حاز الأرجنتيني مارادونا على جائزة لأكثر شخصية خطفت الأضواء في كأس العالم 2010، وهي الجائزة التي تمنحها الاتحادية الدولية لكرة القدم »فيفا«. فقد كان حضور مارادونا طاغيا في كأس العالم رغم فشله في قيادة الأرجنتين، وخسارة فريق »التانغو« برباعية نظيفة أمام ألمانيا في الدور ربع النّهائي من البطولة. كان حديث مارادونا عن لحيته أو هدية بناته أهمّ لدى وسائل الإعلام من رأيه في استبعاد خافيير زانيتي أو تراجع مستوى ليونيل ميسي وما إلى ذلك. والمثير أن كلّ مؤتمر صحفي لمارادونا شهد إمّا تصرّفا غريبا أو كلمات لاذعة من المدرّب الأرجنتيني الأعسر، فما بين كشفه لسرّ لحيته ومطالبته للإعلام بالاعتذار رسميا عن الانتقادت التي طالته قبل البطولة وصراعه مع بيليه ولاعبي ألمانيا، وحديثه عن جوزيه مورينيو وصديقته الشقراء، عاش الملك رقم عشرة كأس عالم حافلة بالتصريحات والأحداث المثيرة، إليكم البعض منها في هاته العجالة. ** سرّ اللّحية الأرجنتين فازت على كندا بخماسية نظيفة في مباراة ودّية استعدادا للمونديال، ومارادونا استبعد قبل لحظات قائد الفريق خافيير زانيتي من رحلة جنوب إفريقيا. لكن السؤال الأبرز في المؤتمر الصحفي لم يكن عن هذا أو ذاك، بل »ما سرّ لحية الملك رقم عشرة؟«. وأجاب مارادونا: »كنت ألعب مع كلب، وكاد يأكل فمي وتسبّب في ندبة على وجهي، فقرّرت أن أترك لحيتي حتى أداريها، كما أن ابنتي يعجبها شكلي حاليا«. في تلك المرحلة من مشوار الأرجنتين نحو المونديال، كانت الانتقادات تنال من مارادونا وتردّد: »هل يصلح هذا الرجل لتدريب الفريق؟«. جاء هذا السؤال بسبب الصدمة التي أحدثها قرار مارادونا باستبعاد زانيتي وزميله إستيبان كامبياسو من القائمة التي ستخوض المونديال رغم تتويجهما مع إنتر ميلان بالثلاثية وتقديمهما لمستويات رائعة طوال الموسم. كما أن مارادونا لم يستبعد ثنائي إنتر لضمّ نجوم أفضل، بل سافر مع الفريق العديد من العناصر التي لم يكن وجودها متوقّعا في المونديال مثل خوان فيرون ومارتن باليرمو. ** "حفيدي بطل بيسبول" في أوّل مؤتمر له بجنوب إفريقيا، وبدلا من الحديث في الأمور الفنّية ونظرته إلى مجموعة الأرجنتين، أخرج مارادونا صورة له مع حفيده بنجامين للتباهي بها أمام الإعلام. بنجامين ليس فقط حفيد مارادونا، بل كذلك ابن نجم هجوم الأرجنتين سيرجيو أجويرو، ما يجعله مشروع نجم بالوراثة. وعقّب مارادونا على ذلك مازحا: »أن يكون والدك أجويرو وجدّك مارادونا، فبالتأكيد أنت مؤهّل لأن تلعب بيسبول«، واستكمل: »هناك جدّ يأخذ حفيده إلى الملاهي وآخر إلى الحديقة، أمّا أنا فأخذت حفيدي إلى كأس العالم«. ** "اسألوا صديقتي" اتّضح الإرهاق على وجه دييغو مارادونا في المؤتمر الذي سبق المباراة الافتتاحية للأرجنتين، وحين طرح عليه سؤل: »هل تعاني من مشاكل في النّوم؟" كان ردّه: »اسألوا صديقتي«! وأوضح مارادونا: »كلّما استيقظت صديقتي من نومها تجدني أسطّر أسماء لاعبين على ورقة بيضاء، أنا لا أنام، فبالي تشغله عشرات التفاصيل الدقيقة«، واستطرد: »كيف يمكن لكلّ لاعب أن يساند رفاقه في الدفاع، من يستطيع مرافقة خافيير ماسكيرانو في الوسط، هل يجيد خوان فيرون أكثر كصانع لعب أم ارتكاز أم كجناح«. المثير أن التوليفة التي خلقها مارادونا مع انطلاق البطولة قدّمت وجها جيّدا لفريق "التانغو"، في وجود فيرون إلى جوار ماسكيرانو وأمامهما أنخل دي ماريا وليونيل ميسي وكارلوس تيفيز وجونزالو إيجواين. ** متحف بيليه بعد فوز الأرجنتين الأوّل على نيجيريا في المونديال بهدف جابريل هاينتسا، استغلّ مارادونا نصره ووجّه ضربة موجعة لمنافسه الأزلي على لقب »أسطورة كرة القدم العالمية« بيليه. فالجوهرة السّمراء انتقد مارادونا كثيرا قبل انطلاق البطولة، وحين فاز مارادونا بمباراته الأولى صرّح: »على بيليه العودة إلى المتحف«. ** "أحبّ النّساء" إنه النّصر الثاني للأرجنتين في المونديال، بل وبرباعية قوّية على كوريا الجنوبية، لذلك كان يبدو جليا أن راقصي »التانغو« انتقلوا إلى جنوب إفريقيا للفوز باللّقب. وما لفت أنظار الجميع في تلك المباراة هو الترابط الكبير بين مارادونا ولاعبيه، فالملك رقم عشرة أخذ يقبّل ويحتضن كلّ نجوم »التانغو« قبل وأثناء وبعد اللّقاء. وحين سؤاله عن ذلك، أجاب: »ماذا تريد؟ أنا أحبّ النّساء ولي صديقة«، واستكمل: »اسمها فيرونيكا، عمرها 31 عاما، شقراء وجميلة، لا تردّدوا عنّي الشائعات، صحيح أنّي مرتبط بعلاقات شخصية مع العديد من اللاّعبين، لكن كلّها شرعية«. أحضان مارادونا وترابطه مع اللاّعبين أكّد للإعلام أن منتخب الأرجنتين يملك مدرّبا قادرا على استثارة لاعبيه وجعلهم يلعبون بروح قتالية غير عادية. لكن توالي المباريات في البطولة أكّد أن استثارة همم اللاّعبين لا يكفي للفوز بالمونديال. ** مساعدة "استثنائية" انتهت المرحلة السهلة في مشوار الأرجنتين بعدما ترشّح الفريق بثلاثة انتصارات متتالية في سباق المجموعة، وحان وقت التحدّيات الصعبة. وحين سؤال مارادونا عن مباريات الدور ال 16، كانت إجابته أن الأرجنتين جاهزة ل »رقص التانغو«، لكن لو احتاج إلى مشورة خططية فإنها ستكون »استثنائية«، وفسّر: »أملك رقم هاتف جوزيه مورينيو، لو احتجت إلى مشورة سأتّصل به فورا، فهو يبدو رجلا تحبّ أن تجعله يجلس إلى جوارك في الأوقات الحرجة«. ملحوظة: بالنّظر إلى أن مارادونا كان يتّصل بمورينيو باستمرار، ولو أضفنا إلى ذلك أن الملك رقم عشرة خاض مباراة ألمانيا بارتكاز وحيد في وسط الملعب، فإننا نستنتج (على سبيل المزاح) أن البرتغالي كان يتصنّع المودّة لينتقم ممّن استبعد زانيتي وكامبياسو. ** اعتذار فازت الأرجنتين على المكسيك بثلاثة أهداف لهدف، وقدّم رجال مارادونا عرضا مميّزا دفع الملك رقم عشرة إلى طلب »اعتذار رسمي ممّن انتقدوا قدراته كمدرّب«. مارادونا قال حرفيا: »الأمر ليس صعبا، فأنا لا أطلب ممّن انتقدني خلع ملابسه والوقوف أمام الجماهير، فقط كلمات لائقة تكتب عن فريقي، فالاعتذار أمر نبيل«. خاض مارادونا مباراة المكسيك بتشكيل هجومي، إذ لعب ماسكيرانو وحيدا في وسط الملعب وشارك خماسي يقوده ميسي وماكسي وتيفيز وإيجواين ودي ماريا في الهجوم. هو قديس بالنّسبة لأمّة تلخّص حياتها الكروية في ذلك الشابّ القصير الممتلئ، إنه الساحر الذى استحوذ على قلوب الأرجنتينيين وأنزل السعادة في قلوب فقراء بوكاجونيورز. أحيا مدينة بأكملها من تحت الأنقاض اسمها نابولي، وأغضب إيطاليا كلّها في نصف نهائي كأس العالم 1990.. إنه صاحب التعريف الحقيقي للقميص رقم 10 لدى عشّاق الكرة فى العالم ** متوتّر أم أعمى؟ إذا كنت تهاجم منتخب الأرجنتين فأنت »متوتّر«، أمّا لو كنت ترى أن مارتن ديميكلز لا يدافع جيّدا فأنت »أعمى«. فقبل مواجهة ألمانيا، واجه مارداونا عدّة أسئلة تتعلّق بتشكيل الأرجنتين ونقاط الضعف في الفريق. أبرز الأسئلة تتعلّق بمارتن ديميكلز مدافع الأرجنتين، والذي ارتكب العديد من الأخطاء في البطولة، وكان ردّ مارادونا قاسيا، ليس على لاعب بايرن ولا الإعلام بل على النّجم الإيطالي أندريا بوتشيللي، فقد قال: »من يقول إن ديميكلز لا يلعب جيّدا فهو في نظري كبوتشيللي«، وبوتشيللي بالمناسبة فنّان أوبرالي أعمى. كما خصّص مارادونا المؤتمر الخاصّ بلقاء ألمانيا للردّ على شفانشتيغر الذي اتّهم الأرجنتين بالافتقار إلى الاحترام. والممتع في ردّ مارادونا أنه لم يتحدّث عن شفانشتيغر، بل إليه، فقد وجّه نظره إلى الكاميرا وكأنه يتكلّم مع لاعب ألمانيا مباشرة وقال: »هل أنت متوتّر يا شفانشتيغر؟«. ** نهاية الرّحلة انتهت رحلة مارادونا في جنوب إفريقيا بخسارة قاسية أمام ألمانيا برباعية نظيفة، وقدّم فريق »التانغو« مباراة فقيرة للغاية، خاصّة فيما يتعلّق بالمهام الدفاعية. مارادونا رفض أن ينتقد أحد فريقه، وفي آخر مؤتمر صحفي له أتمّ موندياله بقول: »فخور بهذه المجموعة من اللاّعبين، عملت على حماية اللاّعبين من المشاكل قدر الإمكان وأتمنّى ألاّ تطالهم المشاكل من بعدي«.