مع حلول شهر رمضان المبارك تكثر الأسئلة حول رأي الدين والطب معاً في صيام المرأة المرضع، حيث أن الصيام يمتد طيلة ساعات النهار، ومع ارتفاع درجة الحرارة في شهر الصيف، يصبح الصيام أكثر مشقة؛ لزيادة الاحتياج لشرب المياه والسوائل، وهو ما يصعّب على بعض المرضعات الصيام. إلا أن الكثيرين يرون أن رمضان هو شهر واحد في العام، ومن الصعب تعويض صيام أيامه المباركة. ويؤكد الأطباء على أن المرأة المرضع يمكن أن تصوم خلال شهر رمضان، طالما أنها تشعر بقدرتها على تحمل مشقة الصيام، مع ضرورة تأكدها أن الصيام لن يسبب لها أي ضرر يمكن أن يلحق بها أو بطفلها. وتتساءل كثير من الأمهات هل يمكن أن أصوم وأنا أرضع صغيري وهل يسبب الصوم أي ضرر للأم وطفلها، ويجيب الأطباء المتخصصون في هذا المجال، بان حاجة الأم المرضع تزيد للغذاء أكثر من غيرها، لتعوض ما تفرزه في لبنها، والذي يقدر بحوالي نصف كيلو غرام أي حوالي سدس وزن الرضيع في الحالات الطبيعية، وتزداد كمية اللبن حتى تصل إلى كيلو غرام عندما يصبح عمر الوليد ستة أشهر. وحيث إن اللبن يستخلص من دم المرضع – بصرف النظر عن كمية الغذاء التي تتناولها – لهذا إذا لم يكن غذاءها كافياً؛ فإن الرضاعة تكون على حساب صحتها. كما أن العطش خلال ساعات الصوم يؤثر على كمية اللبن لدى المرضع، لذا إذا كان الرضيع يعتمد في تغذيته فقط على الثدي؛ فيجب أن تفطر الأم المرضع لتوفر له غذاء، وهو ما رخصه لها الشارع، إلا أنها ليست شرطاً. ويتكون لبن الأم – أثناء الرضاعة– من حوالي 2000 إلى 3000 سعر حراري في اليوم من أجل استمرارية عملية الرضاعة في سلام وأمان. وتوجد الهرمونات التي تساعد على تكوين لبن الأم مثل: هرمون "البرولاكتين" الذي يفرز من الغدة النخامية بالمخ وهرمون "أكس توسن" ويفرز من الغدة النخامية، وهو الذي يساعد على انقباضات الرحم؛ لمنع النزيف بعد الولادة. ويساعد أيضاً على عودة الرحم إلى حجمه ووضعه الطبيعي بعد عملية الولادة، وهذا الهرمون يؤدي لزيادة كمية البول أي أنه يعمل على إنقاص كمية المياه داخل جسم المرأة، لذا ينصح بتناول السوائل بوفرة أثناء الرضاعة لتعويض كمية السوائل المفقودة. ومن هنا يتضح أن عملية الصيام يمكن أن تؤثر على إدرار اللبن بعض الشيء، خاصة من المرحلة الأولى لميلاد الطفل، وهي المرحلة التي تحتاج فيها المرأة إلى تفاعل أجهزة الجسم وعودتها لطبيعتها. وعليه ففي حالة صوم الأم المرضعة لعدم قدرتها على تعويض أيام إفطارها في رمضان، فيجب عليها الأخذ بهذه النصائح، شرب ما يوازي أربعة لترات من السوائل فيما بين الإفطار والسحور، تناول كمية كبيرة من الخضروات والفاكهة الطازجة واللبن خلال ساعات الإفطار، أخذ الفيتامينات التي يصفها الطبيب، مع الحرص على مراجعة الطبيب في حالة وجود أي ضعف أو تأثير من الصوم عليها أو على طفلها. وفي حال وجدت نفسها أنها غير قادرة على الاستمرار في الصيام؛ فإنه يمكن أخذ الرخص التي وضعها الله عز وجل رحمة للعالمين، ويمكنها أن تقضي ما فاتها بعد رمضان بإذن الله.