لازالت غفلة الأولياء ولا مبالاتهم تؤدي إلى نتائج وخيمة يدفع ثمنها فلذات أكبادهم، وتصل كارثية الوضع إلى الموت بطرق بشعة في برك قنوات الصرف الصحي وفي الآبار والحفر إلى غيرها من الأماكن التي تكون مآلهم الأخير قبل أن يُواروا التراب إلى مثواهم الأخير، ولازالت تلك الحوادث الأليمة نسمع بها هنا وهناك عبر كامل ولايات الوطن بحيث يغيب الطفل ساعات وساعات بل ولأيام ليعثر على جثته في أحد الآبار أو البرك أو الحفر أو حتى قنوات الصرف الصحي في مرحلة متقدمة من التعفن، ولا يتم التعرف عليه إلا عن طريق ألبسته أو وحمة فوق جسده أو غيرها من الإشارات والدلالات الأخرى التي يلهث الأولياء من أجل الوصول إليها لإشفاء غليلهم بعد رحلة البحث الطويلة عن الابن أو الابنة. وعادة ما يتم البحث والتحري بعد العثور على الجثة لاحتمال تورط أشخاص في تلك الحوادث البشعة، إلا أنه في الغالب تعود تلك المآسي إلى التصرفات الصبيانية لهؤلاء الأطفال وحب اكتشافهم وإدراكهم للأشياء، فيوصلهم ذاك الفضول إلى ما لا يُحمد عقباه في ظل غفلة الأولياء عنهم وعدم رقابتهم، فكم من طفل وجد نفسه أسفل البئر بعد أن ألقى نظرة من فوهته، وذهبت عائلته في رحلة البحث لتجد ابنها مستلقيا بعد أن حملته المياه وطفا من فوق سطحها على مستوى البئر، وكم من عائلة عثرت على جثة أطفالها في برك وقنوات الصرف الصحي بعد أن انزلق الطفل فابتلعته تلك المياه المتسخة، إلى غيرها من الحوادث الأليمة التي راح ضحيتها صبايا من مختلف الأعمار بعد أن بحثوا عن اللهو واللعب والمرح بأماكن خطيرة فأوصلتهم إلى مثواهم الأخير. والمسؤول الأول في هذه الحالة هم الأولياء الذين يعطون كامل الحرية لأبنائهم في لحظات اللعب دون أدنى مبالاة لتكون تلك النتائج الوخيمة لعدم اهتمامهم، وتكثر تلك الحوادث خاصة في المناطق الريفية بعد أن ينطلق هؤلاء الأطفال وسط تلك الغابات الموحشة والأماكن الخالية، أما المناطق الحضرية فهي بعيدة نوعا ما عن تلك الحوادث ولا نجزم بانعدامها كون أن البيوت القصديرية والأحياء الفوضوية عادة ما تكون شاهدة على تلك المآسي، كذاك الطفل الذي لقي حتفه بأحد الأحياء الفوضوية بالعاصمة بعد أن سقط في بركة قنوات الصرف الصحي التي كانت مغطاة بغطاء بلاستيكي، وسقط بها الطفل ذو الخمس سنوات ولم تعثر عليه عائلته إلا بعد ساعات من غيابه بعد أن لفت انتباههم خفته التي كانت بمحاذاة تلك البركة. ولازالت تلك المآسي والحوادث الأليمة تبلغ مسامعنا من وقت لآخر، آخرها كانت المأساة التي شهدتها إحدى مقاطعات ولاية البليدة والمتعلقة بالطفلة سناء البالغة من العمر7 سنوات والتي كانت تلعب مع أخيها البالغ من العمر عامين، وبينما هما كذلك حتى لفت انتباه الطفلة سناء حفرة من الرمال، فدفعتها براءتها وعفويتها إلى اللعب بمحاذاتها، ولم تكتف بذلك بل دفعها فضولُها إلى وطئها والقفز فيها وبينما هي كذلك راح أخوها يلقي عليها حبيبات الرمل، بل كميات هائلة من الرمل فابتلعتها الرمال ولم يعد لها أي أثر، في ذلك الحين دخل الأخ على أمه وبقدرة الخالق نطق وأعلم أمه أن أخته قد ماتت فهرعت أمه إلى خارج المنزل والهلع يملأها، وانطلقت في رحلة البحث عن ابنتها كونها لم تصدق ما سمعته أذناها فكيف لابنتها التي تركتها تلعب وتلهو مع آخيها أن يكون الموت مصيرها؟ وبالفعل بعد بحث طويل انتشلت جثة تلك الطفلة التي لفظت أنفاسها في غمرة تلك الرمال، وكانت النتيجة جد وخيمة دفعت ثمنها تلك الطفلة البريئة وبعدها أمها التي تعرضت إلى نوبة عصبية حادة، وكذلك أخوها الذي شاهد تلك المناظر المؤسفة التي حتما سوف تبق في ذاكرته حتى يكبر. فالأطفال الصغار وجب رعايتهم وحراستهم في كل وقت وحتى في أوقات اللعب والمرح من طرف الأولياء، لكي لا يتعرضوا هم وبعدهم أولياؤهم إلى تلك العواقب الوخيمة التي شهدها الواقع مرارا وتكرارا.