استطاع المخرج المصري المستقلّ إبراهيم بطوط الوصول إلى قاعدة جماهيرية كبيرة، وعرض فيلمه «عين شمس» في الصالات من دون أن يضطر الى التنازل عن أيّ من مبادئه لمنتج أو موزّع. ثم واصل مشواره وأنتج فيلمه الروائي الطويل الجديد «حاوي» الذي ينتظر العرض الجماهيري بعدما حصد الجوائز إثر مشاركته في المهرجانات الدولية. انتهى بطوط أخيراً من كتابة فيلمه الجديد «بدون اسم» وإخراجه، وهو يصوّره بنفسه ويتعاون فيه، للمرة الأولى، مع ممثلين محترفين أمثال عمرو واكد وفرح يوسف على عكس أفلامه السابقة. الفيلم من إنتاج ثلاث شركات إنتاج تدعم الأفلام المستقلة، هي: «زاد» و»عين شمس» و»أروما». أما الأحداث فتدور حول ثلاثة أشخاص: إعلامية، وضابط أمن دولة، وشاب مصري يُعتقل قبل عام 2009، ويرصد الفيلم حياتهم منذ يوم 25 يناير (تاريخ الثورة الأخيرة في مصر) وحتى 11 فبراير، شارحاً خلفية كلّ منهم التاريخية. جدول صارم اللافت أن «بدون إسم»، كما يؤكّد مخرجه، لا يتحدّث عن الثورة بل يتعرّض لحياة أبطاله الذين عاشوا هذه الثورة، ويوضح بطوط: «على رغم أننا صوّرنا ما يقرب من 70 بالمائة من الفيلم، إلا أننا لم نستقر بعد على اسم له ولو حتى موقت، أما فكرته فجاءتني بطريقة غريبة بعض الشيء. ففي يوم 10 فبراير، وجدت نفسي أتّصل بعمرو واكد وأقول له إنني أريد تصوير عمل ما، وإن كنت لا أدري حتى الآن ما هو. بعد ساعة، تقابلنا في ميدان التحرير وبدأنا التصوير من دون أن ندري ماذا سنفعل، إلى أن بدأت ملامح الفيلم تتوضّح وتتحدّد خطوطه الأساسية، وأشير هنا إلى أني أضع جدولاً صارماً جداً لتنفيذ أفلامي، لكني أترك مساحة كبيرة من المرونة في تناول الدراما داخله». يؤكّد بطوط أن الفيلم تدور أحداثه خلال الثورة إلا أنه ليس عن الثورة، مشيراً إلى أن الأخيرة لم تنتهِ بعد كي نستطيع إخراج فيلم روائي عنها. فالثورة فعل مستمر هدفه التغيير ولا نخصّ بذلك أوضاعاً سياسية، بل اجتماعية وثقافية أيضاً. بالتالي، للثورة علاقة بنواحي حياتنا كافة، بداية بعلاقتنا بجيراننا وسلوكنا في الشارع، مروراً بنظام التعليم في البلد وتربيتنا لأولادنا، وصولاً إلى النظام السياسي القائم وكيفية تحديدنا الأشخاص الذين علينا أن نختارهم لتمثيلنا سياسياً». أما واكد الذي يجسّد دور ناشط سياسي سبق اعتقاله، فيؤكد أن «بدون إسم» ولد في قلب الثورة وعلى رغم ذلك لا يمكن اعتباره تأريخاً أو تسجيلاً لأحداثها: «باختصار هو فيلم ليس عن الثورة ولا يرصد لها بل هو نابع منها، وعلى رغم أنني وإبراهيم سجّلنا كل لحظة أمضيناها في ميدان التحرير أثناء الثورة، إلا أننا فضّلنا أن يكون هذا الفيلم اجتماعياً بأبعاده كافة، بمعنى أنه يرصد حياة أبطاله الاجتماعية وأبعاد شخصيّتهم نفسياً، وهذه هي المرة الأولى التي أشارك فيها في عمل يتمتّع ببناء وسيناريو خارجي وواضح، لكن الحوار فيه مرتجل وتلك تجربة ممتعة جداً لأي ممثل، لأنها تسمح له بإظهار موهبته كاملة بلا أي قيود، ومع الوقت يشعر كل شخص في الفيلم بأن العمل ملكه». ارتجال عن دورها في الفيلم، تقول الممثلة الشابة فرح يوسف: «إنها تجربتي الأولى مع بطوط في فيلم روائي طويل، وأنا حقاً مستمتعة جداً بالأسلوب الذي يستخدمه في التصوير. فالحوار الارتجالي في المشاهد السينمائية يظهر على الشاشة أكثر مصداقية ويصل إلى قلوب الجماهير بشكل أصدق، لأن هذا النوع من الارتجال في الحوار يعطي الشخصية الفرصة الكاملة للظهور ويدعها تفرض إرادتها على المخرج وفريق العمل، لذا نتفاجأ غالباً بتصاعد الحوار إلى مستوى لم نكن نتوقعه قبل الارتجال». تضيف فرح: «هذا الأسلوب في صناعة الأفلام، يشكّل مساحة من الثقة بين المخرج والممثل، ويزيد ثقة الأخير بنفسه وقدرته على الإبداع. في النهاية، يصبّ هذا كلّه في صالح العمل الفني». شارك في الفيلم أيضاً بعض الوجوه الجديدة مثل الممثل علي قنديل الذي يؤدي دور ناشط سياسي يؤسّس صفحة «جمعة الغضب» على موقع «فيسبوك»، معبّراً عن ضرورة القيام بثورة إلى أن يعتقله جهاز أمن الدولة، لكنه على رغم ذلك يبقى ثابتاً جداً على موقفه ولا يكفّ عن إشعال التظاهرات.