ذلك دفع القائمين على الثورة المصرية إلى إنشاء عدد من الأحزاب الجديدة الليبرالية والمتحررة البعيدة عن أي خلفيات دينية أو راديكالية متطرفة، وهو ما يعكس تخوفا واضحا من جانب هؤلاء من اختطاف الثورة على يد تلك الجماعات". وأوضح أجناطيوس "أنه لا يمكن إخفاء خطورة الوضع الذي تتعرض له مصر والدول المحيطة بها في الوقت الراهن، فربيع الثورات العربية قد يتحوَّل بشكل أو بأخر إلى شتاء قارص للغرب". وأشار إلى أنه "في أغلب الأحوال تتحول الثورات الشعبية إلى حالة من الفوضى العارمة.. إلى الحد الذي يجعل تلك الشعوب تطالب بإنهاء حالة الفوضى وإرساء الاستقرار بأي شكل، حتى وإن كان الثمن حريتها ". إلا أن الكاتب الأمريكي رفض أن يؤكد على أن مصر مقبلة على مرحلة من الفوضى، إلا أنه قال "إن هناك الكثير من العناصر التي يمكن أن تؤدي بمصر إلى ذلك السيناريو"، مستشهدا بما قاله وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس عندما أشار إلى "أن مستقبل الثورات العربية في الشرق الأوسط هو "منطقة مظلمة" صعب أن ترى ما بداخلها بوضوح". وتساءل الكاتب عن "مدى تأثير تلك الثورات على العالم بشكل عام، والولاياتالمتحدة على وجه الخصوص"، وقال إن "الثورات العربية في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا، هي بمثابة "الإفاقة" للعالم كله، كما إنها الأولى من نوعها لاستخدامها وسيلة جديدة وهى التكنولوجيا عالية التطور، وهي الانترنت من خلال موقع التواصل الاجتماعي الشهير "فيس بوك" والذي كان له دورٌ فعال في ثورتي تونس ومصر، وكذلك الثورات العربية التي تشهدها بلدان مثل ليبيا واليمن وسوريا. ورجع أجناطيوس بالزمن إلى الوراء، متذكرا الثورة الإيرانية 1979، والتي أطاحت بشاه إيران محمد رضا بهولي، وأدت إلى تقلد آية الله الخميني الحكم في طهران، والذي استخدم وقتها الشرائط التسجيلية، التي كانت إحدى الوسائل التكنولوجية الحديثة آنذاك، لتجميع الولاء له. وذكر الكاتب الأمريكي أن "نجاح الثورات "ديمقراطياً" في مصر وتونس، هي بلا شك تصبُّ في مصلحة الولاياتالمتحدة". غير أنه أشار إلى أن "مؤشر نجاح الثورات العربية يكمن في مصر، التي يمثل سكانها ما يقارب من 25% من سكان العالم العربي". وأوضح أجناطيوس قائلا "ديمقراطية ما بعد الثورة في مصر، سوف تنتشر سريعا في البلدان العربية الأخرى مثل تونس وكذلك ليبيا واليمن وسوريا إذا ما نجحت الثورة هناك في إحداث التغيير". وتابع "ولكن إذا اُختطفت الثورة المصرية، والتجربة الديمقراطية في مصر من قبل جماعات إسلامية، فسوف تفشل الثورات العربية في أي مكان آخر". واختتم أجناطيوس مقاله، موجها كلامه إلى الولاياتالمتحدة "بضرورة أن تفعل أمريكا كل ما في وسعها لتوفير الدعم وعناصر نجاح "ما بعد الثورة المصرية"، والتي أمريكا في حاجة ماسة إليها كما أن مصر أيضا في حاجة ملحة إلى هذا النجاح".