هو أبو القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة ويمتد نسبه إلى إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان وينتهي إلى إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام. وأمه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة ويتصل نسب أمه مع أبيه بدءًا من كلاب بن مرة . ورُوي في سبب تسميته أن أمه أُمرت أن تسميه بذلك وهي حامل وروي أن جده عبد المطلب رأى في منامه كأن سلسلة من فضة خرجت من ظهره لها طرف في السماء وطرف في الأرض وطرف في المشرق وطرف في المغرب ثم عادت كأنها شجرة على كل ورقة منها نور وإذ بأهل المشرق والمغرب يتعلقون بها فتأولها بمولود يكون من صلبه يتبعه أهل المشرق والمغرب ويحمده أهل السماء فسماه محمد . وتبدو أسباب التهيئة والإعداد من الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم في مهمته الجليلة ورسالته العظيمة جلية واضحة منذ اللحظة الأولى في حياته بل إنها كانت قبل ذلك وقد تجلى ذلك حتى في اصطفاء اسمه صلى الله عليه وسلم فليس في اسمه أو اسم أبيه أو جده ما يحط قدره وينقص منزلته وليس في اسمه شيء محتقر كما أنه ليس اسمه اسمًا مصغرًا تستصغر معه منزلته وليس فيه كبرياء أو زيادة تعاظم يثير النفور منه. ابن الذبيحين ويعرف النبي صلى الله عليه وسلم بابن الذبيحين فأبوه عبد الله هو الذبيح الذي نذر عبد المطلب ذبحه ثم فداه بمائة من الإبل وجده إسماعيل _ عليه السلام- هو الذبيح الذي فداه ربه بذبح عظيم. وقد اجتمع للنبي صلى الله عليه وسلم من أسباب الشرف والكمال ما يوقع في نفوس الناس استعظامه ويسهل عليهم قبول ما يخبر به وأول تلك الأسباب كان شرف النسب وأشرف النسب ما كان إلى أولي الدين وأشرف ذلك ما كان إلى النبيين وأفضل ذلك ما كان إلى العظماء من الأنبياء وأفضل ذلك ما كان إلى نبي قد اتفقت الملل على تعظيمه . ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يهوديًا ولا نصرانيًا ولا مجوسيًا لأنه لو كان من أهل ملة لكان خارجًا عن دين من يدعوهم فيكون عندهم مبتدعًا كافرًا وذلك ما يدعوهم إلى تنفير الناس منه وإنما كان حنيفًا مسلمًا على مله آبائه: إبراهيم و إسماعيل عليهما السلام. مولد النبي صلى الله عليه وسلم إيذان بزوال الشرك كان مولد النبي صلى الله عليه وسلم نذيرا بزوال دولة الشرك ونشر الحق والخير والعدل بين الناس ورفع الظلم والبغي والعدوان. وكانت الدنيا تموج بألوان الشرك والوثنية وتمتلئ بطواغيت الكفر والطغيان وعندما أشرق مولد سيد الخلق كانت له إرهاصات عجيبة وصاحبته ظواهر غريبة وأحداث فريدة ففي يوم مولده زلزل إيوان كسرى فسقطت منه أربع عشرة شرفة وخمدت نار فارس ولم تكن خمدت قبل ذلك بألف عام وغاضت بحيرة ساوة . وروى عن أمه أنها قالت: رأيت لما وضعته نورًا بدا مني ساطعًا حتى أفزعني ولم أر شيئًا مما يراه النساء . وذكرت فاطمة بنت عبد الله أنها شهدت ولادة النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: فما شيء أنظر إليه من البيت إلا نور وإني لأنظر إلى النجوم تدنو حتى إني لأقول لتقعن عليَّ . وروى أنه صلى الله عليه وسلم ولد معذورًا مسرورًا -أي مختونًا مقطوع السرة- وأنه كان يشير بإصبع يده كالمسبّح بها.