العمل عن بعد المفروض بسبب تفشي كورونا: نعمة لدى البعض.. نقمة عند آخرين أصبح العمل عن بعد، الذي لم يكن منتشرا من قبل في الجزائر، ضروريًا للعديد من الشركات والمؤسسات الإدارية بسبب تدابير الحجر الصحي المتخذة ضد تفشي وباء كورونا، لكن في وقت يعتبره البعض من العمال والموظفين "نعمة" يجده آخرون نقمة بالنظر إلى تعقيداته. في حين أن بعض الموظفين يجدون العمل عن بعد "مرهقًا"، يجد آخرون أنه يساعدهم في إدارة وقتهم بشكل أفضل. وتقول السيدة مدينة، موظفة ضمن خلية اتصال على مستوى دائرة وزارية: "إن العمل الإداري يتطلب تواجد العامل في مكان عمله " مشيرة إلى أن الإدارة الإلكترونية لم يتم تطويرها بشكل كاف في الجزائر مقدمة كدليل ان الوثائق المرسلة بواسطة الماسح الضوئي لا تعتبر رسمية لأن التوقيع الإلكتروني لم يتم التعرف عليه. إضافة إلى ذلك، تعتبر السيدة مدينة أن الإدارات لا تملك حاليا بنى تحتية كافية لضمان العمل الالكتروني. كما أوضحت أن "هناك ملفات يجب معالجتها وتظاهرات يجب إعدادها ويجب أن يتم ذلك بالتشاور مع المديرين والزملاء، وفي غياب تطبيقات التداول بالفيديو، يكاد يكون العمل من المنزل مستحيلًا". من جهة أخرى، أكدت ليندة، صحفية على مستوى صحيفة يومية، أن العمل عن بعد يسمح لها باستغلال أحسن لوقتها والتوفيق بين حياتها المهنية والعائلية. كما أشارت الشابة، أم لطفلين، إلى أن التنقل إلى عملها مثل تضييع كبير لوقتها ولطاقتها، خاصة أنها تقطن على بعد أكثر من ثلاثين كيلومترًا من مكان عملها، قائلة إنها "منذ بداية الحجر الصحي، أشعر اني اكثر مردودية وأقل توتراً فضلا عن قيامي بالكثير من العمل من خلال إيجاد الوقت لرعاية أطفالي بشكل أكبر". بالنسبة لليندة، يجب ترك خيار العمل بالمنزل للموظفين مبينة أنه بإمكان الموظفين العمل من المنزل بدوام جزئي والذهاب للعمل مرتين إلى ثلاث مرات في الأسبوع، المهم هو أن يكون العامل ذو فعالية". أما كريمة، مديرة إدارية ضمن شركة صناعية خاصة، فهي تستحضر المشاكل التي تعوق العمل عن بعد في الجزائر، ولا سيما ضعف جودة الاتصال بشبكة الإنترنت الذي يمنعها أحيانًا من تقديم عملها في الموعد المحدد وكذلك الغموض بالنسبة لحجم وقت العمل عن بعد. وعلى الرغم من هذه القيود، أكدت كريمة أن العمل من المنزل لطالما كان "رغبة" لها، بل وتأمل في أن يتواصل ذلك بعد نهاية الحجر الصحي، قائلة انه " بشكل عام، عندما نعمل من المنزل، نشعر بحرية اكبر وأكثر استرخاءً وأقل توتراً، ما يسمح لنا بأن نعمل بأكبر مردودية". إضافة إلى ذلك، تؤكد أن "العمل عن بعد لا يعني قطعًا تامًا عن البيئة المهنية" نظرًا لأن الزملاء لديهم دائمًا فرصة الاجتماع على الشبكات الاجتماعية للتشاور. كما نددت قائلة انه "على الرغم من اعتماد العمل عن بعد في الجزائر، ولا سيما من قبل شركات الاتصالات وتكنولوجية المعلومات، فإن العلاقة بين أصحاب العمل والموظفين في هذا الاطار لم يتم تأطيرها بنصوص قانونية". في شركتها، التي انتهجت العمل عن بعد في هذه الظروف الاستثنائية، أشارت أنها تعمل أحيانًا إلى ساعات متأخرة بسبب عدم تحديد ساعات العمل في المنزل. الأزمة الصحية تدفع الشركات للتفكير في أهمية العمل عن بعد يعتقد بعض الخبراء أن الأزمة الصحية المتعلقة بوباء كورونا قد غيرت العادات المهنية للعديد من الشركات حول العالم، مما جعلتهم يدركون أهمية العمل عن بعد. بالنسبة لعمر علي يحيى، مدير شركة خدمات هندسة الكمبيوتر، فإن عالم الأعمال في الجزائر يمر حاليا بفترة محورية حيث أصبح العمل عن بعد لبعض الشركات الوطنية "البديل الوحيد لضمان استدامتها". من جهة أخرى، اعترف السيد علي يحيى بنقص البنية التحتية لتبني وتعميم العمل عن بعد قائلا "لدينا بالفعل نقص في البنية التحتية والدفع عبر الإنترنت". لكن بالرغم من هذه القيود، أكد أنه من خلال "الوسائل القليلة المتوفرة، من الممكن الشروع في العمل عن بعد بفضل التطبيقات التي تم تطويرها ونشرها على الإنترنت مجانًا عبر الشبكة".