فقد نادي وفاق سطيف سيطرته على سوق انتقالات اللاعبين، التي فرضها رئيسه عبد الحكيم سرار طيلة المواسم الأربعة الماضية، بفضل أموال دوري أبطال العرب والمساعدات الحكومية السخية التي تحصل عليها، والتي وظّفها سرار في تحويل مدينة عين الفوارة إلى قبلة نجوم الدوري المحلي المفضلة، والتي جعلت المحبيين ينعتون فريقهم بوفاق الجزائر في إشارة إلى ضمه للاعبين من مختلف ولايات وجهات الوطن· الظهور المفاجئ لرئيس اتحاد العاصمة، رجل الأعمال الثري علي حداد، بعد إعلان الاحتراف والعودة غير المتوقعة لرئيس شبيبة القبائل شريف حناشي، ثم الأزمة المالية الناجمة عن تراجع المساعدات والمداخيل·· كلها أخلطت حسابات وتوقعات سرار الذي وجد فريقه يتعرض لنزيف بشري حاد، وبشكل جماعي بعدما هاجره عشرة من ركائزه الأساسية، فشل سرار في إقناعهم بتجديد عقودهم و الاستمرار مع الفريق، و لو لموسم آخر رغم أن الفريق ضمن مشاركة قارية في كأس الكنفدرالية الإفريقية· ومما زاد من وقع هذه الصدمة على سرار، وعلى محبي (النسر الأسود) أن اللاعبين لم يغادروا الفريق، ولم يلتحقوا بأنديتهم الجديد لدوافع فنية مثلما صرحوا به، بل فضّلوا الرحيل لأسباب مالية محضة، بعدما وصلتهم عروضا مغرية لم يجدوها عند سرار الذي بقي مكتوف الأيدي، وهو يتفرج على فريق الأحلام الذي بناه في سنوات ينهار أمامه في أيام، خاصة أن انتقالهم لم يدر على خزينة الوفاق لا دينار و لا دولار، بعدما كان يراهن على احتراف بعضهم إلى الخارج سواء نحو الخليج، أو أوروبا للحصول على بضعة آلاف من الدولارات نظير البطاقة الدولية· مدة عقد بقية النجوم أبطلت رحيلهم من حسن حظّ سرار أن بعض النجوم مثل الظهيرين عبد الرحمن حشود و مختار بن موسى والمهاجم يوسف غزالي ومتوسط الميدان عبد المؤمن جابو، كانوا قد أمضوا الموسم الماضي على عقود مدتها موسمين رياضيين، وإلا لكانوا قد التحقوا بأصحابهم العشرة حسين مترف ونبيل حيماني اللذان انتقلا إلى شبيبة القبائل والحارس فوزي شاوشي الذي تعاقد مع مولودية الجزائر، والكاميروني فرانسيس امباني الذي انضم إلى بطل الدوري أولمبيك الشلف· في حين انتقل كل من خالد لموشية وعبد القادري العيفاوي ومحمد يخلف وفهام بوعزة إلى اتحاد العاصمة، بينما أمضى مصطفى جاليت مع شبيبة بجاية وصيف بطل الدوري، أما باجيو العرب لزهر حاج عيسى فقد رفض تجديد عقده مع الوفاق، و أصرّ على مغادرته وأصبح قاب قوسين أو أدنى من الإمضاء لاتحاد العاصمة تحتاج فقط لبعض الوقت· ولأن الصفعة كانت قوية على سرار، وهو الذي فرض نفسه في المواسم المقبلة سوق الانتقالات في الجزائر الصيفية منها و الشتوية· وأيضا لخطورة هذه الهجرة الجماعية على مستقبل الفريق راح سرار يبتكر تبريرات أقل ما يقال عنها أنها واهية، فقد قلّل من أهمية رحيل هؤلاء النجوم بالقول، أنهم لاعبين مستهلكين ولم يعد لهم ما يقدمونه للوفاق وصلاحياتهم انتهت معه بعدما خاضوا عددا كبيرا من المباريات، وبعضهم تقدّم في السن ورحيلهم أفضل من بقائهم على دكة البدلاء رغم أن المغادرين لعين الفوارة يحملون صفة اللاعب الدولي· حداد يفقد سرار هيبته المحلية وهو تفسير غير واقعي بالمرة، ولا يمكن قبوله خاصة مع بعض الأسماء التي ظلّ يتوسل إليها لتجدد عقدها، لكنها رفضت لأنهم كانوا يدركون بأن سرار يناور فقط، ولم يعد قادر على تلبية مطالبهم المالية، بعدما تخلت عنه الجهات التي كانت تموّله، والتي راهن عليها قبل أن يكتشف بأنه راهن على حصان أعرج في سوق يعرف سرار جيداً أسرارها، بأنها لا تعتمد سوى على الملموس· ومما يؤكد بأن سرار تلقى صفعتين واحدة من حداد والأخرى من حناشي، هو إخفاقه في إقناع حسين مترف ومحمد يخلف بالبقاء وفشله في مفاوضاته مع عموري جديات الذي فضّل هو الآخر أموال الاتحاد · ويبدو أن سرار هذه الصائفة يتذوق من نفس الكأس التي ظلّ لسنوات يروي منها عدد من رؤساء الأندية، مستغلا أزماتهم المالية لخطف نجومهم الواحد تلو الآخر، وتأكد للجميع بأن سرار لم تكن لديه أي استراتيجية فنية في انتداباته، فاستقدم لاعبين لم يكن بحاجة إليهم، لكنه فقط يريد حرمان فرقهم منهم بهدف إضعافها حتى يسهل لفريقه الفوز ببطولة الدوري· هجرة النجوم تضع الوفاق أمام مستقبل أسود وأمام الفراغ الرهيب الذي تركه رحيل العشرة، وقلة موارده المالية لجأ سرار إلى البحث في السوق عن لاعبين ليسوا في مفكرة الشبيبة والاتحاد، كما لعب ورقة الأفارقة من أجل ترميم صفوفه وتعزيز التعداد البشري للبقاء في خانة الأندية القوية والمنافسة على البطولات المحلية والقارية، تفاديا لتكرار سيناريو عشرية التسعينات، عندما كان الفريق يلعب دور المصعد الكهربائي سنة في الممتاز وأخرى في الدرجة الثانية· استقدامات شكلية ولحد الآن وبعد مرور حوالي شهر عن نهاية الدوري، تعاقدت إدارة الوفاق مع 11 لاعباً كلهم يصنفون ضمن خانة المغمورين، قادمين إما من أندية الدرجات السفلى أو من فرق تلعب على البقاء فتعاقد مع كل من الحارس بلخوجة من جمعية الخروب، والذي يتنبأ له سرار بمستقبل زاهر لدرجة الوصول إلى المنتخب الوطني بعد عدد من المباريات، واستقدم قروي من مولودية العلمة واستعاد مختار مغني من مولودية سعيدة بعد نهاية فترة إعارته، وتعاقدت مع كل من تيولي من اتحاد مغنية وطيب من بوفاريك وفراحي من ترجي مستغانم، وطيب و زروقي وناجي من الرغاية· بالإضافة إلى الثنائي الإفريقي الغاني المهاجم الكس اصامواه، ومتوسط الميدان عبد الصمد ابونغ· كما تعاقد مع المهاجم محمد أمين عودية العائد إلى الجزائر بعد تجربة احترافية فاشلة في الزمالك المصري، لم تدم سوى ستة أشهر مقابل 125 ألف دولار، وهي الصفقة التي أثارت الكثير من الشكوك، بعدما أكدت مصادر مصرية أن عودية مصاب في الركبة، ولا يمكنه تقديم أداء جيد· ويحاول سرار تبديد مخاوف محبي عين الفوارة من هذه الانتدابات، حيث يراهن عليها للتألق وخلافة الركائز التي غادرت الفريق· وعلى بعد أيام من استئناف التدريبات، لا يزال الفريق لم يجد مدرباً، بعدما أخفق سرار في مساعيه لإيجاد ربان يقود سفينة الوفاق إلى بر الأمان سواء من الأجانب، أو من الأطر المحلية وهو الذي ظل لسنوات يغير المدربين مثلما يبدل جواربه، حيث تداول على تدريب الوفاق منذ أغسطس 2006 أكثر من 12· الوفاق يعسكر بتونس وسرار لازال يبحث عن مدرب يأمل سرار التعاقد مع مدرب قبل السفر إلى تونس لإقامة معسكر تدريبي مغلق، يدوم حوالي أسبوعين يخوض خلاله الوفاق عدد من المباريات الإعدادية استعداداً لخوض غمار الموسم الجديد الذي سينطلق أواخر شهر سبتمبر· وأمام غياب اسم جديد يحظى بالثقة، بدأ سرار ينقّب في رفوفه القديمة عن أسماء تخرجه من المأزق، لذلك رشحت عدة مصادر أن يعود الإيطالي نور الدين زكري للإشراف على أبناء عين الفوارة بعد سنة تقريبا من استقالته المفاجئة، لكن هذا الأخير نفى عودته طالما بقي سرار على رأس الوفاق·