** ما حكم الشرع في صنع الحلوى بالصور المُلَوَّنَة المزركشة كصورة بنت أو جَمَل حصان أو أسد؟ وما حكم من يشتريها أو يَتَّجِر فيها؟ وهل شراؤها تبذير منهي عنه؟ * بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: صنع الدمى من الحلوى لم يرد فيه نص بالتحريم، وإن كان العلماء قد أفتوا بحرمة التماثيل المجسمة، ولكنهم استثنوا لعب الأطفال، دون نظر إلى مادة الصنع، إلا أن يكون من باب التبذير، وهذا يختلف باختلاف أحوال الناس . يقول الشيخ حسنين مخلوف مفتي مصر الأسبق رحمه الله تعالى : نقل الإمام أبو بكر بن العربي والإمام النووي والقَسطَلاَني وغيرهم الإجماع على حرمة اتخاذ الصور المجسَّمة، واستَثنَوا منها كما وَرَدَ لعب البنات، فقد رَخَّصَ الشارع فيها ولو كانت مُجَسَّمَة، سواء أكانت من قطن أو قماش أو خشب أو طين أو حلوى أو غير ذلك، وسواء أكانت صورة بنت أو فرس أو جَمَل أو نحوه. قال النووي في شرح مسلم: وأجمعوا على مَنْع ما كان له ظل ووجوب تغييره. قال القاضي: إلا ما ورد في اللعب بالبَنَاتِ لصغار البنات مِن الرخصة في ذلك، لكن كَرِه مالك شراء الرجل ذلك لابنته، وادَّعَى بعضُهم أن إباحة اللعب لهن بالبنات منسوخ بهذه الأحاديث. وقال القَسطَلَاني: وهذا الإجماع مَحَلُّه في غير لُعب البنات. وظاهر أن الإمام النووي لم يَرْتَضِ بالقول بالنسخ، وأن الترخيص لا يختصُّ بكون اللعبة صورة بنت واللاعبة بنتًا صغيرة، فلا فرق بين صورةٍ وأخرى، ولا بين أن يكون الطفل اللاعب بنتًا أو ولدًا. ومن هذا يُعْلَم أنه (لا بأس من صنع هذه الدُّمَى من الحلوى واتخاذها وبيعها وشرائها) وإن كُرِهَ تَنْزِيهًا عند مالك شراء الوالد لها. أما أن الشراء تبذير، فذلك يختلف باختلاف أحوال الناس في معايشهم وحاجياتهم، ويُسرِهم وعسرهم كما لا يَخفَى. ليس موقفُنا الآن دعوة المسلمين إلى ترك المكروه تنزيهًا وما هو خلاف الأَوْلى، ولا الدعوة إلى الزهد والورع وترك ما فيه شبهة؛ لأن الأمر أخطر من هذا بكثير. والواجب الآن أن نَصرِف جهودَنا وتفكيرنا أولاً في الدعوة إلى تَرْك المحرَّمات والكبائر الموبقات كالربا والزنا وشُرْب المسكرات، والميسر وسائر المقامرات، وأَكْل أموال الناس بالباطل والسعاية والوقيعة والافتراء والظلم والبغي والإفساد، وما إلى ذَلِك مما يوشك أن يَقْضِيَ على المجتمع وما يُنْذِر بسوء العقبى ودَمَار الديار. وعلى كل فرد من المسلمين واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، في بيته وأسرته، في قومه وعشيرته، في بلده وغير بلده، والله المستعان.