واصل، أمس، أصحاب المآزر البيضاء في قطاع شبه الطبي إضرابهم المفتوح لليوم الثاني على التوالي، على الرغم من تطمينات وزارة الصحة لهم بأنها ملتزمة بكل التزاماتها معهم وتهديداتها بإشهارها للحكم الاستعجالي الصادر في 6 فيفري المنصرم القائل بعدم شرعية الإضراب· في الميدان، أثار الإضراب غضب واستياء العديد من المرضى، سيما القادمين من الولايات الداخلية، بسبب تأجيل جميع العمليات الجراحية التي كانت مبرمجة، إلى أجل غير مسمى، ناهيك عن تعطل العديد من الخدمات الصحية، باستثناء الحد الأدنى من الخدمة في الحالات الاستعجالية· فقد علق عمال شبه الطبي خدماتهم، وشلّت جميع المصالح بمستشفى مصطفى باشا، مما أدى إلى استهجان العديد من المرضى الذين فتحوا النار على الإطارات المحتجة ووصفوها بالمستغلة كونها تتاجر بآلامهم وأمراضهم من أجل الضغط على الوزارة لتلبية مطالبهم· وصرح محمد البالغ من العمر 45 سنة ل ''الجزائر نيوز''، قائلا ''إننا في دولة كل واحد يفكر في نفسه، فالممرضون والأطباء، على حد سواء، لا يختلفون عن غيرهم، وخير دليل هو ترك المريض يصارع الألم أمام أعينهم دون أن يتخذوا أي إجراء· وما أزّم الأمر -حسب السيدة نادية- تأجيل تاريخ عمليتها التي كانت ستجريها لاستئصال حصى من كليتها اليسرى هذا الأسبوع، دون تحديد موعد جديد، قائلة ''أنا مضطرة إلى تحمّل نوبات الألم الحادة التي تنتابني من حين لآخر، ولمدة غير محددة، بسبب هؤلاء الذين يوصفون بملاك الرحمة الذين حوّلهم الجشع إلى متغطرسين وغير آبهين بمعاناتنا نحن المرضى''· الاستياء نفسه عبّر عنه العديد من المرضى، سيما الملازمين لأسِرة مصلحة الجراحة العامة والعظام، بسبب إلغاء جميع العمليات المبرمجة· وفي هذا السياق، قال مصدر طبي ''إن إدارة المستشفى، وفي حالة عدم ظهور بوادر لوقف الحركة الاحتجاجية، ستسرح المرضى الذين أجلت عملياتهم الجراحية، مع وصف بعض الأدوية المهدئة من أجل وقف آلامهم ولتفادي حدوث أية مضاعفات، باستثناء الحالات التي تستلزم المراقبة والمتابعة الطبية· وفي مركز حقن الدم، أعرب عدد من قاصديه للتبرع بدمهم، عن امتعاضهم العميق لرفض الممرضين استقبالهم، واصفين هذا الإجراء بغير الإنساني، لأن ما جاءوا من أجله يهدف لإنقاذ أرواح المرضى· وبالرغم من حالة الشلل المفروضة على مستشفى مصطفى باشا بسبب إضراب إطارات شبه الطبي المطالبين بتحسين أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية، إلا أن الحياة كانت تدبّ في عدد من الأقسام، على غرار الاستعجالات الطبية للأطفال، حيث كانت وتيرة الخدمات المقدمة بها جد طبيعية· يقول جمال الذي نقل ابنه البالغ من العمر 4 سنوات في حالة ضيق تنفس شديد ''إن مخاوفه بشأن رفض علاج ابنه بسبب الموجة الاحتجاجية تبددت بمجرد استقبال الطاقم الطبي له بالمصلحة الذين أسرعوا لإسعاف ابنه''· ولم تنقطع الحركة -أيضا- بمركز بيار وماري كيري، حيث أرغمت الحالة الصحية لمرضى السرطان إطارات شبه الطبي على عدم الاستجابة لنداء الإضراب، خاصة وأن إعادة تأجيل مواعيد العلاج الكيميائي أو بالأشعة من شأنه أن يؤزم وضعية المريض· وبالرغم من هذا اشتكى العديد من المرضى، سيما أولئك القادمين من الولايات الداخلية من التباطؤ في الخدمة الطبية المقدمة على مستوى المركز، بسبب تفضيل العديد من الممرضين تعليق خدماتهم إلى بعد الساعة منتصف النهار للمشاركة في الوقفة التنديدية المنظمة بوسط المستشفى· من جهتهم، أكد المضربون في رد عن تصنيفهم لخدمات الحد الأدنى، بأن حركتهم لن تتسبب في زهق حياة أي مريض وسيتدخلون في الحالات الحرجة الاستعجالية، داعيين أيضا المواطن إلى التفهم ومساعدتهم على تحقيق مطالبهم الرامية إلى تحسين أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية المتردية·