أباء وأمهات يتعرضون لأبشع صور العنف عقوق الوالدين.. جريمة تزلزل كيان الأسر ..وبالوالدين إحسانا توجيه قرآني لا نجد له تنفيذاً لدى بعض الأبناء العصاة العاقين للأسف وما يجري بالمجتمعات العربية والمسلمة على غرار الجزائر من مآسي وأفعال شنيعة ضد الوالدين ابلغ مثال على ما يعانيه آباء وأمهات من طرف أقرب مقربيهم وفلذات أكبادهم وهي أمور يندى لها الجبين وتحير العقول فعلا فكيف ترد الجميل بتلك الطريقة لمن ضحّيا طيلة حياتهما وأنهكا قواهما لأجل تربيتك؟! فالبعض - هداهم الله تعالى _ تواصلت ذنوبهم وأخطاؤهم تجاه آبائهم وأمهاتهم ووصلت إلى مستويات وحدود غير معقولة بضربهم وسبهم وشتهم وطردهم من عقر دارهم والعياذ بالله. نسيمة خباجة لم يحتمل قلب الأم أن ترى ابنها مقيداً بالحديد ومعرضاً لدخول السجن تغلبت على آلامها وقررت أمام النيابة أنه بريء من إحراقها بالبنزين داخل منزلهما وتوسلت الأم إلى المحقق أن يطلق سراحه فهي لا تقوى على رؤيته في السجن ورغم أن ابنها هو الجاني الحقيقي إلا أنها تنازلت وتسامحت بشأن جريمة في حقها بعد أن أشعل النيران فيها ورفض إنقاذها. هذه القضية تمثل أنموذجا صارخا لعقوق الوالدين الذي أصبح مرضاً أشبه بالطاعون يهدد كيان الأسرة والمجتمع المسلم. التفكك الأسري البيئة المنزلية بشكل عام ونقص الدفء بصفة خاصة لهما دور كبير في ظهور هذه المشكلة فالتفكك الأسري والخلافات وزواج أحد الوالدين لها دور في تغير سلوك الأبناء وخصوصا إذا كانت الخلافات تحدث أمامهم وبصفة مستمرة كما أن العلاقات السطحية بين الوالدين داخل المنزل تنشئ نماذج سلبية من الأبناء.. إن الآباء أحيانا يعتمدون أسلوباً تربوياً واحداً مع جميع الأبناء خصوصاً في عقابهم وفي هذا خطأ لأن لكل طفل ردة فعل مختلفة عن الآخر إذ قد يكتفي أحدهم بتجاهل التصرف الخاطئ وقد تكون نظرة العتاب رادعة للبعض الآخر. ويجب أن ننبه الطفل إزاء التصرف الخاطئ بالكلام الحازم. ويحذر المختصون في علم النفس الاجتماعي من إساءة بعض الآباء استعمال مبدأي الثواب والعقاب فيلجؤون دائما إلى العقاب ويهملون الثواب فنجدهم ينهرون الطفل ويسارعون إلى عقابه حتى لو كان أمام الناس بحجة أنهم يخجلون من تصرفاته المشينة ولكن بالمقابل لا يفتخرون بتصرفاته الحسنة علما أنه من غير الممكن أن يكون الطفل سيئا في جميع الحالات لذا علينا مكافأة الطفل على تصرفاته الحسنة وعدم اللجوء إلى العقاب إلا عند الضرورة كما حذروا من لجوء الآباء إلى التعنيف الجسدي لتقويم كل خطأ فهذا يترسخ لدى الابن ويستقر في ذاكرته ويدفعه إلى العصيان في المستقبل. وفي الوقت نفسه فإن إفراط بعض الآباء في تدليل أبنائهم يفقدهم احترامهم وهيبتهم ومكانتهم لديهم. آثار وخيمة البحث في أسباب المشكلة يساهم بصورة كبيرة في حلها إذ لابد من تربية النشء على مبادئ الإسلام ويحذر المختصون من آثار عقوق الوالدين الذي أصبح آفة تهدد المجتمع وتتسبب في انهياره بعد قطع صلات الرحم بين الأبناء والآباء وكذلك باقي أفراد الأسرة ويؤكد أن العاق يعرّض نفسه لسخط الله وعقوبته حيث إنه ارتكب كبيرة من الكبائر فعن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أنبئكم بأكبر الكبائر قالها ثلاثا. قلنا بلى يا رسول الله: قال الإشراك بالله وعقوق الوالدين.. كما أن العاق يضيع بابا من أبواب التوفيق والسداد في الدنيا والآخرة لأن بر الوالدين مفتاح كل خير وسبب في دفع البلاء كما جاء في الحديث في قصة أصحاب الغار علاوة على أن عقوق الوالدين سبب العقوبة العاجلة في الدنيا فدعوة الوالدين مستجابة قال صلى الله عليه وسلم: ثلاث دعوات مستجابات وذكر منها دعوة الوالد لولده كما أن العاق يقطع الحبل الذي بينه وبين الله وهو الدعاء فقد جاء في صحيح مسلم في خبر أويس القرني أنه كان بارا بأمه ولذلك استجيبت دعوته. مسؤولية مشتركة عقوق الوالدين يترك أيضا آثارا سلبية على المجتمع المسلم فهي تؤدي إلى تفكك المجتمع الإسلامي الذي ميزه ديننا الحنيف بالتكافل كما قال صلى الله عليه وسلم: المسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضا علاوة على انتشار الأنانية وحب الذات وترك ما عند الله من الأجر والثواب بما في ذلك ضياع الحقوق والواجبات. على المؤسسات التربوية المختلفة لتوظف جميع إمكاناتها لتنشئة أفراد المجتمع على بر الوالدين وهذه التنشئة يجب أن تسير على منهج تربوي قائم على تصور شرعي وعلمي يؤديان إلى نجاح تحقيق هذا الهدف. كما ان وسائل الإعلام لها دور بارز خاصة التلفزيون إلى تبني قضية بر الوالدين والتحذير من عقوقهما عن طريق مواد إعلامية تبين خطورة عقوق الوالدين وأهمية البر عن طريق أفلام ومسلسلات وأعمال درامية. ..وبالوالدين إحسانا الإسلام وضع القاعدة الأساسية للقضاء على العقوق حين دعا إلى بر الوالدين والذي يقصد به طاعتهما وإظهار الحب والاحترام لهما ومساعدتها بكل وسيلة ممكنة بالجهد والمال والحديث معهما بكل أدب وتقدير والإنصات إليهما عندما يتحدثان وعدم التضجر وإظهار الضيق منهما فالمولى عز وجل قد وضع أسس الوالدين والإحسان إليهما والتفاعل معهما من خلال قوله تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربّياني صغيرا . الإسلام يعتبر البر بالآباء من أفضل أنواع الطاعات التي يتقرب بها المسلم إلى الله تعالى لأن الوالدين هما سبب وجود الأبناء في الحياة وهما سبب سعادتهم فقد سهرت الأم في تربية أبنائها ورعايتهم وكم قضت ليالي طويلة تقوم على رعاية طفلها الصغير الذي لا يملك من أمره شيئا وقد شقي الأب في الحياة لكسب الرزق وجمع المال من أجل إطعام الأبناء وكسوتهم وتعليمهم ومساعدتهم على تحقيق أحلامهم. لقد بلغت وصية الله سبحانه وتعالى بالوالدين أنه أمر الأبناء بالتعامل معهما بالإحسان والمعروف حتى ولو كانا مشركين فقال تعالى: وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون .