تلقاها المجلس الدستوري من مترشحين لاستحقاق 12 جوان* مئات الطعون في نتائج التشريعيات * تركيبة الحكومة القادمة رهينة التحالفات البرلمانية * ف. زينب* كشف رئيس المجلس الدستوري كمال فنيش الخميس بالجزائر العاصمة أن المجلس تلقى أزيد من 400 طعن تم إيداعه من قبل مترشحين شاركوا في الانتخابات التشريعية التي جرت يوم 12 جوان ولا يبدو واضحاً ما إذا كانت هذه الطعون قد تسفر عن تعديلات عند إعلان النتائج النهائية للتشريعيات من قبل المجلس الدستوري. وأكّد السيد فنيش خلال ندوة صحفية نشطها بمقر المجلس أنه سيتم دراسة هذه الطعون والفصل فيها في الآجال المحددة قانونا. للتذكير كان المجلس الدستوري قد نظم الثلاثاء الماضي يوما إعلاميا خصص لشرح كيفية تقديم الطعون في النتائج المؤقتة للانتخابات التشريعية والنظر فيها. ويحق للمعنيين الطعن في النتائج المؤقتة للانتخابات وفق شروط شكلية وأخرى موضوعية وهذا بناء على الدستور لاسيما المادتان 191 و224 منه وطبقا لأحكام المادة 209 من القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات والنظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري. من جهة أخرى ومع بدء العد التنازلي لتنصيب الغرفة السفلى من المجلس الشعبي الوطني بعد إعلان النتائج الأولية لتشريعيات ال12 جوان 2020 بدأت توقعات السيناريوهات المقبلة وعيون الساحة السياسية منصبة على لون الحكومة القادمة وأي تحالفات سيصنعها الدستور الجديد الذي يفتح الاحتمالات على طريقتين لتشكيل الحكومة إما بالأغلبية البرلمانية أو الأغلبية الرئاسية؟. وفي هذا الجانب قال المحلل السياسي عبد الكريم سويرة في تصريح للقناة الإذاعية الأولى إن الأغلبية البرلمانية المطلقة التي يتيح لها الدستور تشكيل الحكومة تقتضي على 204 مقاعد في البرلمان وهو ما لم يحدث في الانتخابات التشريعية التي أعلنت نتائجها منذ أيام قليلة وهو ما يفتح الاحتمالات أمام سيناريوهات متعددة . وأضاف سويرة أن الدستور الجزائري المعدل مؤخرا نص على أغلبيتين رئاسية وبرلمانية ومادامت الأغلبية البرلمانية لم تتوفر بالانتخاب فالأمر يتوقف على التحالفات التي ستعرفها الساحة السياسية بعد تنصيب البرلمان وهي التحالفات التي لا يستبعد ان تمضي باتجاه الأغلبية الرئاسية في حال حاز برنامج رئيس الجمهورية على دعم الأغلبية -على حد تعبيره-. الشباب بقوة.. وتراجع التمثيل النسوي سجل الشباب البرلمانيون وأغلبيتهم جامعيون الذين أفرزتهم تشريعيات 12 جوان 2021 دخولا قويا للمجلس الشعبي الوطني الجديد مما يشكل مكسبا هاما ومحوريا لمؤسسات الجمهورية التي شكلت نقطة تجديد للطبقة السياسية في الوقت الذي تعثر فيه التمثيل النسوي حيث عرف تراجعا في المجلس مقارنة بالمواعيد الانتخابية السابقة. ويؤكد بروز الشباب بمناسبة هذه العهدة التشريعية التاسعة الإرادة القوية والقناعة الراسخة لدى هذه الفئة من المجتمع بحمل المشعل لبناء الجزائر الجديدة. كما يدل الدخول القوي للنواب الشباب على اقبالهم الذي اعتبر دليلا على الثقة في مشروع الجزائر الجديدة التي تبناه رئيس الجمهورية. وقد اكدت ذلك الارقام المؤقتة التي اعلنت عنها السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات التي يرأسها محمد شرفي حيث تضم التشكيلة الجديدة للغرفة السفلى للبرلمان 373 نائبا من الرجال اي 91.65 بالمائة من التشكيلة الاجمالية و140 منهم تقل اعمارهم عن 40 سنة اي بنسبة 34.04 بالمائة و267 تبلغ اعمارهم 40 سنة اي بنسبة 65.60 بالمائة. وفضلا عن سنهم الصغير فإن 305 من بين 373 نائب جديد لديهم مستوى جامعي مما يمثل نسبة معتبرة تقدر ب74.94 بالمائة حسب ما اكده السيد شرفي الذي ذكر بأن أكثر من 13000 شاب ترشح لهذه الانتخابات من بين 10.468 مرشحا حزبيا و12.086 مرشحا مستقلا. للتذكير ان رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون كان قد اشار في احدى لقاءاته مع الصحافة إلى اقبال الشباب على هذه التشريعيات . في هذا الصدد فإن الدخول القوي للشباب إلى البرلمان الجديد كان متوقعا لكون الدستور المعدل في 2020 يشجع الشباب على المشاركة في الحياة السياسية وهو ما تجسد خلال تشريعيات 12 جوان التي تعد اول موعد انتخابي يتم تنظيمه بعد اقرار الدستور الجديد عبر استفتاء اول نوفمبر 2020. كما ان الحضور القوي للشباب الجامعي قد تم على اثر قرار رئيس الجمهورية بمراجعة شرط السن ورفع حصة الشباب الجامعي إلى الثلث في القوائم الانتخابية من جهة وتشجيع تمثيل النساء بشكل متكافئ ومتساو في القوائم الانتخابية وذلك من اجل الغاء نظام الحصص. في هذا الصدد فإن المادة 73 من الدستور تنص على ان الدولة تسهر على توفير الوسائل المؤسساتية والمادية التي من شانها تطوير قدرات الشباب وتشجيع قدراته الابداعية وان الدولة تشجع الشباب على المشاركة في الحياة السياسية . العنصر النسوي: تواجد نوعي رغم قلتهن على عكس الشباب يشهد حضور النواب من النساء تراجعا في تشكيلة المجلس الشعبي الوطني الجديد مقارنة بالمجلس السابق. ويقدر تمثيلها بنسبة 35ر8 بالمائة في التشكيلة الجديدة للمجلس مكتفية ب34 مقعدا من مجموع 407 التي يضمها المجلس الشعبي الوطني حسب النتائج المؤقتة التي أعلنت عنها السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات. فقد بلغ عددهن 146 نائبة في المجلس السابق لكن ذلك كان ممكنا في نظام الحصص السابق الذي تم وضعه سنة 2012 والذي تم إلغاؤه. وللتذكير فقد ترشحت 8.305 امرأة في قوائم مستقلة أو حزبية في إطار تشريعيات 12 جوان 2021. القوائم المستقلة تعيد رسم المشهد السياسي في البلاد تحصلت القوائم المستقلة خلال انتخابات المجلس الشعبي الوطني التي جرت السبت الماضي على 78 مقعدا من ضمن 407 محدثة بذلك قفزة في تشكيلة المجلس وفي إعادة رسم المشهد السياسي في البلاد. وبهذه النتائج المؤقتة تكون القوائم الحرة قد أضحت القوة السياسية الثانية في البلاد بعد حزب جبهة التحري الوطني الذي حاز على 105 مقعد متبوعة بحركة مجتمع السلم في الرتبة الثالثة بحصولها على 64 مقعدا لتكشف بذلك تقدمها على العديد من التشكيلات السياسية التقليدية. وبالنظر إلى النتائج المحققة يكون النواب الأحرار قد كسبوا رهان التواجد المعتبر في تشكيلة المجلس الشعبي الوطني الجديد بعدما دخلوا الاستحقاق ب1.208 قائمة انتخابية تمثل 22.500 مترشح مقابل 1.080 قائمة حزبية وكذا استفادتهم من التزام رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون بتمويل حملة المترشحين المستقلين الأقل من 40 سنة بغية إبعاد المال الفاسد عن العمل السياسي إلى جانب أخلقة الحياة السياسية وتجديد مؤسسات الدولة وإعادة الاعتبار للمؤسسات المنتخبة في إطار الجزائر الجديدة وتلبية للمطالب التي رفعها الحراك الشعبي ل22 فيفري 2019. كما تعتبر النتيجة المحققة من طرف القوائم المستقلة تاريخية في مسار مختلف التشريعيات التي عرفتها البلاد حسب العديد من المتابعين للشأن السياسي بعد نيلها 28 مقعدا في تشريعيات 2017 و19 مقعدا في الانتخابات التشريعية ل2012 مسجلة بذلك نسقا تصاعديا لافتا من فترة تشريعية إلى أخرى. من جهة أخرى يأتي حصول المترشحين الأحرار على 78 مقعدا في تشكيلة الغرفة السفلى للبرلمان الجديد ليترجم آمال الكثير من المواطنين والمواطنات في اختيار ممثليهم بعيدا عن الألوان السياسية والايديولوجية الحزبية مفضلين نوابا مستقلين أغلبهم من الشباب ومن حاملي الشهادات الجامعية.