أثارت مبادرة الكاتب فهمي هويدي، والتي أيدها بفتوى الشيخ يوسف القرضاوي، بتوجيه أموال الحج والعمرة النوافل إلى صندوق لدعم الاقتصاد المصري في تلك الظروف التي تمر بها البلاد، الاهتمام من جانب عدد من علماء الأزهر وأعضاء في مجمع البحوث الإسلامية، الذين يجرون حولها مشاورات لإصدار بيان بشأنها قريبا. يأتي هذا في الوقت الذي اختلفت فيه آراء عدد من الفقهاء حول فتوى القرضاوي بتوجيه أموال الحج والعمرة النوافل هذا العام لدعم الاقتصاد المصري، فبينما رأى البعض عدم جواز العمل بالفتوى الفردية، وضرورة صدور فتوى جماعية في هذا الشأن، أعلن آخرون تأييدهم لفتوى القرضاوي ومبادرة الكاتب فهمي هويدي. وتعكف حاليا شخصيات مقربة من شيخ الأزهر د.أحمد الطيب على دراسة مبادرة هويدي لعرض فكرة المبادرة على اجتماع مجمع البحوث المقبل وإصدار بيان بشأنها، بينما قال السفير محمد فتحي رفاعة الطهطاوي المتحدث السابق باسم الأزهر، إنه يؤيد المبادرة بشكل شخصي، مطالبا المؤسسات الدينية، وعلى رأسها مجمع البحوث الإسلامية بتبنيها، بحسب جريدة الشروق المصرية. وقال الطهطاوي إن "من أوجب الواجبات الآن مواجهة ما تعانيه البلاد من ضائقة اقتصادية، ولا يجوز أن ننفق مواردنا المحدودة في أداء نافلة، بينما الفرض هو مواجهة الأزمة الاقتصادية وتفريج كرب البلاد". واقترح الطهطاوي منع من قام بالحج والعمرة في السابق أن يؤديها هذا العام، موضحا في الوقت نفسه أنه لا يجوز إجبار أحد على التبرع. وناشد الطهطاوي الأزهر الشريف ومجمع البحوث الإسلامية إصدار بيان عام يدعو الناس لتوجيه نقود النافلة. واقترح هويدي في مقال له بجريدة "الشروق" المصرية، تحت عنوان "التقشف هو الحل"، على من سبق لهم أداء الحج والعمرة، وينوون أداءها مجددا، توجيه الأموال إلى صندوق يدعم اقتصاد البلد في الظروف الراهنة التي تشهدها البلاد بعد الثورة المصرية 25 يناير والتي أطاحت بالرئيس المخلوع محمد حسني مبارك في 11 فبراير الماضي. وأشار هويدي إلى أن مقترحه سوف يوفر ما لا يقل عن ملياري دولار في المتوسط، موضحا أن مصر بحاجة إلى هذا المبلغ لتلبية احتياجات السنة المالية الحالية، إلى حدود شهر جوان المقبل، وقال: "وجدت أن المصريين يدفعون المبلغ ذاته كل سنة تقريباً لأداء العمرة وفريضة الحج". ودعم هويدي مبادرته بفتوى من رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الشيخ يوسف القرضاوي، بأن لوليِّ الأمر تقييد العمرة النافلة طالما ألم ببلاد المسلمين ظرف طارئ، وأن من يوجه ماله لدعمها بعد أن يكون قد عقد نيته على العمرة فله كامل الأجر. تأييد.. ومطالب بفتوى جماعية ومن جانبه، عقب وكيل وزارة الأوقاف وعضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، سالم عبد الجليل، على فتوى القرضاوي بجواز توجيه أموال الحج والعمرة النافلة إلى الاقتصاد المصري هذا العام ، قائلا إنه" لا يجوز العمل بالفتوى الفردية التي حصل عليها هويدي من القرضاوي في مثل هذه القضايا الكبيرة»، لافتا إلى أنه يجب استصدار فتوى جماعية من مجمع البحوث الإسلامية برئاسة الإمام الأكبر أحمد الطيب، مقترحا أن يصدر المجمع هذه الفتوى بناء على حجج وبراهين وأدلة شرعية. وأضاف عبد الجليل: "مع احترامي وتقديري الشديد للشيخ القرضاوي فإن الموضوع أكبر من أن يتكلم فيه شخص". وتابع: "إن الفتوى الفردية لن تصلح في هذا الأمر الكبير"، محذرا من أن "يكون هناك تشكيك في مردود هذه الفتوى ودوافعها". أما الدكتورة آمنة نصير أستاذة العقيدة والفلسفة الإسلامية بجامعة الأزهر فأعلنت تأييدها لمبادرة هويدي وقالت إنها "أصابت لبَّ الحقيقة"، بحسب ما أشارت إليه جريدة "الشروق" المصرية. وأشارت إلى أنه "إذا وجه مال الحج والعمرة والزكاة بضوابطها التي أشار إليها القرضاوي في فتواه، فإن ذلك يعتبر تطبيقا لفهم حكمة الإسلام في صنع الحياة". وأوضحت الدكتورة آمنة "أن الإسلام ليس مجرد طقوس دينية تؤدى دون وعي بالمستجدات"، مشددة على أن "المجتمع لا بد أن يكون مع أولي الأمر في وضع الأمور في نصابها وفي مواقعها الصحيحة وتوجهها الذي يعلو في شأن الوطن". * يرى الطهطاوي إن "من أوجب الواجبات الآن مواجهة ما تعانيه البلاد من ضائقة اقتصادية، ولا يجوز أن ننفق مواردنا المحدودة في أداء نافلة، بينما الفرض هو مواجهة الأزمة الاقتصادية وتفريج كرب البلاد".