حنان قرقاش مع دخول الأطباء في إضرابهم المفتوح الذي انطلق في ال16 من الشهر الجاري، ويعلم الله وحده متى تاريخ انتهائه، دخل المرضى في مشوار المعاناة والانتظار والتأجيل، خاصة بالنسبة لمن لديهم مواعيد لإجراء عمليات جراحية مختلفة، عبر الأقسام العديدة التي يتضمنها أي مستشفى، يقبل عليه المواطنون في الجزائر، لتقلي العلاج المناسب، والتخفيف من حدة آلامهم ومعاناتهم، فيما يبدو أن ذلك لن يكون متاحا في المدى القريب، نظرا لعدم وجود بوادر عن قرب انتهاء الإضراب أو تعليقه، وهو ما اثر بطبيعة الحال، على عدد كبير من المواطنين، الذين يقصدون مختلف المصالح، خاصة الجراحية منها، وجعل المقبلين على إجراء عمليات جراحية مختلفة في حيرة من أمرهم، فهم يملكون مواعيد محددة، واستكملوا كافة الإجراءات والتحاليل اللازمة، ولم يكن ينقصهم سوى دخول المستشفى وتحضير أنفسهم للجراحة، ليقع كثيرون في مآزق حقيقية، علما انه لم يتبق الكثير من الوقت لأي مريض مقبل على إجراء عملية جراحية، على اعتبار أن كافة العلميات الجراحية، يتم إيقافها بدخول فصل الصيف، وعليه فإن البعض يتخوف من أن يمتد موعده إلى غاية شهر سبتمبر أو أكتوبر القادم، في ظل استمرار الإضراب الذي يشنه ممارسو الصحة العمومية والأخصائيون. وكعينة بسيطة عن مدى انعكاس إضراب قطاع الصحة على حالة المرضى بالمستشفيات، قصدنا مستشفى مصطفى باشا الجامعي، الذي يستقطب الآلاف من المواطنين يوميا، ومن ولايات الوطن جميعها تقريبا، وكانت الوجهة بالضبط إلى مصلحة جراحة العيون، حيث تفاجأنا بعدد معتبر من المواطنين، الذين كانوا متجمعين أمام أبواب المصلحة، سواء الخاصة بالفحص والمراجعة، أو قسم الجراحة، ومن بين المرضى الذين كانوا ينتظرون باهتمام بالغ قدوم الطبيب، سيدة جاءت رفقة قريبة لها من ولاية وهران، قالت انه كان من المفترض أن تجري علمية على مستوى عينها اليمنى، قبل حوالي شهر، وتم تجيل الموعد إلى غاية يوم الأحد الفارط، ليتم تأجيله من جديد إلى يوم الأربعاء، وكل ذلك بسبب إضراب الأطباء، مبدية استياءها الكبير من هذه الوضعية التي جعلتها تتكبد عناء ومشقة السفر وهي على تلك الحالة، مرتين في ظرف اقل من أسبوع واحد، مضطرة إلى الاستيقاظ على الساعة الثالثة صباحا، للوصول في حدود الساعة السابعة أو الثامنة إلى المستشفى، لعلها تكون من بين الأوائل، أو تجد أن الإضراب قد انتهى أخيرا فتجري العملية وترتاح إنما دون جدوى، حيث توقفت الحركة تقريبا بمختلف الأقسام الجراحية، إلا بعض الحالات البسيطة، أو الحركية الكثيفة التي تشهدها مصلحة الاستعجالات، إنما ما دون ذلك، فان المرضى يطرحون ألف سؤال وسؤال، أهمها "متى سينتهي الإضراب؟". نفس الاستياء والتذمر كذلك، بدا على السيدة التي كانت إلى جانبها، والقادمة هي أيضا من ولاية الشلف، التي انطلقت منها على الساعة الرابعة صباحا مثلما قالت، وذلك حتى تتمكن من إجراء العملية لابنتها التي كان مقررا إجراءها الأسبوع الفارط، وتم تأجيلها بسبب الإضراب أسبوعا بعده، فيما تأجل من جديد، إلى إشعار آخر، لا تدري له تاريخا، إنما حدد بانتهاء إضراب الأطباء. نفس الوضع وجدناه عند مواطن آخر كان من المقرر أن يجري العملية على عينه في اليوم ذاته الذي أنجزنا فيه هذا الموضوع، ولكنه تأجل إلى موعد لاحق، بسبب الإضراب، وفي كل ذلك، قال أن المواطنين يصطدمون برد واحد فقط لا غير هو "الله غالب"، حيث قال إن الأطباء الذين لازالوا يضمنون تقديم خدماتهم العلاجية إلى المرضى، يؤكدون إن الأمر خارج عن نطاقهم، مع الإشارة إلى أن إجراء العملية من عدمها يعود أيضا إلى الطبيب الذي يشرف على الحالة، أن كان من بين المضربين أم لا، إضافة إلى وجوب ضمان كافة الطاقم الطبي والجراحي، عند إجراء العملية، وأمام وجود بعض من أعضائه في إضراب، فمن المستحيل بأي شكل كان إجرائها، كل ذلك عقد من وضعية المرضى، وجعلهم تائهين، ينتظرون أبواب الفرج. ولا يتعلق الأمر بمصلحة جراحة العيون فحسب، فبمختلف الأقسام الجراحية، نجد نفس الوضع تقريبا، حيث لا يعلم المواطنون المغلوبون على أمرهم، ما الذي سيفعلونه والى متى يمكنهم الانتظار، وفيما يطالب الأطباء بتلبية كافة مطالبهم التي يرونها مشروعة، يرفع المرضى أيضا شعارا واحدا "المريض يريد العلاج" فمن من الطرفين سيكون الأسبق إلى تحقيق انشغالاته يا ترى؟.