"الرئيس أبدى إعجابه بالفيلم ولا أحد طلب مني تعديله "الأمة العربية": يتساءل الجميع عن سبب تأخر عرض فيلمك الأخير "بن بولعيد" في العاصمة بعد أن أدرج عرضه الشرفي منذ ديسمبر من العام الماضي؟ أحمد راشدي : هذا السؤال يمكن أن يطرح على جهة الإنتاج وعلى وزارة المجاهدين، لأن مهمة المخرج تنتهي بمجرد أن يسلّم الفيلم إلى الجهة المنتجة وأنا مثلكم أتساءل لماذا لم يعرض مجددا في العاصمة، وأتأسف على عدم عرضه بعد للجمهور خاصة الجمهور العاصمي باعتبار أن العاصمة هي قلب النشاط الثقافي والإعلامي، في الوقت الذي شهد عرضه في عنابة، قسنطينة، باتنة، سطيف، دون إعلامنا بالأمر. - هل معنى ذلك أن صلاحية لمنتج الفيلم "الصادق بخوش" انتهت لأن وزارة المجاهدين هي من تشرف على توزيع الفيلم؟ * ما أستغربه أن كل الأعمال التي تدعم من قبل الدولة، تبقى تابعة لمنتجها، لكن ما حدث في "بن بولعيد" هو العكس، فقد انتُزع من منتجه، في الوقت الذي نرى فيه أفلام ضد الجزائر موّلت من الدولة ويستغلها المنتجون في العالم كلها، لماذا هناك مقياسان، الصادق بخوش كتب السيناريو ووفّر 10 ملايير سنتيم ووزارة المجاهدين ليست الوحيدة من دعم الفيلم، هناك جهات كثيرة ساهمت في العمل. - بعد العرض الخاص للفيلم والذي كان بحضور رئيس الجمهورية، خضع العمل إلى التعديل، هل كان ذلك بطلب من جهة معينة؟ * فعلا خضع العمل إلى بعض التعديلات وقد انتهينا منها منذ 20 يوم تقريبا، وذلك كان بقرار مني ولم يطلب مني أحد القيام به، فيعد العرض الخاص لاحظت أن الفيلم كان طويلا وخاصة في مشهد السجن، ولصالح الفيلم أن ينجز في ساعتين ونصف حتى يستفيد من العرض الكافي في القاعات، وبتقليصه إلى الساعتين والنصف بعد أن كان في ثلاث ساعات يمكن عرضه أربع مرات في اليوم. - ألم يكن بإمكانكم ملاحظة هذه النقائص قبل العرض الخاص؟ * أولا أنا لا أعتبرها نقائص، ففي جميع أنحاء العالم يمكن أن يخضع الفيلم إلى تعديلات حتى بعد سنتين من عرضه. في القرن الماضي مثلا ضبط رسام فرنسي في متحف اللوفر، يحمل دهن ويصلح في لوحته التي كان قد رسمها منذ 50 سنة من ذلك اليوم. - تردّد كلام كثير عن أن الفيلم لم ينل إعجاب رئيس الجمهورية والمجاهدين الذين حضروا؟ * أنا كذلك فوجئت ببعض الأقاويل عن أن الفيلم لم يعجب الرئيس وأتساءل كيف ولمن يروّج هذا الكلام إن التقى بالرئيس وأخبره برأيه. ما حدث عكس ذلك، فالرئيس تحدث معي أثناء العرض الخاص للفيلم، وقال بالحرف الواحد "الفيلم قوي من الناحية السياسية لأنه أول فيلم يعرض شخصيات قوية من الحركة الوطنية قبل وأثناء الثورة" ولم يقل لي أي شيء يمكن أن يضاف أو يعدل، وكما قلت تعديل الفيلم كان من قراري أنا بصفتي مخرج العمل. أما المجاهدين الحضور فلاحظت أنه نال إعجابهم وخاصة نهاية الفيلم، وهي لقطة استشهاد "بن بولعيد" وتبعتها لقطة الجزائر مستقلة، وكان ذلك منظرا مؤثرا أن نربط نتيجة استشهاد البطل بتحرر الوطن. - لذلك قيل إن الفيلم هو درس في التاريخ؟ * إن كان يعتبره البعض انتقادا، فأنا اعتبره مدحا وثناء وأتمنى أن يكون الفيلم درسا حقيقيا في التاريخ. - لم ينل فيلمكم أي جائزة أو تنويه في مهرجان دبي السينمائي، في الوقت الذي تحصل فيلم "مسخرة" على جائزة مميزة، بماذا تفسرون ذلك؟ * هذا يحصل في كل المهرجانات، لا يمكن أن تنال كل الأفلام المشاركة الجوائز، ولكن المهم هو المشاركة وأعتقد أن يوسف شاهين فهم جيدا الدرس، حيث كان يشارك في المهرجانات لكنه ينسحب من المسابقة، حتى لا يدخل في لغط الجوائز.. وإن لم ينل الفيلم أي جائزة فقد نال إعجاب ضيوف وحضور المهرجان، الذين أثنوا على المجهود الفني الكبير للفيلم. وعلى العموم، فإن حظ الأفلام الحربية في المهرجانات العربية قليل لأنها تفضل أفلام الفانتازيا، والعكس في المهرجانات الغربية حيث يلقى هذا النوع من الأفلام نجاحا كبيرا، لأنها أغلى الأفلام، وفيها مجهود، من إخراج وإنتاج. - هل أنتم راضين على "بن بولعيد"؟ * المخرج يبقى راض 50 أو 60 بالمئة بعمله وما الكمال إلا لله. - أنجزتم كذلك فيلم "في انتظار زيدان" لقناة الجزيرة أطفال، لكنه لم يشارك في مهرجان القاهرة الدولي لسينما الطفل، في الوقت الذي تم تسجيل مشاركة كل من أنجز أفلام الطفل التابعة للقناة، هل للأمر علاقة باختيار الأفلام الممثلة للقناة؟ * لا، في الواقع تم إبلاغي بالمشاركة وتمت دعوتي لكني كنت منشغلا بإكمال ترجمة فيلم "بن بولعيد" في روما لذلك تعذّرت عليّ المشاركة ولا علاقة للأمر باختيار من يمثل القناة في المهرجان. - وضعتم سيناريو فيلمكم الجديد "كريم بلقاسم" على مستوى لجنة قراءة الأفلام في وزارة الثقافة، لكنه قوبل بالرفض، ما سبب ذلك؟ * سيناريو الفيلم من إمضاء الصحفي بوخالفة أمازيت والعقيد عز الدين، وضعناه على مستوى لجنة قراءة الأفلام في التلفزيون وحصلنا على موافقة مبدئية، ثم وضعناه على مستوى لجنة قراءة الأفلام في وزارة الثقافة، لكن كان هناك شبه رفض للعمل، وتلقينا رسالة تقول بأن العمل لم يحمل نمط كتابة السيناريو السينمائي المعمول به. ونتساءل هل هناك نمط معين يقتدي به كاتب السيناريو؟ ولكن سنحاول مرة أخرى حتى نفهم قصدهم من الرد. - كريم بلقاسم بدأ الكفاح في 1947، وتوفي أواخر السبعينيات، يعني شهد كل مراحل الكفاح إلى غاية ما بعد الاستقلال، هل سيتطرق الفيلم لكل حياة الفقيد؟ * حياة كريم بلقاسم طويلة لذلك سينتهي الفيلم بآخر يوم من اتفاقيات إيفيان، وحينها سيخرج كريم بلقاسم ويعقد ندوة صحفية ويقول "مهمة غير مكتملة" وستكون هي آخر لقطة في الفيلم. - لماذا لم تفكّروا في إكمال الفيلم إلى غاية عرض مواقفه مما عرف بالتصحيح الثوري في 1965 والتصفيات الجسدية التي طالت بعض رموز الثورة لاحقا؟ * هذا يتطلب فيلما آخر عن حياة كريم بلقاسم، كي نعرض فيه كل حياته بعد الاستقلال، وأنا شخصيا ما يهمني حاليا هو تمجيد الثورة التحريرية ورجالها، ولا أريد أن أدخل في الصراعات التي حدثت في فترات معينة من تاريخ الثورة، كما أنه لا توجد ثورة في العالم لم يحدث فيها تجاوزات، و بالتالي أقول يجب أن نتناول هذه الأمور بمراحل، أولا نمجد الثورة ورجالاتها وننتج العدد الكافي في هذا السياق ثم ندخل في الصراعات الأخرى. - أنتم من سينتج الفيلم هذه المرة ربما حتى لا تكرر المشاكل التي سجلت في تجربة الإنتاج مع الصادق بخوش في فيلم "بن بولعيد"؟ * بصراحة الصادق بخوش تعب في فيلم "بن بولعيد" أكثر من اللازم، فهو من كتب السيناريو منذ 5 سنوات وحاول إيصاله إلى مرحلة النضج ثم قضى عامين آخرين حتى يوفّر كل الإمكانات اللازمة للمخرج فحتى وإن تضمّنت تجربته في الإنتاج السينمائي بعض النقائص، فلا يمكن أن ننكر ما قدمه للعمل، وإن أراد أن يدخل معنا في إنتاج "كريم بلقاسم" فأهلا به. - بصفتكم رئيس أكاديمية تنسيق المهرجانات العربية المعلن عنها العام الفارط، أين وصل المشروع؟ * المشروع يتقدم وهناك محاولات من قبل محافظي مهرجانات الفيلم العربي في العالم، من أجل التنسيق في تواريخ المهرجانات، و هناك من قبل أن يؤجل أو يقدم مهرجان مثلا مهرجانين في المغرب ومصر، ولكن لم نصل بعد إلى كل المهرجانات العربية، لأنه أمر صعب ذلك أن كل إدارة مهرجان لها أسبابها الخاصة في اختار تاريخ مهرجانها، وهذا يتطلب مدة كي يتم التنسيق. - بعض المصادر تقول بأن إدارة التلفزيون الجديدة تسعى لإلغاء مهرجان وهران للفيلم العربي، ما هي قراءتكم لهذه المحاولة؟ * لو ألغي المهرجان فسأعتبرها كارثة، خاصة وأنه أصبح مهرجانا مؤسسا، وأصبح له وزن بعد دورتين. ولا أدري لماذا يتم إلغاؤه، وأعتقد أن للأمر علاقة بالمدير السابق حمراوي حبيبي شوقي، فهم يعملون وفق قاعدة "تزول الأمور بزوال الرجال"؟ وإذا استمر المهرجان يجب أن يستمر بنفس الوتيرة ونفس الإمكانات والنفَس. - نظرا للتقارب الكبير بينكم وبين المدير السابق للتلفزيون، تشكّل لدينا إحساس بأنه يمكن أن يتم تعيينكم كمحافظ للمهرجان الفيلم العربي في وهران؟ * حمراوي يظل صديقا حتى بعد خروجه من التلفزيون الجزائري، وكنت دائما أرى فيه أنه كان منشطا جيدا للحركة الثقافية بجانب التلفزيون، فقد أسّس مهرجان تاغيت، وهران، ومسابقة الفنك الذهبي، ومدرسة ألحان وشباب، ولم يقترح عليّ إدارة مهرجان وهران، وحتى لو فعلوا ذلك، سأرفضه حتما لأن المهرجان يتطلب تفرغا وأنا ليس لدي الوقت لذلك.