إذا تجاوز الحاجّ نقطة البداية تذكّر في مسيره إلى البيت الحرام أنّه يسلك طريق الأنبياء، فما من نبي بعد إبراهيم عليه السّلام إلاَّ حجّ هذا البيت، وقد نبّه عليها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في طريق ذهابه إلى الحَجِّ مرّتين كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما في صحيح مسلم أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لمّا مرّ بفج الروحاء سأل أيّ واد هذا؟ قالوا: وادي الأزرق. فقال: ''كأنّي أنْظُر إلى موسى واضعاً إصبعيه في أذنيه له جؤار إلى الله تعالى بالتّلبية ماراً بهذا الوادي''. ثمّ مرَّ بثنية فقال: ''أيّ ثنية هذه؟'' فقالوا: هرشى لِفْت. فقال: كأنّي أنظُر إلى يونس على ناقة حمراء خطام ناقته ليف خُلْبَةٍ وعليه جبّة من صوف مَارّاً بهذا الوادي ملبّياً''. على سالِك طريق الحجّ أن يذكُر أنّه حلقة من سلسلة طويلة فيها رسل الله وخيرته من خلقه وأصفياؤه فهم جميعاً لبُّوا نداء الله وحجّوا هذا البيت، وأنتَ تسلك آثارهم، وتريد عند الله ما يريدون، فلذلك عليك أن تلتزم بهديهم وسُنَّتِهِم؛ لأنّك تريد مرافقتهم في مرضاة الله تعالى وفيما رغبوا فيه. فإذا رأيتَ كثرة القاصدين الوافدين معك من كلّ مكان، كان هذا داعياً لتقوية الإيمان؛ ولذلك يقولون في تلبيتهم ''لبّيك اللّهمّ لبّيك لبّيك لا شريك لكَ لبّيك إنّ الحمد والنِّعمة لك والمُلك لا شريك لك''.