خامسا : التلبية هي أن يقول الحاج: (لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ· لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ· إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لا شَرِيكَ لَكَ)· ويُشْرَعُ للحاج أن يقولها في سائر أحواله وهي واجبة، لأنّها من شعائر الحج والعمرة· والملبي عند الحج أو العمرة يخبر أنه يقيم على عبادة الله ويلازمها، والمراد تلك العبادة التي دخل فيها سواء كانت حجا أو عمرة· ومعنى(لبيك اللهم لبيك) هو إجابةً لك يا رب، وإقامةً على طاعتك، لأن الله سبحانه دعا عباده إلى الحج: (وَأَذِّن فِى النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَميِقٍ لِّيَشْهَدُواْ مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُواْ اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ الاٌّنْعَامِ فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ الْبَآئِسَ الْفَقِيرَ)· يستحب التوسّط في رفع الصّوت بها، فلا يُسِرّه المُلبي حتى لا يسمعه من يقربه، ولا يبالغ في رفعه، فيكون بين الرفع والخفض· لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (جَاءَنِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ مُرْ أَصْحَابَكَ أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّلْبِيَةِ فَإِنَّهَا مِنْ شَعَائِرِ الْحَجِّ)· رفع الصّوت بالتلبية والإكثار منها يستحب للمُحرِم أن يرفع صوته بالتلبية ويكثر منها، لأنها شعار النسك، فيُلبِّي عند اجتماع الرّفاق، وبعد الصلوات، وعند إقبال الليل والنهار··· وكلما ارتفع فوق مكان عال، أو هبط إلى واد، أو لقي رَكْبا، أو دخل في وقت السّحر، ويشرع للحاج أن يُلبي في الطائرة أو السيارة أو غيرها من الأحوال، لأن الصحابة الكرام رضي الله عنهم كانوا يلبون كلما علوا شرفاً أو هبطوا وادياً أو لقوا ركباً· قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُلَبِّي إِلا لَبَّى عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ مِنْ حَجَرٍ أَوْ شَجَرٍ أَوْ مَدَرٍ حَتَّى تَنْقَطِعَ الأَرْضُ مِنْ هَاهُنَا وَهَاهُنَا)· متى تبدأ التلبية؟ من الأمور المستحبة لمُريد الإحرام بحج أو عمرة أو بهما معا متى بلغ ميقاتَه المكاني أن يصلي ركعتين بنية الإحرام في غير وقت كراهة، وتُجزِئ المكتوبة، فإن كان مُفرِدا بالحج قال بلسانه المطابق لجنانِه (لقلبه): (اللهم إنّي أريد الحج فيسّره لي وتقبّله منّي)، كما يفعل ذلك أيضا المعتمر والقارِن، ويشير إلى نوع نسكه ثم يلبي دُبُر صلاته·· وبهذه التلبية يكون مُحرما وتسْري عليه أحكام الإحرام· متى تنتهي التلبية؟ تنتهي التلبية بالنسبة للمعتمر إذا رأى الكعبة المشرفة، وأما الحاج فالتلبية تنقطع في حقه إذا رمى جمرة العقبة يوم العيد· سادسا: أنواع المناسك النسك هو مكان العبادة أو زمانها، ويطلق على التعبّد، ومنه قوله تعالى: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ)، ويطلق المنسك على الحج والعمرة لقوله تعالى: (فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ)، وذلك لوجود الهدي والفدية فيهما· 1 / نسك الحج ونسك العمرة: نسك الحج: هو أن يحرم من الميقات، أو من مكة إن كان بمكة، ويخرج إلى مِنى، ثم إلى عرفات، ثم إلى مزدلفة، ثم إلى منى مرّة ثانية، ويطوف، ويسعى، ويكمل أفعال الحج· نسك العمرة: هو ما اشتمل على هيئتها من الأركان والواجبات والمستحبات، بأن يُحرِم من الميقات المكاني لجِهة موطنه، ويطوف بالبيت، ويسعى بين الصّفا والمروة، ويحلق أو يقصر· 2 / أنواع النسك: ينقسم النسك إلى ثلاثة أقسام: الإفراد للحج أو العمرة، أو الجمع بين النسكين، وهو إما تمتع أو قران· أولا : التمتع هو أن يُحرم بالعمرة وحدها في أشهر الحج، فإذا وصل مكة طاف وسعى للعمرة وحلق أو قصر، فإذا كان يوم التروية وهو اليوم الثامن من ذي الحجة أحرم بالحج وحده وأتى بجميع أفعاله· ثانيا: القِران وهو أن يُحرم بالعمرة والحج جميعاً، أو يحرم بالعمرة أولاً ثم يُدخِل الحجَّ عليها قبل الشروع في طوافها، وعمل القارن كعمل المُفرِد سواء، إلا أن القارن عليه هدي، والمفرد لا هدي عليه· ثالثا: الإفراد وهو أن يُحرِم بالحج وحده، فإذا وصل مكة طاف للقدوم وسعى للحج ولا يحلق ولا يقصر ولا يتحلّل من إحرامه، بل يبقى مُحرماً حتى يحل بعد رمي جمرة العقبة يوم العيد· نصر الدين خالف