تعدّ المواجهة المصيرية التي سيخوضها كلّ من الأهلي المصري ومولودية الجزائر سهرة يوم غد بملعب (ناصر) بالقاهرة الخامسة ضمن المباريات الرّسمية بين الفريقين، وآخر مباراة جمعت النّاديين كانت قبل 27 سنة من الآن برسم كأس الكؤوس الإفريقية، وكانت الغلبة آنذاك لفريق الأهلي المصري الذي عرف كيف يثأر من تلك الخسارة التي تكبّدها بملعب 5 جويلية عام 1976، والتي كلّفته الخروج من كأس إفريقيا للأندية البطلة، كما أن تأهّل المولودية في تلك السنة إلى الدور ربع النّهائي فتح له الأبواب من أجل إهداء الجزائر أوّل كأس قارّية للأندية بعد الاستقلال· إعداد / كريم مادي قبل 34 سنة من الآن أهدى لاعبو المولودية كما سبق الإشارة إليه منذ قليل أوّل كأس قارّية للجزائر بفوز زملاء عمر بتروني يوم 18 ديسمبر 1976 بكأس إفريقيا للأندية البطلة على حافيا كوناكري الغيني بضربات الجزاء بعد انتهاء مبارتي الذهاب والإيّاب بنفس النتيجة، الذهاب لمصلحة الغينيين (3/0) والإيّاب لمصلحة الجزائريين (3/0)، ليبتسم الحظّ لفريق المولودية في ضربات الجزاء· وقبل أن يقيم الجزائريون الفرحة كان طريق لاعبي المولودية إلى منصّة التتويج جدّ شاقّ، حيث أقصى في الدور الأوّل أهلي طرابلس الليبي، وفي الدور الموالي تأهّل على حساب الأهلي المصري، وهي المحطّة التي سنحدّثكم عنها بإسهاب في هذا الموضوع· *** مواجهة الذهاب بملعب 5 جويلية·· المولودية 3 - الأهلي 0 بعد اكتمال عقد الفرق المتأهّلة إلى الدور ثمن النّهائي وعددها 16 فريقا، تمّ سحب عملية القرعة وأفرزت عن مواجهة قوية لفريق المولودية أمام الأهلي المصري· وقد رشّح الجميع الأهلي لوضع حدّ لمسيرة المولودية نظرا لتباين مستوى الفريقين كون فريق الأهلي كان يزخر بأسماء لامعة يقودهم لاعب القرن في مصر محمود الخطيب· التقى الفريقان في لقاء الذهاب في ال 29 من شهر ماي من ذات السنة بملعب 5 جويلية الأولمبي أمام 55 ألف متفرّج، وأدراه الحكم التونسي دريد· المولودية دخلت اللّقاء بالأسماء التالية: كاوة وزمور وعزوز ليتمّ تعويضه بعلي بن شيخ وبتروني الذي عوّضه بانج وبوسري وباشطا والرّاحل دراوي، المدرّب كما هو معلوم عبد الحميد زوبا· زملاء باشي كانوا في الموعد، فرغم جلوس بن شيخ على مقعد الاحتياط بسبب الإصابة إلاّ أنهم وجدوا كلّ الدّعم من طرف الجماهير الغفيرة التي ملأت مدرّجات ملعب 5 جويلية، حيث تمكّن فريق المولودية من تسجيل هدفين خلال الشوط الأوّل· البداية كانت مع اللاّعب عزّوز، ليضاعف زميله باشي النتيجة، الأمر الذي زاد من فرحة الجماهير فوق المدرّجات التي تغنّت كثير بحياة المولودية· في الشوط الثاني تواصل ضغط لاعبي المولودية على الخصم، جسّده اللاّعب الاحتياطي بن شيخ بهدف ثالث قضى به على أحلام لاعبي الأهلي الذين شكّلوا قبل هدف بن شيخ ضغطا رهيبا على الحارس كاوة، لكن براعة هذا الأخير حالت دون ذلك، لتنتهي المباراة بفوز مستحقّ للمولودية ولم يصدّق مدرّب الأهلي اليوغسلافي ياغوديتش أن فريقه خسر اللّقاء ب (3/0)· ورغم الفوز الكاسح للمولودية إلاّ أن ياغودفيتش وعد محبّي الأهلي بكسب ورقة العبور إلى الدور ربع النّهائي كون مباراة الإيّاب تلعب في ملعب (ناصر) بالقاهرة· *** مواجهة الإيّاب بملعب "ناصر" بالقاهرة·· الأهلي 1 - المولودية 0 لكن بفضل قوّة وإرادة شبّان المولودية الذين كانوا لا يقهرون تمكّنوا من انتزاع ورقة العبور إلى الدور ربع النّهائي بالرغم من خسارتهم للّقاء بهدف لصفر يوم 11 جوان من نفس العام وقّعه اللاّعب الكبير محمود الخطيب في الدقيقة العاشرة من المرحلة الثانية· فريق المولودية لعب اللّقاء بالتشكيلة التالية: في الحراسة كاوة، في الدفاع زمور وعزوز ومحيوز الذي تمّ تعويضه بعمروس وزنير، وفي الوسط بن شيخ وباشي الذي عوّضه آيت حمودة وباشطا، وفي الهجوم بتروني وبوسري والرّاحل دراوي، المدرّب زوبا· تحمّل لاعبو المولودية ضغط لاعبي الأهلي الذين كانوا مدعّمين ب 40 ألف متفرّج من المدرّجات، لكن النقطة الإيجابية في اللّقاء هو التحكيم النّزيه للإثيوبي كاشي إسماعيل· وبتأهّل المولودية إلى الدور ربع النّهائي بدأت تتّضح معالم الفريق في هذه المنافسة التي يخوض أطورها لأوّل مرّة، ليجد أمامه في الدور الموالي فريق ليو إينيو الكيني· *** هكذا أهدت المولودية أوّل كأس قارّية للجزائر بنغازي 30 أفريل 1976·· كانت الانطلاقة دخل فريق مولودية العاصمة المغامرة الإفريقية يوم 30 أفريل 1976 بمدينة بنغازي اللّيبية، حيث التقى بملعب هذه المدينة نادي الأهلي الليبي· فرغم الظروف الصّعبة التي جرت فيها المباراة، خاصّة عامل الطقس، إلاّ أن لاعبي المولودية سجّلوا هدفين في شباك الفريق المنافس مقابل ثلاثة أهداف لهدفين، نتيجة حتى وإن كانت لمصلحة النّادي الأهلي اللّيبي إلاّ أنها وصفت بالإيجابية كون لقاء الإيّاب سيلعب بملعب 5 جويلية، الأمر الذي سيخدم فريق المولودية إذا عرف كيف يستغلّ عاملي الملعب والجمهور، فهدف واحد يكفي المولودية لبلوغ الدور الموالي· لقاء العودة الذي لعب بعد أسبوعين فقط من مباراة الذهاب احتضنه كما سبق الذّكر ملعب 5 جويلية أمام جمهور قليل جدّا لم يتعدّ ال 10 آلاف متفرّج، أداره الحكَم فاية من تونس ودخله فريق المولودية بالأسماء التالية: كاوة (آيت موهوب)، زمور، محيوز، عزّوز، باشطا، بن شيخ، بتروني، باشي، آيت حمودة (بانج، بوسري والرّاحل دراوي، فيما كان يشرف على تدريب الفريق عبد الحميد زوبا· منذ البداية اتّضحت معالم المباراة على أن الفوز لن يفلت من لاعبي (العميد)، فبعد أن أهدر بتروني هدفا حقيقيا في الدقيقة العاشرة تمكّن زميله عزّوز في الدقيقة ال 12 من فتح باب التسجيل إثر ضربة جزاء بعد رقة؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ واضحة للاّعب بتروني داخل منطقة العمليات، هدف كان كافيا لتأهّل المولودية شريطة أن لا تتلقّى شباكها أيّ هدف· وبالرغم من الفرص العديدة التي أتيحت للاعبي المولودية خلال الشوط الأوّل إلاّ أن الفريق الزّائر تمكّن من تعديل النتيجة في الدقيقة ال 38 بواسطة بن سعود، وبهدف لمثله انتهت المرحلة الأولى· المرحلة الثانية كانت طبق الأصل للأولى، فريق يدافع وآخر يهاجم، وقد كلّلت محاولات المولودية بإضافة هدف ثان في الدقيقة ال 65 بواسطة الاحتياطي بانج· وفي الأنفاس الأخيرة من اللّقاء تمكّن اللاّعب باشي من قتل اللّقاء بهدف ثالث كان كافيا للاعبي المولودية لضمان التأهّل إلى الدور ثمن النّهائي لكن بشقّ النّفس· وعقب نهاية اللّقاء صرّح عبد الحميد زوبا مدرّب المولودية لوسائل الإعلام ردّا عن الأداء الهزيل للاعبيه بقوله: (المهم هو تأهّلنا إلى الدور الثاني)· *** مواجهة الذهاب جرت بكوناكري في الخامس من شهر ديسمبر 1976 جرى الشطر الأوّل من نهائي كأس إفريقيا للأندية البطلة بالملعب الأولمبي بالعاصمة الغينية كوناكري، بحضور أكثر من 50 ألف متفرّج وتحت قيادة الحكَم الزّامبي أنجوانا· دخل فريق المولودية النّهائي بالأسماء التالية: في الحراسة كاوة ثمّ آيت موهوب، في الدفاع زمّور ومحيوز وعزّوز وزنير، في الوسط بن شيخ وباشي وباشطا، وفي الهجوم بتروني وبوسري وبلمو، أمّا المدرّب فهو عبد الحميد زوبا· لجأ الغينيون إلى شتى الوسائل للضغط على لاعبي المولودية من أجل النّيل منهم وهزمهم شرّ هزيمة كونهم كانوا يدركون أن لقاء الإيّاب سيلعب في الجزائر ومن الصّعب العودة بالكأس إن لم يفوزوا بنتيجة ساحقة· لاعبو المولودية وبعد التجربة التي اكتسبوها من خلال اللّقاءات السابقة بإقصائهم لأقوى النّوادي الإفريقية بداية بالأهلي الليبي ثمّ الأهلي المصري ونادي ليو الكيني ورانجرس النيجيري، لم يبالوا بكلّ ما أحيط بهم ودخلوا المباراة بكلّ قوّة وعزيمة بهدف الصمود أمام فريق كان يحمل تاج البطولة· *** صمود المولودية دام 24 دقيقة فقط صمود لاعبي المولودية لم يدم سوى 24 دقيقة، حيث تمكّن اللاّعب مورسين من الوصول إلى شباك الحارس كاوة· وهو الهدف الذي زاد من عزيمة وإصرار أشبال المدرّب فوفانا على إضافة أهداف أخرى، وكان لهم ذلك بعد انحياز فاضح من الحكم الزّامبي أنجوانا الذي احتسب هدفا خياليا للمحلّيين وقّعه اللاّعب بن غاليس في الدقيقة ال 37، الأمر الذي أثار سخط لاعبي المولودية، وبما أن بن شيخ كان في نظر الغينيين أحسن لاعب في المولودية فقد أثاروا غضبه فاضطرّ الحكم إلى طرده· *** طرد بن شيخ التعسّفي أتعب المولودية النّقص العددي للاعبي المولودية نال منهم في المرحلة الثانية بإضافة الفريق المحلّي هدفا ثالثا في الدقيقة ال 65 بواسطة نجوليا، وهو الهدف الذي أربك لاعبي المولودية· فلولا براعة الحارس آيت موهوب الذي عوّض زميله كاوة الذي خرج بسبب تلقّيه لإصابة لكانت النتيجة أكثر من ثلاثة أهداف· *** تدخّل بوتفليقة سمح لبن شيخ بخوض لقاء العودة بالرغم من فوز حافيا كوناكري بنتيجة ثلاثة أهداف لصفر، إلاّ أن لاعبي المولودية لم يفقدوا الأمل في انتزاع الكأس الغالية· وقبل أسبوع من اللّقاء الفاصل بملعب 5 جويلية تدخّلت الدولة الجزائرية برئاسة وزير الخارجية آنذاك السيّد عبد العزيز بوتفليقة الرئيس الحالي للجمهورية الجزائرية لإقناع الاتحاد الإفريقي لكرة القدم برفع العقوبة عن اللاّعب علي بن شيخ قصد مشاركته، وهو الذي حدث· *** لقاء العودة لعب يوم 18 ديسمبر بملعب 5 جويلية لقاء العودة لعب يوم 18 ديسمبر من ذات السنة بملعب 5 جويلية أمام حضور قياسي للجماهير، حيث فاق العدد ال 80 ألف متفرّج، اللّقاء أدراه الحكَم التونسي غيازة· *** تشكيلة المولودية لعب فريق المولودية بالتشكيلة التالية: في الحراسة آيت موهوب، في الدفاع كلّ من زمّور وعزّوز ومحيوز وزنّير، في الوسط بن شيخ وباشي وباشطا، وفي الهجوم كلّ من بتروني وبوسري والرّاحل دراوي والمدرّب بطبيعة الحال هو عبد الحميد زوبا· *** ··· وتحوّل الحلم إلى حقيقة كان على لاعبي المولودية على الأقل تسجيل ثلاثة أهداف إن أرادوا جرّ منافسهم حافيا كوناكري إلى ضربات الجزاء، الأمر الذي جعل زملاء القائد عمر بتروني يكثّفون محاولاتهم التي جسّدها اللاّعب باشي بهدف جميل في الدقيقة ال 24، وبهدف لصفر انتهت المرحلة الأولى· المرحلة الثانية كانت طبق الأصل للأولى، فريق يهاجم وآخر يدافع، ممّا سمح للاّعب بتروني بإضافة الهدف الثاني في الدقيقة ال 76، وهو الهدف الذي زاد من لهيب المباراة· وقد سعى لاعبو حافيا كوناكري بكلّ ما في وسعهم للحفاظ على النتيجة كونها كانت تسمح لهم بالفوز بالكأس على ضوء نتيجة الذهاب التي كانت لمصلحتهم ب (3/0)· لكن وبما أن عمر بتروني عوّد الجمهور الرياضي الجزائري على تسجيله العديد من الأهداف في وقت قاتل من اللّقاء، فقد أعاد سيناريو مباراة الجزائر مع فرنسا في نهائي الألعاب المتوسطة قبل سنة من هذا اللّقاء، ففي الوقت الذي راح فيه العديد من الجماهير يغادرون مدرّجات ملعب 5 جويلية بعد انتهاء التسعين دقيقة فعلها بعمر بتروني وهزّ شباك الغينيين، ويا لها من فرحة عمّت العديد من الجماهير· *** ضربات الجزاء تضع المولودية فوق منصّة التتويج مباشرة بعد توقيع عمر بتروني للهدف الثالث أعلن الحكَم التونسي غيارة نهاية المباراة، ليلجأ الفريقان إلى ضربات الجزاء التي ابتسمت للاعبي المولودية ب (5/3)· وفور تسجيل المولودية الضربة الخامسة انفجرت حناجر الجمهور الرياضي ليس بملعب 5 جويلية فحسب، بل في كلّ شبر من أرض الوطن وخرجت الآلاف من الجماهير إلى الشوارع تحتفل بهذا النّصر العظيم الذي كان بوّابة لانتصارات أخرى للكرة الجزائرية، نعدكم بأن نتناول أهمّها في حلقات قادمة، فكونوا في الموعد كلّ يوم سبت لنطير بكم عبر هذه النّافذة التاريخية من أمجاد الكرة الجزائرية·