** نرى أصحاب الأديان الأخرى يسلكون طرقًا شتى لنشر دينهم لا ينتبه إليها المسلمون، فهل يجوز أن نسلك في دعوتنا إلى الإسلام مثل مسالكهم؟ * الدعوةُ إِلى الدِّين وَإِلى كل عملٍ خيري تحتاج إلى الأسلوب الصحيح القائم على دراسة علم النفس والنظريات التربوية ووسائل التأثير والإقناع، والتخطيط السليم لكلِّ حَرَكَة تُتخذُ فِي هذا المجال ويجمع ذلك كله كلمة "الحِكْمَة" الِّتي تقوم على وضع كل شيء في موضعه (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا) (سورة البقرة: 269) يقول الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن) (سورة النحل: 125). وقد وضَّح علماء الإسلام معنى الحِكْمَة فِي الدعوة ووضعت كُتب كثيرة في بيان المنهج لنشر الدِّين وتعاليمه. والكتابات العربية والإسلامية فيها الكفاية للتعرُّف على ذلك، ولكن هذا لا يمنع أن نستفيد من خِبْرَات غيْرنا في هذا الميدان، ومبدأ الاستفادة مما عند الغير فيما هو مُفيد مبدأ مسلم به، وتطبيقاته كثيرة لا يتسع المقام لذكرها. وفي كتاب بعنوان "الغارة على العالم الإسلامي" لمؤلفه "شاتليي" تحدَّث فيه عن خُطط التبشير التي يوجد بعضها في كتاب للقسيس "فليمينغ" الأمريكي في الفصل الأول والثاني، ومما جاء فيه عن هذه الخُطط ما يأتي: 1 نشر اللغات الأوروبية، فعن طريقها يقرأ المسلمون أفكارَ الغرب فتهدم الفكرة الإسلامية التي لم تحفظ كيانها وقوتها إلا بعُزْلتها وانفرادها وهذا طريق غير مباشر لزحزحة العقيدة الإسلامية من نفوس المسلمين. يقول "شاتليي": ولا شك أن إرساليات التبشير تعجز عن أن تُزحزح العقيدة من نفوس المسلمين، ولا يتم لها ذلك إلا بتسرب الأفكار الغربية عن طريق اللغة، وهنا تُقرأ الصحف وتُمَهد السُّبل لتقدم إسلامي مادي. 2 يكتفون بانحلال الروح الدِّينية، ولا يطمعون مباشرة في إحلال فكرة بدلها، فسيأتي ذلك حتمًا بعد الفراغ الروحي أو تخلخل العقيدة الأولى، وعدم فرض العقيدة إلا بعد الاطمئنان على تهيؤ النفس لها ومحاولة عدم النزاع مع المسلم. 3 خطتهم لها أساسان: الهدم والبناء، أو التحليل والتركيب. 4 الظهور بمظهر الوحدة والتعاون بين البروتستانت والكاثوليك؛ لأن عقلاء المسلمين يرون في اختلافهم طعناً في جهودهم، ولا يهتمون بأفكارهم الدينية، بل يقتصرون على اقتباس الحضارة والأفكار الأخرى. 5 تخصيص مُبشرين مناسبين للمسلمين، وآخرين للوثنيين. 6 استعمال الموسيقى؛ لأنها تطرب المسلمين، وإلقاء الخُطب بأصوَاتٍ رَخِيمَة وبِفَصَاحة. 7 تأسيس مصحات للِّقاء بالمَرضى المسلمين، ومُلازمة المريض خصوصًا عند الاحتضار كما أوصى "سمبسون" ومن وصية الدكتور "أراهارس" المُبشر بطرابلس الشام أن الطبيب لا يجوز أن ينسى أنه مُبشر أولاً ثم طبيب ثانيًا. 8 تعلُّم لهجات المسلمين، وذلك للتغلغل مع كلِّ طبقاتهم ومستوياتهم. 9 دراسة القرآن لمعرفة ما فيه والردِّ عليه أو نَقْدِه. 10 مُخَاطبتهم عَلَى قَدْرِ عُقُولِهِم ورَخَامة الصَّوْت وفَصَاحَة اللِّسان. 11 عدم تخلل الخطابة لكلمات أجنبية عنهم لا يفهمونها فلا تصل إليهم الأفكار كاملة، وقد تثير الشك في نفوسهم أو تصرفهم عنهم. 12 أهمية اختيار الموضوعات التي يتحدثون فيها، بحيث تكون مُنتزعة من واقع ظروفهم، واستغلالها لبث الفكر المطلوب الذي يشد انتباههم، وحَتى لا يكونوا في وادٍ وهم في وادٍ آخر. 13 التنبُّه لموضع المناقشات في آيات القرآن والإنجيل. 14 الخِبْرَة بالنَّفس الشَّرْقية. والاعتماد على التشبيه والتمثيل ووسائل الإيضاح أكثر من المَنْطِق الَّذي لا يَعْرفُه الشَّرْقيون. 15 إنشاء مدرسة لتخريج المُبشرين في مصر، وهم يحمدون الله لتوفيقهم لاختيار مصر. 16 الاهتمام بتجنيد النساء في الطِّب، لعدم خوف المسلمين منهنَّ، كما يخافون من الرجال. 17 عَرْقَلَة جهود الأزهر في بعثة العلماء إلى أفريقيا، وتعليمه الوافدين والإنفاق عليهم وعودتهم إلى بلادهم ثانية؛ لأن الإسلام ينمو بلا انقطاع في أفريقيا، ومن عَرْقَلَة جهوده فَتْحُ مَدارس وجامعات لتعليم اللغة العربية والدراسة الإسلامية على منهجهم وبأفكارهم. 18 الاهتمام بتربية مُبشرين عَلْمَانِيين مِنْ بَيْنِ الْمسلمين لينصِّروا غيرهم؛ لأن الشجرة يجب أن يقطعها أحد أصحابها كما قال "زويمر" في كتابه "العالم الإسلامي". 19 رسم خُطة لتنصير العالم كُلِّه في 25 سنة "ص 235". 20 التسلّح بالصبر الطويل والثقة بالفوز. 21 ربط صداقات واحتكاكات مع المسلمين، والظهور بمظهر المُحبِّ للخير لهم ولاستقلال لبلادهم، وعن طريق ذلك يكون الإعجاب بالفكرة التي تُلْقَى عَرَضًا. 22 التحدث إلى الشُّبان في التاريخ والأخلاق والاجتماع بعيدًا عن الدِّين، ليجذبوهم إليهم؛ لأن أية طريقة لها صِبغة دينية مصيرها الفشل. 23 الاهتمام بتأليف جمعيات للتقريب بين الطرفين لتنمية روح التفاهم الإنساني. 24 التجاوز عن بعض عادات المسلمين كتعدد الزوجات. 25 الموازنة بين حياة الأُمم النصرانية وأخلاقها، ومقابلها عند الأمم الإسلامية ليظهر ترجيح النصارى عليهم. 26 ظهور المُبشر بأخلاق طيبة؛ لأنه صورةٌ للمسيح فيجذب المسلم إليه. 27 نشر الإنجيل مُتَرْجَمًا وكذلك الكُتب الدِّينية، وفتح مكتبات للبيع بثمن زهيد، مع فرصة التحدُّث للمُشْتَرِينَ. هذا بعض ما نقلته من كتاب "الغارة على العالم الإسلامي" يُمكن للدعاة المسلمين أن يستفيدوا منه في إطار العقيدة والقيم الإسلامية. وأكثر ما جاء من هذا التخطيط تشهد له النصوص وتُقِره فَلْسَفَة التَّرْبية. وكَتَبَ عنه عُلَمَاءُ الدِّين.