(المسلمون أكثر اندماجا في المجتمع البريطاني، وأقل تطرفا من المسيحيين).. شهادةٌ أدلى بها رئيس هيئة المساواة وحقوق الإنسان البريطانية، تريفور فيليبس، ينبغي أن يُسلَّط عليها ما تستحقه من ضوء؛ خصوصا وأنها تأتي في ظل موجة جديدة من الهجمات المعادية للمسلمين في بريطانيا، والتي يتصدرها تخريب المساجد وتدنيس المقابر، وفق ما أشرنا إليه في التقرير الذي تناولته (عين على العالم) منذ أيامٍ، تحت عنوان (بريطانيا.. الإسلاموفوبيا تطل برأسها من جديد!). وتبرز المفارقةُ أكثر، كلما أوغل "فيليبس" في تشريح المجتمع البريطاني من الداخل، متهمًا الكنائس الكاثوليكية والإنجيلية بإتباع نهج ديني متوقف عند العصور القديمة، ولا يتوافق مع المجتمع الحديث، ويشتبك مع الرؤى السائدة في المجتمع. ليس ذلك فقط، بل واتهم المسيحيين، خاصة الإنجيليين، بأنهم أكثر تطرفا من المسلمين فيما يتعلق بالشكوى من التمييز، قائلا: إن كثيرا من دعاويهم تحركها الرغبة في انتزاع تأثير سياسي أكبر. لكنه في الوقت ذاته أعرب عن قلقه من الحصار الذي يتعرض له (أهل الإيمان) عامة من قِبل الملحدين، الذين اتهمهم بمحاولة خفض الدين إلى مرتبة أدنى. وفي مقابلة مع صحيفة صنداي تليغراف، قُبَيل صدور تقريرٍ حول التمييز الديني في بريطانيا، قال "فيليبس" إن هيئته تسعى لحماية المسيحيين والمسلمين من التمييز الديني، واعترف بالتقصير في هذا الجانب خلال الفترة الماضية. وربما يوضح ذلك الدافع وراء مطالبة المجلس الإسلامي البريطاني، أكبر منظمة إسلامية في البلاد، إلى اتخاذ "إجراءات صارمة" للتصدي لهجمات الكراهية ضد المسلمين، وتأكيده على التصدي لما يُعرَف ب"التنميط العرقي" واستهداف الأقليات، في إطار قانون مكافحة الإرهاب الذي طبقته الحكومة على الأقليات. كما شدد رئيس الهيئة الحقوقية على بعض النقاط الهامة، منها: (1) حذر من تفشي موضة مهاجمة الدين والسخرية منه، مستشهدا بآراء الملحد، ريتشارد دوكينز. (2) أكد على ضرورة إعطاء الحرية للجماعات الدينية، وعدم التدخل في شؤونها الخاصة؛ ما يعني أن الكنائس ينبغي أن يُسمَح لها بمنع النساء والشواذ جنسيا من التنصيب ككهنة وأساقفة. (3) هاجم الجماعات المسيحية المتشددة، واتهمهم بخوض حرب ضد الشذوذ، لقطف ثمار سياسية خاصة. (4) طالب الكنائس والمعاهد الدينية، بالالتزام بتشريعات المساواة عند تقديم الخدمات للجمهور. واعترف التقرير، الذي أصدرته الهيئة منذ أيام (19 جوان) بوقوع بعض الجماعات الدينية ضحية لارتفاع معدلات الكراهية طيلة السنوات العشر الماضية، مشيرا إلى ارتفاع عدد قضايا النزاعات العمالية، التي تستند إلى عوامل دينية أو عقدية، من 70 إلى 1000 كل عام. يأتي ذلك بعد ظهور سلسلة من القضايا البارزة ادعى خلالها مسيحيون تعرضهم إلى التمييز بسبب معتقداتهم الدينية، وكان آخرها شكوى تقدم بها أحد الأطباء بعدما قام المجلس الطبي العام بتوبيخه لمشاركته المريض الحديث بشأن دينه. ورغم تعهد رئيس هيئة المساواة وحقوق الإنسان البريطانية بالدفاع عن حقوق المسيحيين، إلا أنه أعرب عن قلقه من وقوف مسيحيين متشددين وراء بعض هذه القضايا، مستغلين نفوذهم داخل الكنائس الرئيسية، المستمد من الأفكار غير المتسامحة التي يتبناها المهاجرون المسيحيون القادمين من أفريقيا ومنطقة بحر الكاريبي. وفي المقابل، أثنى فيليبس على المسلمين، ووصفهم بأنهم الأقل صخبا؛ لأنهم يحاولون الاندماج داخل الديمقراطية الليبرالية البريطانية، والأكثر محاولة للتفاهم مع جيرانهم، وأنهم يبذلون قصارى جهدهم لتطوير سبل تعايش الإسلام في ظل ديمقراطية ليبرالية حديثة. ورغم هذا الجهد الكبير، أكد فيليبس أن المسلمين هم أكبر ضحايا التمييز الديني في المجتمع البريطاني، بيدَ أن طائفة المسيحيين الإنجيليين هم الأكثر شعورا بالإهانة. * في المقابل، أثنى فيليبس على المسلمين، ووصفهم بأنهم الأقل صخبا؛ لأنهم يحاولون الاندماج داخل الديمقراطية الليبرالية البريطانية، والأكثر محاولة للتفاهم مع جيرانهم، وأنهم يبذلون قصارى جهدهم لتطوير سبل تعايش الإسلام في ظل ديمقراطية ليبرالية حديثة. ورغم هذا الجهد الكبير، أكد فيليبس أن المسلمين هم أكبر ضحايا التمييز الديني في المجتمع البريطاني، بيدَ أن طائفة المسيحيين الإنجيليين هم الأكثر شعورا بالإهانة.