* صناديق شفّافة وحبر غير قابل للمحو لضمان نزاهة الانتخابات أشاد رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة كثيرا بالشعب الجزائري، مرجعا إليه الفضل في الحفاظ على المكتسبات الديمقراطية، وفي مقدّمتها التعدّدية السياسية، وردّ بطريقة غير مباشرة على دعاة الفتنة والقلاقل من خلال إشارته إلى أن كلّ شعب (سيّد في صنع تجربته الوطنية الخاصّة)، وهو ما يعدّ تأكيدا على استحالة إسقاط ما يجري في بعض البلدان العربية على الحالة الجزائرية· خلال إشرافه على اجتماع مجلس الوزراء، يوم الأحد، أعطى رئيس الجمهورية إشارة الانطلاق الفعلية لبداية عملية تحويل الإصلاحات السياسية إلى قوانين، إذ بدأت الإصلاحات الرئاسية تعطي أولى ثمارها القانونية من خلال مشروع قانون الانتخابات وقوانين أخرى يُنتظر أن تغيّر الكثير من آليات العمل السياسي في البلاد· وقال رئيس الجمهورية عقب الموافقة على مشاريع القوانين المدرجة في جدول أعمال مجلس الوزراء إن (محتوى مختلف مشاريع القوانين التي وافق عليها مجلس الوزراء يعكس إرادة الجزائريات والجزائريين في دفع المنظومة السياسية الديمقراطية والتعدّدية التي أرسو قواعدها قبل عقدين قدما وهي اليوم واقع ملموس في المجالس المنتخبة وفي الساحة السياسية وعلى مستوى الحركات الجمعوية)· وأضاف الرئيس بوتفليقة أن الأحكام المقترحة في مشروع القانون العضوي المتعلّق بنظام الانتخابات ستتيح مستقبلا لجميع الملاحظين الجزائريين منهم والأجانب الشهود على أهمّية جهاز الإشراف على الانتخابات ومراقبتها بالمشاركة النشطة للمترشّحين للانتخابات، وقال في هذا الصدد: (أتمنّى أن يحول كلّ هذا دون التشكيك في شفافية الانتخابات المقبلة أو في إمكانية التداول على السلطة عن طريق صناديق الاقتراع كلّما قرّر الشعب ذلك بكلّ سيادة)· وإذ ثمّن الخطوات الإيجابية التي يتضمّنها مشروع القانون المتعلّق بالولاية فيما يخص السياسة الوطنية للامركزية وإتاحة مسؤوليات أكبر للمنتخبين المحلّيين ذكر رئيس الدولة أن هذا يأتي تتمّة لقانون البلدية الصادر الشهر المنصرم، كما دعا الحكومة والإدارات المحلّية إلى تقديم المساعدة الأوفى للمجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي الذي كلّف بتنشيط نقاش واسع مع ممثّلي المواطنين والمنتخبين المحلّيين، بما يؤمّن تنظيم جلسات وطنية حول حكامة التنمية المحلّية قبل نهاية هذه السنة· وصرّح رئيس الدولة بأن (خلاصات وتوصيات هذه الجلسات ستدمج في البرنامج الوطني للإصلاحات وستكون الحكومة عندئذ مسؤولة عن تنفيذها)· كما اعتبر رئيس الجمهورية أن صياغة مشروع قانون حول ترقية مكانة المرأة في المجالس المنتخبة تتساوق مع أحكام الدستور التي تضمّن المساواة في الحقوق بين المواطنين والمواطنات، وأنها تتويج لما بذل من جهود من أجل ضمان المساواة بين الجنسين في مجالات التربية والتعليم والتشغيل والوصول إلى مسؤوليات عمومية هامّة· وأضاف رئيس الدولة أن (الحضور الأوفى للنّساء في البرلمان وفي المجالس المحلّية المنتخبة سيعزّز تمثيل هذه الهيئات المختلفة، وسيكون ضمانا لإجماع أوسع حول القرارات التي ستتّخذها هذه المجالس في كنف احترام القيم الوطنية)· ** القوانين الجديدة تتجاوب مع إصلاحات الرئيس وقد تمّ اقتراح تشكيل لجنة للإشراف على الانتخابات تباشر نشاطها بمناسبة كلّ استشارة انتخابية بدءا من تاريخ استدعاء الهيئة النّاخبة إلى غاية إعلان النتائج وتثبيتها تثبيتا نهائيا، وضمانا لحسن أداء مهمّتها سيوضع تحت تصرّفها ما يلزمها من الموارد والوسائل. وتتمثّل مهمّة هذه الأخيرة المؤلّفة من قضاة يعيّنهم رئيس الدولة في الإشراف على الاقتراع على الصعيدين المركزي والولائي والتأكّد من خلال ذلك في تأمين مراعاة أحكام قانون انتخابات. هذا، ويتمّ تأكيد الإشراف القضائي على الانتخابات كذلك من خلال مراجعة القوائم الانتخابية تحت سلطة لجان يترأسها قضاة، كما يتجلّى كذلك من خلال اللّجنة الولائية للانتخابات التي تتألّف من قضاة· وقد انعكست اقتراحات المشاركين في المشاورات السياسية من خلال النصّ في مشروع القانون هذا على تشكيل لجنة مستقلّة تتولّى مراقبة الانتخابات، حيث ستتألّف من ممثّلي الأحزاب وممثّلي قوائم المترشّحين الأحرار المشاركين في الاقتراع، على أن تتولّى بنفسها انتخاب رئيسها وإنشاء فروعها على مستوى الولايات والبلديات، على أن تمدّ السلطات العمومية لجنة المراقبة بناء على طلب منها بموظّفين مؤهّلين في مجال الانتخابات، كما تكون لهذه الأخيرة ميزانية خاصّة ترصد لها من المال العام لتمكينها من القيام بمهمتها وستكون عضوية ممثّلي الأحزاب وقوائم المترشّحين الأحرار الذين يخوضون غمار الاقتراع في مختلف مستويات هذه اللّجنة غير مأجورة· وستستفيد الأحزاب والقوائم الحرّة المشاركة في الاقتراع من وسائل أخرى لضمان شفافية الانتخابات وذلك من خلال إلزام الإدارة المختصّة بتبرير أيّ رفض لقائمة مترشّحين أو لترشّح في قائمة ما وتخويل الحزب أو المترشّح المعني إمكانية الطعن في هذا الإجراء لدى الجهات القضائية المختصّة إقليميا وتسليم نسخة من القائمة الانتخابية الولائية لجميع ممثّلي قوائم الأحزاب أو المترشّحين الأحرار مع إمكانية طعن هؤلاء عند الاقتضاء في محتوى القائمة مع حضور ممثّلي المترشّحين بقدر خمسة ممثّلين في كلّ مكتب انتخابي وهم يختارون عند الاقتضاء عن طريق القرعة من قبل آليات الإشراف والمراقبة· ولضمان الشفافية في عملية الاقتراع يتوجّب استعمال صناديق شفّافة وحبر غير قابل للمحو، بينما يتمّ عرض أوراق القوائم المتنافسة حسب ترتيب يكون وفق نتائج القرعة التي تجريها لجنة المراقبة ويسلّم ممثّل كلّ قائمة تخوض غمار الانتخابات نسخة من محضر عملية الفرز على مستوى مكتب الاقتراع ومحضر من عملية التدقيق في النتائج برئاسة قاض على مستوى البلدية ومحضر للنتائج المدقّقة على مستوى الولاية من قبل لجنة مؤلّفة من قضاة· تصلح النّسخ من مختلف هذه المحاضر ليعتدّ بها في أيّ طعن قد تتقدّم به قائمة مشاركة في الانتخابات لدى الهيئات المخوّلة قانونا، كما تضمن المشروع تحسينات أخرى من خلال تخفيض السنّ المشترط من المترشّح للعضوية في مجلس الأمّة ومن خلال منع انتقال مرشّح من قائمة انتخابية إلى تشكيلة سياسية أخرى بعد انتخابه وإلزام عضو الحكومة الذي يترشّح للانتخاب بالاستقالة من وظيفته، وكذا تخفيض عدد توقيعات النّاخبين المشترط من المترشّح للانتخاب الرئاسي· كما يقترح تكليف اللّجنة المستقلّة لمراقبة الانتخابات بمسؤولية إجراء القرعة لتوزيع مواعيد ظهور المرشّحين عبر وسائل الإعلام السمعية البصرية وتوزيع القاعات العمومية المخصّصة لمهرجانات الحملة الانتخابية· ويقترح مشروع القانون عددا من العقوبات في حقّ كلّ من يحاول شراء ذمم المنتخبين أو تزوير الانتخابات كيف ما كان ذلك· وتناول مجلس الوزراء عقب ذلك بالدراسة والموافقة مشروع قانون عضوي يحدّد إجراءات توسيع تمثيل النّساء في المجالس المنتخبة· ومن أهمّ ما ينصّ عليه مشروع القانون العضوي هذا هو أن كلّ قائمة من المترشّحين للانتخابات التشريعية وانتخابات المجالس الشعبية الولائية وانتخابات المجالس الشعبية البلدية في البلديات التي يفوق تعداد سكانها 20 ألف نسمة لابد أن تتضمّن نسبة من المترشّحات لا تقلّ عن الثلث حسب ترتيبهن الاسمي في القائمة المعنية، وأنه في حال ما إذا تحصّلت قائمة من القوائم على مقعدين يتمّ توزيعهما بين الجنسين حسب الترتيب الاسمي للمترشّحين، وأنه إلى جانب ذلك وفي الحالات المنصوص عليها في القانون المتعلّق بالانتخابات البلدية والولائية يتمّ استخلاف كلّ منتخب لم يكمل عهدته بمرشّح من نفس الجنس وارد اسمه في القائمة المقدّمة في نفس الاقتراع· ** حالات التنافي مع العهدة البرلمانية واصل مجلس الوزراء أعماله متناولا بالدراسة والموافقة مشروع قانون عضوي يحدّد حالات التنافي مع العهدة البرلمانية· ينبثق النصّ هذا من أحكام المادة 103 من الدستور التي تنصّ على أن نظام حالات بطلان الحقّ في الترشّح وحالات التنافي مع التمثيل النيابي سيتمّ تحديده بموجب قانون عضوي، وهو يتوخّى تعزيز استقلالية البرلمانيين وتفرّغهم التام للاضطلاع بمهامهم التشريعية والرقابية· ومن لبن هذه الحالات يذكر مشروع القانون العضوي المهام الممارسة ضمن الحكومة والمجلس الدستوري والإدارات والمؤسسات العمومية وفي إطار أيّ عهدة انتخابية أخرى ومهنة القضاء· يذكر النصّ أيضا ممارسة وظيفة أو عمل أو عهدة في مؤسسة أو مجمّع اقتصادي والنّشاط التجاري والمهن الحرّة، وكذا كلّ وظيفة أو عمل موكل من قبل دولة أجنبية أو منظمة دولية· ويتضمّن النصّ استثناءات محدّدة من حالات التنافي هذه منها التعليم الجامعي وممارسة الطبّ في القطاع العمومي، وكذا تولّي مهمّة مؤقّتة لحساب الدولة· من جهة أخرى، يقترح مشروع القانون العضوي هذا أحكاما تلزم المنتخب في البرلمان عند الاقتضاء بتصحيح وضعه في حالة التنافي مع عهدته وإلاّ تمّ إسقاط صفته البرلمانية· ** الخلافات بين المنتخبين تحال إلى المحكمة الإدارية يجدّد النصّ الخاصّ بالولاية على التأكيد أن هذه الأخيرة فضاء لدعم التنمية المحلّية والنشاطات الخاصّة بالبلديات، كما يوضّح توزيع المهام والموارد بين الدولة والولاية والبلدية ويدعم أيضا دور الولاية في تنسيق النشاط الحكومي على المستوى المحلي· ويعزّز مشروع القانون هذا صلاحيات المجلس الشعبي الولائي، خاصّة في مجال التنمية الاقتصادية بما في ذلك المبادرات الهادفة إلى جذب المستثمرين وتشجيع إنشاء المؤسسات التي تحدث مناصب الشغل· وعلى صعيد آخر، أدّت إرادة الارتقاء بدور المجلس الشعبي الولائي وبمسؤولياته إلى حصر المداولات الموجبة لموافقة الوالي في تلك المتعلّقة بالميزانية ونقل الملكية وحيازة أو تبادل الممتلكات العقارية والهبات والعطايا الواردة من الخارج، وكذا اتّفاقيات التوأمة· في الأخير، فإن أيّ خلاف بين المجلس والجهاز التنفيذي للولاية سيحال من الآن فصاعدا على المحكمة الإدارية التي تبتّ فيه·