مراصد إعداد:جمال بوزيان أخبار اليوم ترصد آراء أساتذة حول احتمال غلق المؤسسات التعليمية: إيقاف الدراسة يؤدي إلى الجهل والأمراض والتخلف كثر الحديث عن مواصلة المؤسسات التربوية والتعليمية لعملها أو إيقاف الدراسة بسبب تفشي كوفيد 19 .. وقد تباينت الآراء. سألنا أساتذة عن أولويات الاهتمام بكل ما تحتاجه المؤسسات التربوية والتعليمية في هذا الظرف وهو تحمل المسؤولية كاملة ومقاومة عدوَى الفيروس وعدم غلقها وتوفير كل عوامل نجاح العملية التربوية والتعليمية وعن أخطار إيقاف الدراسة على الجيل الحالي والمجتمع والبلد حيث تبدو أكثر مما تفرضه الجائحة. الأستاذ مجاهد ناصر: الوِصاية تعجلت في إغلاق المدارس والجامعات في مارس الماضي لا شك أن فيروس كورونا المستجد مسَّ كل نواحي الحياة وأربكها على جميع المستويات وقد تسبب في كساد النشاط الاقتصادي وتعطل الحركة التجارية بما فيها السياحة الروحية أو الترفيهية أو العلمية ومن بين القطاعات الحساسة قطاع التعليم التي تأثرت بهذا الوضع الطارئ حيث أرْبك الوباء السيرورة الاعتيادِيَّة للتعليم فلم تكن امتحانات نهاية السنة في وقتها وتأجلت إلى بداية العام الدراسي الموالي وكان الدخول المدرسي استثنائيّا وتميّز بركود وجمود ظاهر ميّزه عن السنوات الماضية. وطال التفكير من طرف المنظِّرين للتعليم حول فكرة إيجاد طريقة تضمن انطلاق الدراسة مع مراعاة اتخاذ إجراءات صارمة لمواجهة تفشي العدوَى في الوسط المدرسي لكن مع بداية النصف الثاني من شهر نوفمبر 2020م بدأ مؤشر ارتفاع الإصابات بالفيروس يتزايد بشكل ملفِت للانتباه مما دعا بعض الجهات أو الأفراد تنادي بغلق المدارس خاصة بعد ظهور حالات مرضيّة في بعض المؤسسات المدرسية وتسجيل بعض حالات الوفاة. ومن المسجّل على أرض الميدان قيام الجهة الوصيّة على التربية بفرض بروتوكول صحي على كافة مؤسساتها التربوية بمختلف مراحلها مثل ارتداء الكِمامة قبل الدخول إلى باحة المؤسسة وقياس درجة الحرارة وتعقيم اليدين بما في ذلك فرض نظام التفويج لضمان تباعد جسدي حقيقي داخل الفصول التعلميّة وتسريح المشكوك في حالتهم الصحيّة من القائمين على التعليم أومن تلاميذ وطلبة ليدخلوا حيِّز الحَجْر الصحي لكن هذا البروتوكول لم يُنظّم بصورة كاملة أو صحيحة في بعض المؤسسات التعليمية خاصة الابتدائيات التي ليس لها ذمة ماليّة وتتولى البلدية تسييرها مادياً فمعظم البلديات تعاني من عجز مالي هذا المشكل وضع المؤسسات التعليمة أمام إضراب المعلمين وهذا هاجس يؤرق المدرسة وينعكس سلباً على التحصيل الدراسي للتلاميذ وقد يكون مؤشر وصوت من الأصوات الداعيَّة لغلق المدارس. إنّ نظام الدراسة بالأفواج الذي انتهجته وزارة التربوية من أجل تحقيق التباعد بما في ذلك تخفيف عدد الساعات لبعض المواد التي لها الحظ الأوفر من التوقيت في التنظيم التربوي جاء بعدة مزايا تَهُم ُ التلميذ حيث وفّرت له راحة بمنحه يوماً كاملاً للراحة أو نصف يوم بما في ذلك خصم ربع ساعة من كل حصة تربويّة وهذا حسب قدرة كل مؤسسة لكن نظام الأفواج خلق إشكالية مضاعفة عدد الأفواج التربوية فأصبحت المؤسسة التي لديها 18 فوجاً تربوِيّاً 36 فوجاً وهنا أصبح أساتذة بعض المواد يعملون بتنظيم تربوي(استعمال زمن) يفوق النصاب المعتمد قانوناً بكثير وأصبح هذا الإشكال يطرح فرضيتيْن إما العمل بساعات إضافية وهذا قد يقابل بالرفض من طرف الأستاذ الساعات الإضافية قد يكون بعضها ملغى بسبب الغياب غير المبرّر وترهق كاهل المربِّي أو فرضية فتح مناصب مالية إضافية وهذا مستبعد لأن مضاعفة عدد العمال قد يُرْبك ميزانية التعليم أو يقود إلى الإفلاس. هنا يبقى التفهم من أسرة التربية وعليها أن تضحي من أجل تجاوز المرحلة خاصة إذا وضعنا في الحسبان أنّعمال التربيّة -بصفة عامة-تقاضوا راتبهم كاملاً غير منقوص من شهر مارس حتى شهر جوان 2020م تاريخ إمضاء مَحاضر الخروج للموسم الدراسي المُنصرم.بما في ذلك منح المردودية كاملة مع أن منحة المردودية مرتبطة بعدد التغيبات والأنشطة التربوية داخل القسم وقد حصلت الغيابات ولم تحصل نشاطات بفعل إغلاق المؤسسات كخطوة لصدِّ تفشي الوباء. إنّ المناداة بغلق المدارس من طرف جهات معيّنة قد يستحسنه أصحاب الدروس الخصوصيّة الذين يمتصون جيوب الأُسَر مقابل تدريس لا يُسمن ولا يُغني من جوع في بعض الحالات. إن غلق المدارس يعني تسريح العمال فإذا فرضنا أنّ مصنعاً لا يُنتج على سبيل المثال لا شكّ أن ّمصيره الإفلاس وبالتالي يجب أن يبادر صاحبه إلى غلقه قبل أن يطاله الإفلاس. وقد قيل:(إذا أردت أن تفتح سجناً فأغلق مدرسة) المدرسة منبع التربية وتلقي العلوم المختلفة والمنادون بغلق المدارس يريدون أن يصنعوا جيلاً أميّاً عاجزا عن تسيير دولته في كل القطاعات. في حقيقة الأمر أرى من وجهة نظري أن الوِصاية تعجلت في إغلاق المدارس والجامعات في مارس الماضي كان بالإمكان وضع بروتوكول صحيّ وترك المؤسسات تسير بصورة عادية وإجراء امتحانات نهاية السنة مثلما سارت على هذا المنوال بعض الدول العربية وغيرها لأن ذلك الغلق أورث سلوكاً غير سوِيّ عند التلاميذ والمعلمين والأساتذة على حدِّ سواء. بشأن الاقتراحات نرى في الظرف وجوب الاستمرار في العمل بنظام الأفواج مثلا في الوقت الذي يكون فيه الفوج(أ) في حصة مادة الرياضيات يكون الفوج(ب) يمارس الرياضة والحصة الموالية تتبادل الأفواج النشاط نفسه وهكذا يكون تبادل الأفواج مع مراعاة تبادل المواد التي تتطلب التفكير مع مواد ترفيهية مثل التربية الفنية والموسيقية والرياضة لأن تغيير النشاط مهمُّ للجسم والعقل ويجب تخفيف البرامج وتقليص عدد ساعات التدريس من المواد المرتفعة لعدد الساعات مثل اللغة العربية والفرنسية والرياضات والعلوم والفيزياء والرياضة والتربية الموسيقية والتربية الفنيّة حتى يستطيع الأستاذ أن يعمل في راحة من جهة هذا التنظيم ضمن راحة للأستاذ من اكتظاظ القسم لكن أرهقه بزيادة عدد الحصص ومن جهة أخرى يجب أن يرهق أولياء التلاميذ أبناءهم بتسجيلهم في حصص دروس الدعم خارج المدرسة والاكتفاء بالدروس المقدّمة في المؤسسة إذا التمسوا جدِّيَّة من الأساتذة ونيّة حسنة في توصيل المعلومات ونجاعة طرق استيعاب الدروس والقدرة على حل المسائل والتمارين وحتى تكثيف وتزاحم الدروس واختلاف طرق التدريس بين المدرّس النظامي والمدرّس خارج المؤسسة يؤثر على تحصيل التلاميذ ويشوّش أفكارهم وينزع الثقة من أحد المدرّسين متى لمسوا التقصير وغياب الجديّة من أحدهما كما أن العقل والجسم يتطلب راحة وتبديل النشاط خاصة في مرحلة النمو الحركي لدى الأطفال. لا شك أن عملية التدريس تجري في ظروف غير عادية في غياب الطمأنينة والخوف من العدوَى بسبب عدم احتكاك الطلبة ببعضهم وتبادل الخبرات والآراء فالعمل الجماعي هو مهِمُّ في العملية التعليميّة وهذا التباعد غير مساعد على استيعاب الدروس. وتبقى قاعدة (ما لا يمكن أن يدرك كلّه لا يُترك بعضه) ذلك أن يجب أن يسير من أجل تفادي السنة البيضاء وحتى يحصل التلاميذ على كشوفات الفصول وكذا الشهادات المدرسية التي تضمن لهم الارتقاء إلى القسم الأعلى. الأستاذ شريف زغني: الالتزام بتطبيق البروتوكول الصحي الوقائي كاف للحد من عدوَى كورونا بعد انقطاع إجباري عن الدراسة دام لأكثر من ثمانية أشهر بسبب جائحة كورونا ها هي المدرسة الجزائرية تفتح أبوابها من جديد إذ أصدرت وزارة التربية الوطنية قرارا ينص على عودة المتمدرسين إلى مدارسهم على مرحلتين مرحلة أولى خصّت مرحلة التعليم الابتدائي وقد انطلقت بتاريخ 21 أكتوبر ومرحلة ثانية خصّت مرحلتي المتوسط والثانوي بدأت بتاريخ 4 نوفمبر. وقد تم تنفيذ هذا الإجراء تحت شروط تمدرس جديدة وفق بروتوكول صحي وقائي طُبِّقَ لأول مرة في المدارس الجزائرية حيث يعتمد هذا البروتوكول المصادق عليه من اللجنة العلمية التابعة لوزارة الصحة على عدة تعليمات أبرزها ضرورة احترام معيار التباعد الجسدي بين المتمدرسين داخل الأقسام وفي الساحات وقاعات الإطعام وتعقيم الأيدي وقياس درجة حرارة المتمدرسين عند دخولهم مع إلزامية وضع القناع الواقي للمتمدرسين والأساتذة والإداريين والعمال الذين يمارسون مهامهم في المؤسسات التعليمية. بالإضافة لاتخاذ تدابير أخرى تتمثل في غلق كل مؤسسة يكتشف بها حالات للإصابة بالمرض بين المتمدرسين والأساتذة.. وقد طبق ذلك في عدة مدارس بمناطق مختلفة من الوطن وكذلك تم اعتماد التفويج أول مرة بحيث يُجَزَأ كل قسم إلى فوجين فرعيين لا يتعدى عدد التلاميذ فيه 20 تلميذا والعمل بالتناوب بين الفوجين الفرعيين صباحا ومساء للطورين المتوسط والثانوي ويوم بعد يوم للطور الابتدائي وتخفيف المناهج مع ضمان حجم ساعي كاف لاكتساب المعارف والتعلّمات وتحقيق الكفاءات المستهدفة في مناهج كل مستوى تعليمي وتقليص زمن الحصة الواحدة من ساعة زمنية الى خمسة وأربعين دقيقة حتى يتلاءم التوقيت الجديد مع الحجم الساعي الأسبوعي للأستاذ. مع انطلاق الدراسة في الأسبوعين الأولين ارتفعت حالات الإصابات اليومية بفيروس كورونا حيث تجاوزت الألف إصابة يوميا أول مرة في الجزائر.. مما أثار قلقا ومخاوف لدى الجزائريين وخاصة الأساتذة وعند وصول الحصيلة اليومية إلى أرقام لم تصلها منذ بداية ظهور المرض بالجزائر ثار النقاش بين التنظيمات النقابية وأولياء التلاميذ وحتى في مواقع التواصل الاجتماعي بين الأساتذة والطلاب حول جدوى تعليق الدراسة مجدداً مخافة انتشار الفيروس في الوسط المدرسي وبالتالي تعريض عائلات التلاميذ ومحيطهم إلى الخطر واستجابة لذلك قررت اللجان المشتركة بين قطاعي الصحة والتربية ووُلاة الجمهورية وتطبيقا لتعليمات اللجنة العلمية التي تتابع تطور الجائحة في الجزائر التعليق المؤقت للدراسة لمدة 15 يوماً لكل مؤسسة تربوية تسجل معدل أربع إصابات بالفيروس أو تجاوز عدد الحالات فيها قسمين اثنين ولقد دعت المنظمة الوطنية لأولياء التلاميذ وزارة التربية الوطنية إلى تعليق الدراسة مدّة شهر على الأقلّ بسبب الارتفاع المخيف لعدد حالات الإصابة بجائحة كورونا . في حين دعت نقابات القطاع إلى مواصلة الدراسة بشرط توفير الوسائل اللازمة لتطبيق البروتوكول الصحي وإعادة النظر في الجدول الزمني للأساتذة حيث أصيبوا بالإرهاق الشديد بعد تفويج التلاميذ وزيادة الحجم الساعي الأسبوعي وهو ما استجابت له الوزارة وأرسلت منشورا جديدا حول التعديل في التوقيت الأسبوعي. وفي ظل تزايد أعداد الإصابات بفيروس كوفيد 19 المستجد ازداد قلق الأساتذة والأولياء وتضاعف خوفهم من إمكانية إصابتهم بهذا الوباء في غياب عدم توفير رعاية صحية خاصة لهم.. ولا يختلف اثنان ممن يعرفون خبايا المدرسة الجزائرية أن الكثير من مؤسساتنا التربوية في مختلف الأطوار غير جاهزة في هذا الظرف بالذات لاستقبال التلاميذ وغير قادرة على تطبيق البروتوكول الصحّي فبعضها يفتقد حتى للماء والصابون ناهيك عن الطاولات وعمال النظافة الذين لهم دور مهم في تطبيق بروتوكول الوقاية من فيروس كورونا. وخاصة الابتدائيات التي لا تزال تعتمد في تسييرها على ما تمنحه لها البلدية من إمكانات ضئيلة لا تكفي حتى لشراء المعقم للتلاميذ فكيف بشراء الكِمامات وتعقيم الأقسام والساحات وذلك ما قد يساهم بشكل مباشر في نقل العدوَى من العائلة إلى المدرسة والعكس. ولا ندري إن يكن ارتفاع الإصابات في الفترة الأخيرة راجعاإلى فتح المدارس أم أن هناك عوامل أخرى منها فتح الأسواق الأسبوعية والمطاعم والمقاهي والمساجد والتجمعات التي تقوم بها الأحزاب والجمعيات وكذا الأعراس التي تقام في مناسبات الزواج.. فصار الكل يعلق انتشار الفيروس على مشجب عودة الدراسة ونسى دوره في التوعية من أجل الوقاية من المرض والحد من انتشاره فجميع دول العالم تحدّت الواقع وآثرت التعليم على الجهل وشجّعت الطلاب على الذهاب إلى المدارس بدل تقوقعهم في البيوت وقد عَدَّت منظمة اليونسكو و اليونيسف و برنامج الأغذية العالمي إغلاق المدارس خطرا غير مسبوق على تعليم الأطفال وحمايتهم وعافيتهم.. ونحن بصفتنا أساتذة وأولياء نشاطرهم الرأي قلبا وقالبا. وعليه ومن أجل استمرار الدراسة في الجزائر نقترح توفير كل الوسائل اللازمة لتطبيق البروتوكول الصحي في كل المؤسسات التعليمية عبر الوطن دون استثناء وعلى أكمل وجه بدءا بتوفير أجهزة قياس حرارة المتمدرسين وتوفير المعقم لهم وتعقيم حجرات الدراسة وقاعات الإطعام وحافلات النقل المدرسي وإجبار الجميع على ارتداء الكِمامات.. كما يجب تغيير التوقيت الحالي من التناوب صباحا ومساء إلى تناوب الفوجين يوما بيوم في التعليمين المتوسط والثانوي والاقتصار على تدريس المواد الأساسية فقط وتقديم دروس المواد الثانوية في مطبوعات للتلاميذ وبثها في حصص تعليمية مرئية في القنوات التلفزيونية من أجل تشجيع الدراسة عن بعد والاعتماد على النفس في البحث والتعلّم. إن التعليم هو أساس أي نهضة فلا يمكن لأي دولة أن تحقق نهضة حقيقية بدون علم ومعرفة فكيف نهمل هذا الجانب ونغلق مدارسنا إذ نجني بعد ذلك وبالا على مجتمعنا؟ والنتيجة سنراها في التخلف والجهل والأمراض التي تصيبنا إذا أنتجنا جيلا أميا متخلفا.