أكد عميد الشرطة رئيس امن ولاية المسيلة بوباطة محمد تسجيل 69 قضية خلال التسعة أشهر الأولى لسنة 2011 ، و75 قضية خلال سنة 2010 كلها متعلقة بالاعتداء على الأصول مع الإشارة إلى أن الأرقام المسجلة تخص فقط ما وصل لمصالح الأمن ، لأن الكثير من الأولياء يفضلون التكتم و التستر عن أبنائهم في مثل هذه القضايا بدافع الرابطة الأبوية، وارجع ذات المسؤول أسباب الاعتداءات في اغلبها إلى الأسباب المالية لطغيان العوامل المادية على كل شيئ تجعل من الولد يعتدي على أبيه بسبب المال، وهناك أسباب تعود لنزاعات عائلية بين أفراد العائلة الواحدة، وهناك قضايا ترتبط بجنوح الأولاد خلال تشردهم أو عودتهم إلي المنزل في أوقات متأخرة أو في حالات سكر ويرفضون انتقادات الآباء لهم ويقابلونها بالعنف والضرب و الشتم وغيرها في حق آبائهم. وقد اعتبر رئيس امن المسيلة مؤشر الاعتداء على الأصول مرتفعا ومقلقا وخطيرا لارتباطه بالوالدين كونهما ضحية اعتداء أبنائهم خاصة إذا تعلق الأمر بالمسيلة التي تصنف ضمن المدن المحافظة، فعاصمة الولاية وحدها تم تسجيل 32 قضية خلال سنة 2011 و 42 قضية خلال سنة 2010 وهو ما يمثل 50 بالمائة من نسبة الجرائم التي وصلت إلى علم مصالح الأمن وهذا يتعلق بنسبة سكان تقدر ب 180 ألف نسمة فقط، فظاهرة الاعتداء على الأصول بمدينة المسيلة مستفحلة بشكل ملفت للانتباه أكثر من بقية دوائر الولاية الأخرى . احد الآباء يحكي على ابنه كيف ترك الدراسة واخذ يبتز والديه ويأخذ منهم المال بالقوة وبالتهديد لينفقه على هاتفه النقال دون فائدة، وحين لم يستطع الأب توفير المال لقلة حيلته قام الابن بضربه بدلو الماء حتى سقط أرضا، وقد قال الأب بأنه 4 مرات وهو يشكوه للأمن ثم يصفح أمام القضاء لحنان الأبوة، والأم تحكي عن معاناة مريرة مع ابنها المتشرد حين يضربها و يطرحها أرضا دون أي سبب ويهددها بالقتل ويضرب إخوته ويسب أباه. المال والمخدرات السبب الرئيسي يتفق الجميع على أن ظاهرة الاعتداء على الأصول سواء كانت الأم، الأب أو الإخوة ظاهرة سلبية بعيدة كل البعد عن الدين الإسلامي والأخلاق الاجتماعية، ولا يمكن لأي شخص عاقل أن يتصرف مع أبويه بالضرب والاعتداء، هذا ما تؤكده أيضا المعلومات المتوفرة لدى المصالح الأمنية والتي تشير إلى أن معظم الأشخاص الذين تورطوا في مثل هذه القضايا يقومون بأعمالهم الشنيعة تحت تأثير المخدرات والأقراص المهلوسة التي يدمنون عليها، وهو ما يجعلهم عدوانيين تجاه كل شخص ينتقد تصرفاتهم وأفعالهم، إضافة لتأثير الجانب المادي وطغيانه على الشباب لدرجة الاستهانة بكرامة الأبوين. من خلال النقاش حول هذه الظاهرة وتناولوا عن طريق الحوار واستطلاع رأي الشارع المسيلي للبحث عن الأسباب الحقيقية لها، أرجع معظم الذين التقينا بهم الظاهرة إلى المشاكل الاجتماعية واتساع رقعتها، وسوء التربية في الصغر، وقد تكون الظاهرة مردها إلى أن الابن رأى أباه يضرب جده فاخذ الأمر أبا عن جد، أو للعنف المتبادل بين الأب والأم والطفل ينتقم من كليهما بالضرب والاعتداء، وقد يكون الحرمان والظروف الاجتماعية التي قهرت الولد داخل العائلة وتشرده، فيأخذ في الاعتداء على أبويه بدافع الانتقام وصب الغضب والضغط الاجتماعي، وقد تكون الأفلام البوليسية العنيفة والتي تستعمل فيها الأسلحة والاعتداءات بكل أشكالها، وهناك سبب يتعلق بغياب دور المؤسسات التربوية والدينية داخل المجتمع في التوعية و لإرشاد، وقد تكون الظاهرة مردها ظاهرة تعاطي المخدرات والغياب عن الوعي والبعد عن الدين وتفشي البطالة في أوساط الشباب. المشرع الجزائري يشدد على معاقبة المعتدي أدرج المشرع الجزائري قوانين ردعية ومواد لحماية الأصول من اعتداءات أبنائهم بالضرب أو الشتم أو غيرها من أصناف الاعتداء، وضحها في المادة 267 من قانون العقوبات، التي تنص على أن كل من أحدث عمدا جرحا أو ضربا بوالديه الشرعيين أو غيرهما من أصوله الشرعيين، يعاقب بالحبس المؤقت من خمس إلى عشر سنوات إذا لم ينشأ عن الجرح أو الضرب أي مرض أو عجز كلي عن العمل من النوع الوارد في المادة 26، وبالحد الأقصى للحبس المؤقت من خمس إلى عشر سنوات إذا نشأ عجز كلي عن العمل لمدة تزيد عن خمسة عشر يوما، وفي الحالة الثالثة السجن المؤقت من عشر سنوات إلى عشرين سنة إذا نشأ عن الجرح أو الضرب فقد أو بتر أحد الأعضاء أو الحرمان من استعماله أو فقد البصر أو فقد بصر إحدى العينين أو أية عاهة مستديمة أخرى. في حين، يكون السجن المؤبد مصير من أدى إلى جرح أو ضرب مرتكب عمدا، مفض إلى الوفاة بدون قصد إحداثها. الإسلام يحرّم العقوق من خلال التحقيق الذي قامت به "أخبار اليوم" حول انتشار ظاهرة الاعتداء على الأصول في أوساط المجتمع ألمسيلي ، واستنادا للأرقام التي سجلت من طرف مصالح الأمن، ورغم التكتم الحاصل من طرف الآباء الضحايا بدافع العاطفة الأبوية إلا أن الجميع مجمع على أن الظاهرة خطيرة ويجب تكاتف الجهود بين جميع المؤسسات للحد منها، وقد وصف الشيخ عثمان أبو عبد السلام الظاهرة بأنها خطيرة جدا وهي أبشع ما يرتكبه الإنسان من المعاصي وليس هناك اشر منها عملا لأنها تدل على الاحتقار والازدراء، وقد تفشت الظاهرة في مجتمعنا الإسلامي بعد أن غاب الوازع الديني لدى شريحة كبيرة من الشباب الذين أهملوا دينهم واتجهوا إلى الملذات الدنيوية التي أضاعتهم وتركتهم يعتدون على اغلي شئ عندهم وهما الوالدين، وكذلك الظروف الاجتماعية القاسية وانتشار آفة المخدرات والخمر و القمار وانعدام عملية النهي من طرف الآباء، ويرى أبو عبد السلام أن الحل يكمن في عملية التوعية عن طريق المساجد والدروس واعتماد القصص الواقعية بالسرد والنشر للتخويف والتربية عبر وسائل الإعلام المتاحة.