بقلم: نور الدين مباركي الاخلاق هي فن إضافة الخصوبة للإنسان _ جون بيدار- يقال أنه (إذا كانت حرية التعبير هي ببساطة حرية قول ما سيحصل على توافق الآراء وترضي الجميع فستكون محدودة إلى حد ما على أنها تصور إذا دخلنا في اخلاقيات المسؤولية فإننا تتغذى شيءا فشيئا على قيمنا ) ربما نتساءل جميعا عن تلك الظروف والمشاهد اللاأخلاقية التي طغت وانتشرت في الإدارات العمومية خاصة تلك المقربة من المواطن والتي تربطهما علاقة نظرا لكثرة التعامل بينهما. تلك المشاهد التي أصبحت تميز الإدارة كشخص طبيعي وهذا طبعا عائد لسلوكيات الموظف الذي يمثل تلك الإدارة هذا ما يعكس نظرة المواطن اتجاه الإدارة وذلك الموظف الذي وجد لتقديم مصلحة عامة وليس مصلحة خاصة. ومن خلال هذا النص سوف أحاول إعطاء نظرة ولمحة عن موضوع يعتبر هاما جدا لتطوير شخصية الموظف وتحسين الخدمة المقدمة وبالتالي تجنب المشاكل والعقبات التي تعترض حياته المهنية. فالأمر لا يتوقف عن توفير الوسائل المادية والظروف الملائمة والمناخ والجو المهني الجيد. وإنما يتعدى ذلك بكثير. فالأمر الرئيس لتطوير شخصية الموظف وتحسين أداءه وسلوكه هو ذلك العنصر النفسي والسيكولوجي الذي يعكس الصورة الداخلية للإنسان... وهنا انا أنتكلم عن الأخلاق . فالأخلاق : وبشكل عام نعني بالاخلاق المبادىء والمعايير والقيم الأخلاقية التي تحكم المجتمع أو المجموعة الإجتماعية. من وجهة نظر علمية الأخلاق النظرية هي واحدة من التخصصات الفلسفية التي هدفها بالتعاون الوثيق مع التخصصات العلمية الأخرى وصف المعايير الأخلاقية الحالية للسلوك في المجتمع وصياغة وتطوير المبادئ العامة على السلوك الصحيح وتحليل المقترحات المعيارية.إن الأخلاقيات المطبقة تمكن من تحقيق القواعد العامة للسلوك فيما يتعلق بمجالات معينة من النشاطات. أما من الجانب المهني فالأخلاق في الوظيفة العمومية. تعني مجموعة من المبادئ ومعايير السلوك المناسبة في الإدارة العمومية. إن الإدارة العمومية تحاول منذ سنوات أن تصمم لاعوانها قواعد احترافية مقيدة تأخذ كأداة للوقاية تهدف الأخلاقيات في الخدمة العمومية إلى منع المزيد من الاختراقات والمخالفات. كما يمارس الموظفون العموميون سلطة تقديرية قوية في مجموعة متنوعة من المجالات من إدارة الموارد العامة إلى العلاقات مع الموظفين ومع المواطنين والتأثير الذي لديهم على تطوير سياسة الحكومة لتجنب الاستخدام التعسفي والعشوائي لهذه القوة تعتبر المعايير الأخلاقية بمثابة موازنة أساسية. نعني بالأخلاقيات تخليق الموظف هي أولوية لأي مبادرة للإصلاح الإداري لأن كل أوجه القصور والإختلالات تقريبا تقع جراء تدهور الأخلاق أو انعدامها. فالناس في الحياة العامة ليس لديهم دائما رؤية واضحة كما ينبغي أن تكون من النقطة التي تقع فيها حدود السلوك المقبول. نعتبر هذا هو السبب الرئيسي للقلق العام. حيث ان تزايد تعقيد المجتمع وإضفاء طابعه الفردي أدى إلى تكوين هياكل اجتماعية أكثر صعوبة في الإدراك. وأسفر عن قواعد وقيم متباينة للغاية حيث تصبح الأعراف الاجتماعية غير واضحة ويصبح الموظف حساس. يجب أن يتولى الموظفون وظائف ومسؤوليات جديدة تحت تأثير عدة عوامل : اللامركزية وزيادة استقلالية الإدارة. في حين يجب على الإدارة أن تباشر إصلاحات قد تسفر عن فوائد كبيرة من حيث الكفاءة والفعالية قد يكون لبعضها آثار على الأخلاقيات ومعايير السلوك. يجب علينا النظر في البنية التحتية للأخلاقيات . كيف نتأكد من احترام القواعد في الوظيفة العمومية خاصة عندما نواجه التغيير ؟ من الناحية العلمية يجب استخدام مجموعة من الأدوات والعمليات التي تنظم السلوك الغير المرغوب فيه وتشجع السلوك الجيد. هذه البنية التحتية تتكون من عدة عوامل حيث يجب على السياسيين التأكيد على أهمية الأخلاق وان يدعموا السلوك الجيد بموارد كافية. يجب تسطير إطار قانوني فعال.(القوانين واللوائح التي تضع وتوجب احترام معايير السلوك). كما يجب وضع آليات المسائلة الفعالة (إجراءات إدارية تقييم الأداء آليات التشاور والإشراف) حيث يستلزم كذلك التأكيد على قواعد السلوك (بيان قيم المؤسسة دورها مسؤوليات والتزامات موظفيها القيود المفروضة على الأنشطة). والتاكيد خاصة على آليات التنشئة الاجتماعية المهنية (التربية والأخلاق والتكوين) وتوفير ظروف عمل جيدة في الخدمة العمومية (معاملة عادلة ومنصفة المكافأة) كما يجب استحداث هيئة تنسيق للقضايا الأخلاقية. مثل أي أداة أخرى تتطلب فعالية البنية الأساسية الأخلاقية أن يتم فهمها واستخدامها باستمرار. يقال أن السلوك الجيد كان دائما شرطا مسبقا للحكم الرشيد . السلوك الجيد والأخلاق أمر حتمي لنجاح إصلاحات الإدارة العامة حيث أن الثقة العامة في السلطات العامة تعتمد على الوضع الجيد للبينة التحتية للأخلاقيات. العلاقة بين الأخلاق والإدارة العامة. يجب أن يكون نظام إدارة الأخلاقيات للدولة متوافقا مع مفهوم الإدارة العامة بشكل عام لن يكون من المنطقي ربط البنية الأساسية الأخلاقية واحترام القواعد القائمة على الصرامة بأنظمة الإدارة الغير الثابتة والمرتكزة على النتائج. التطورات الأخيرة في مجال إدارة الأخلاقيات- التخلي النسبي عن القواعد التفصيلية لصالح المبادىء التوجيهية الرئيسية (تعريف القيم ونشر مدونة السلوك) وقدر أكبر من الشفافية (أجهزة التحذير والتزام الموظفين بالكشف عن اهتماماتهم المالية وغيرها) لنزع فتيل أي خطر الصراع. لا يجب اعتبار الأخلاقيات بشكل منفصل ومميز ولكن كجزء لا يتجزأ من جميع أنظمة الإدارة. ربما العديد منا يطرح السؤال نفسه هل القيم في تراجع ؟؟ في غياب مقياس الأخلاق من الصعب إن لم يكن من المستحيل تقييم تطور حالات الفساد في الوظيفة العامة. ما يبدو أنه قد يعني ببساطة أن أنظمة المراقبة تعمل بشكل جيد وأن سوء السلوك الذي تم تجاهله أو إخفاءه في سرية تامة للادارات يظهر الآن في وضح النهار. الموظفون معرضون للاغراءات للاستفادة الشخصية من وظيفتهم مثل أي فئة أخرى من الناس وستكون هناك دائما نقاط سوداء في الخدمة العامة كما في أي مكان آخر. إن الأنظمة هي المعنية أكثر من الأشخاص لأن الأنظمة السيئة أكثر ضررا. يعمل الموظفون في سياق متغير لا سيما عندما تكون تقنيات الإدارة (إدارة المخاطر استقلالية الإدارة وتقييم النتائج بدلا من القواعد....) مراقبة من قبل المجتمع والذي يطلب منهم تقديم خدمات أفضل وأكثر استجابة مع موارد أقل من ذي قبل.فالمجتمع الآن هو في حالة استغراب وتشتت وتضارب نفسي بين ما هو منطقي من جهة ومن قضاء مصالحه من جهة أخرى. وهذا التضارب هو الذي أعطى الفرصة لتلك السلوكيات والمظاهر اللاأخلاقية للتوغل في وسط المجتمع والتلاعب بشخصية المواطن ومبادئه وقيمه الإسلامية التي لطالما كانت ذرعا واقيا ومنهجا صحيحا.