قال إسلاميون معتدلون أمس الاثنين إن حزب النّهضة يتقدّم على باقي الأحزاب المنافسة في أوّل انتخابات حرّة في تونس منذ الاحتجاجات التي تفجّرت في أوائل العام وأطلقت شرارة انتفاضات الربيع العربي· وتشير معظم التوقّعات إلى أن حزب النّهضة الإسلامي سيخرج بأكبر نصيب من الأصوات وهي نتيجة تثير قلق العلمانيين، وقد تتكرّر في دول عربية أخرى عندما تجري انتخابات خاصّة بها خلال فترة ما بعد الربيع العربي· وأذاعت الإذاعة التونسية أرقاما حصلت عليها من بعض الأحياء في باجة أظهرت أن النّهضة متقدّم وقالت الإذاعة إن حزب المؤتمر من أجل الجمهورية وهو حزب يسار وسط حقّق أيضا (نتائج طيّبة)· وقال حزب النّهضة إن الإحصاء الخاصّ الذي قام به يشير إلى نفس الشيء، ويُسمح لممثّلي الأحزاب بالتواجد خلال عملية الفرز· وقال مسؤول من حزب النّهضة: (النتائج جيّدة جدّا بالنّسبة للنّهضة. لا نريد أن نعطي تفاصيل، لكن من الواضح أن النّهضة حقّقت مستوى نجاح يضاهي في بعض الحالات نتائج الانتخابات في الخارج)· وذكر حزب النّهضة نقلا عن محصّلة غير رسمية خاصّة به للأصوات التي أدلى بها العدد الكبير من التونسيين الذين يعيشون في الخارج أن المؤشّرات تشير إلى أنه فاز بنصف عدد أصوات النّاخبين في الخارج، وقام التونسيون في الخارج بالإدلاء بأصواتهم قبل أيّام من الانتخابات التي جرت الأحد في تونس· وقال عبد الحميد الجلاصي مدير الحملة الانتخابية لحزب النّهضة أمام تجمّع لموظفي الحزب إن النّهضة كان الأوّل على الإطلاق في كلّ مراكز الاقتراع الخارجية، وأضاف أن الحزب حصل على أكثر من 50 في المائة· وتجاوزت نسبة الإقبال على التصويت لانتخاب جمعية تستمرّ عاما وتضع دستورا جديدا للبلاد 90 في المائة في علامة على تصميم التونسيين على ممارسة حقوقهم الديمقراطية الجديدة بعد عقود من القمع· وذكرت الإذاعة الرّسمية أن عمليات الفرز التي لم تكتمل في مدينتي صفاقس والكاف أظهرت تقدّم حزب النّهضة الإسلامي· وجاء حزب المؤتمر من أجل الجمهورية في المركز الثاني في صفاقس وجاء حزب التكتّل وهو جماعة اشتراكية أخرى في المركز الثاني في الكاف· وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما إن الثورة التونسية التي اندلعت في جانفي والتي بدأت بالبوعزيزي وانتهت بهروب الرئيس السلطوي زين العابدين بن علي إلى الخارج (غيَّرت مجرى التاريخ)، وأضاف في بيان أصدره البيت الأبيض: (تماما مثلما احتجّ عدد كبير من المواطنين التونسيين سلميا في الشوارع والميادين للمطالبة بحقوقهم وقفوا اليوم في طوابير ويدلون بأصواتهم لتحديد مستقبلهم)· وأثار إحراق محمد البوعزيزي بائع الخضر نفسه من اليأس والفقر والقمع الحكومي احتجاجات حاشدة أجبرت بن علي على الفرار من تونس وأنهت الاحتجاجات الشعبية حكمه الذي استمرّ 23 عاما· وألهمت هذه الاحتجاجات بدورها انتفاضات في مصر وليبيا واليمن وسوريا والبحرين تعيد رسم المشهد السياسي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا· وربما يؤثّر مصير حزب النّهضة على الانتخابات في مصر المقرّر إجراؤها الشهر المقبل، والتي تأمل أيضا جماعة الإخوان المسلمين أن تتصدّرها· والمجلس المؤلّف من 217 عضو، والذي يقوم التونسيون بانتخابه سيتولّى إلى جانب صياغة دستور جديد اختيار حكومة مؤقّتة جديدة ويحدّد مواعيد الانتخابات البرلمانية والرئاسية· ويقول راشد الغنوشي زعيم حزب النّهضة الذي أمضى 22 عاما منفيا في لندن إن حزبه ينتمي إلى الإسلام الوسطي مثل رئيس الوزراء التركي رجب طيّب أردوغان الذي يتزعّم حزب العدالة والتنمية، ويقول إن حزبه سيحترم حقوق المرأة ولن يحاول فرض قواعد أخلاقية شخصية على التونسيين، لكن احتمال فوزه بنصيب من السلطة مازال يجعل بعض الأشخاص يشعرون بعدم ارتياح في تونس· وتونس لها تقاليد علمانية ترجع إلى الرئيس الرّاحل الحبيب بورفيبة أوّل رئيس لها بعد الاستقلال عن فرنسا الذي كان يعلن نفوره من الحجاب· وعندما خرج الغنوشي من مركز الاقتراع الذي أدلى فيه بصوته يوم الأحد صاح بضعة علمانيين في وجهه: (ارحل·· ارحل) ووصفوه ب (الإرهابي والقاتل) وطلبوا منه العودة إلى لندن· وفي تونس أقلّية صغيرة من الإسلاميين المتشدّدين لكن السياسات التي يروّج لها النّهضة تقترب من التيّار السائد في البلاد، حيث لا يعطي الغالبية أهمّية كبيرة لبعض القيود الإسلامية على أشياء منها احتساء الخمر· ويقول مراقبون إن هناك توتّرا داخل الحزب بين الخطّ المعتدل للغنوشي والإسلاميين الأكثر تشدّدا بين قواعد الحزب·