مع العد التنازلي لاقتراب العيد يجد الأولياء أنفسهم تائهين بين التهاب نار الأسعار وطلبات أبنائهم الكثيرة والمتعددة والتي تصب في مجملها على تحديد نوع اللباس وسعره دون أدنى تفكير في الميزانيات الكبرى التي تفرضها ملابس العيد على أوليائهم، فالاهم بالنسبة للأطفال هو حضور ملابس العيد أمام أعينهم دون أدنى تفكير في الميزانيات الكبرى التي يتطلبها اقتناء الملابس والتي تفوق قدرة الأولياء في الغالب. نسيمة خباجة لاسيما وان الكثيرين منهم صارت تستهويهم الملابس ذات النوعية الرفيعة والجيدة وأضحت تجتذبهم "القريفة" و"الطاشة" وكلها عبارات عصرية تفيد تتبع الموضة والنوعية الجيدة للملابس المستوردة، والتي راحت في هذه الآونة المحلات إلى الرفع من سعرها بانتهاز فرصة اقتراب عيد الفطر المبارك، وكانت تلك السلوكات والعادات ملازمة للكبار إلا أنها قفزت للصغار في الآونة الأخيرة وصاروا يشترطون على أوليائهم اقتناء ملابس غالية الثمن ويقيمون الدنيا ولا يقعدونها إلى غاية تحقيق مطالبهم من طرف الأولياء. ويكون ذك دوما ناجما عن تقليد الأقران مع جهل الطفل اختلاف المستوى المادي والمفارقة بين العائلات، وهو الأمر الذي يؤرق العائلات البسيطة في هذه الأيام التي بالكاد تقوى على اقتناء ملابس عادية لتجد نفسها في مواجهة طلبات تعجز عن تحقيقها بالنظر إلى غلاء بعض الملابس التي يشترطها الطفل الصغير سواء تعلقت بالأحذية التي تصل إلى مستويات غير معقولة والتي قد تتعدى 8000 دينار وقد تصل إلى مليون سنتيم إلى جانب السروايل والقمصان التي صار يفضلها أغلبية الأبناء من نوع القريفة أو الطاشة على حد تعبيرهم وكلها دلالات تدل على فخامة الثوب أو الحذاء ونوعيته الرفيعة. اقتربنا من بعض الأولياء على مستوى بعض المتاجر الكبرى عبر العاصمة وكذا المحلات فوجدناهم في حيرة من ارتفاع الأسعار وكذا من بعض الشروط التي راح يشترطها عليهم أبنائهم خاصة وان ما يدور في عقول الكثير منهم أن جودة الثوب تتحدد بسعره، فكل ما هو جيد يرتفع سعره حسبهم لينخفض سعر الملابس الرديئة النوع، وكلها مسلمات خاطئة حسب آراء الأولياء منهم السيدة فريال التي قالت أنها تعبت مع ابنها البالغ من العمر 13 سنة الذي لم يعجبه أي شيء وراح يفضل السلع الغالية الثمن والتي لا تقوى هي على اقتنائها له تبعا لمحدودية قدرتها الشرائية، وراح طفلها يختار حذاء رياضي بسعر 4200 وسروال بسعر 2500 وقميص بسعر 2200 ليقارب مبلغ كسوته للعيد المليون سنتيم، هذا إضافة إلى تكاليف كسوة بناتها الثلاث التي لا تجد أي إشكال معهم، والمشكل قائم مع الابن الذي يقلّد أصحابه كثيرا ويأخذ برأيهم في كل مرة مما يجعلها في نزاع دائم معه قبيل العيد. ومن الأولياء من راحوا إلى تحقيق رغبات أبنائهم بحيث يرون أن العيد هو مرة في السنة مما يجعلهم يلهثون وراء إرضاء أبنائهم، ونجد أن الأمر أحيانا أثار مشاكل بين الأزواج في حال موافقة طرف على تلك الطلبات ورفض الطرف الآخر والعكس، هو حال السيدة حميدة التي التقيناها بالمركز التجاري المعروف علي ملاح بالعاصمة قالت أن لها ابن وهو وحيدها فهي تطمح دوما إلى إرضائه وتحقيق سعادته وترى في العيد الفرصة المواتية لذلك، ففي العام الماضي قالت أنها اقتنت له حذاء رياضي بسعر 12000 دينار لاسيما وأنها ميسورة ماديا. وإذا كان هو حال العائلات الميسورة فالعائلات المتوسطة والضعيفة الدخل نجدها بالكاد تقوى على إدخال الفرحة على أطفالها بمناسبة العيد باقتناء ملابس عادية و معقولة السعر، ومهما رحنا أو عدنا فمن غير اللائق أن يفرض الأطفال الصغار منطقهم على أوليائهم باختيار ملابس غالية الثمن من اجل اجتياز مناسبة العيد، على خلاف ذلك نجد أطفال آخرين يواسون عائلاتهم في ظروفهم ويتقبلون النوعية التي يقبل عليها الأولياء دون أي إشكال ولا يحملونهم ما لا طاقة لهم به والزيادة في عنائهم وتعبهم.