احتفل الصوماليون بعيد الأضحى المبارك، حيث غصت باحات المساجد بالمصلين الذين توافدوا إليها من شتى الاتجاهات، لتأدية لصلاة العيد الأضحى المبارك، دون أن تتخللها أصوات الرصاص وأزير المدافع، كما اعتاد الصوماليون طيلة عقدين من الزمن . وقد رسمت علامات الفرحة على وجوه الصوماليين وخاصة العائدين من حياة التشرد التي قضوا فيها لمدة أربع سنوات في خارج العاصمة مقديشو حيث عانوا مرارة الحياة وصعوبة البقاء في مخيمات لا تكاد تقيهم الحر ولا البرد، فضلاً عن تكاليف الحياة وتذبذب الأسعار بشكل جنوني . فرحتان وتعتبر احتفالات هذا العيد هي الأولى منذ عودة النازحين الصوماليين إلى مقديشو، بعد سنوات قضوها خارج العاصمة التي كانت بؤرة توتر عسكري بين الحكومة الانتقالية والجماعات المناوئة لها. وعبّر العديد من الصوماليين سرورهم البالغ في العودة إلى منازلهم ويقول المواطن الصومالي محمد عبده ل"اسلام أون لاين " إنني أشعر بفرحة كبيرة، لأن هذا العيد تزامن في ظل عودة أسرتي من إقليم شبيلى السفلي (جنوب الصومال) . ومن جهته يقول الإعلامي الصومالي نور جيلي "رغم المعاناة التي تمر بها الصومال، إلا أننا عزمنا على أن نتقاسم مع أطفالنا ما نجده من حلويات وطعام لنرسم بسمة العيد على شفاههم".. مضيفاً: إنني مسرور جداً، وتغمرني الفرحة، لأن الجميع يتكاتف في مساعدة المتضررين من المجاعة، فالهيئات الإنسانية تشغل بالها في إطعام النازحين والمعوزين الصوماليين . غلاءٌ معيشي ويتزامن هذا العيد في ظل تشهد الأسواق الصومالية غلاءً معيشياً غير مسبوق، حيث أصبح التضخم يدب في أوصال الاقتصاد الصومالي الهش أصلاً وتشهد عملة الدولار الأمريكي التي تعتبرها أنها العملة المعتمدة لدى الصوماليين تذبذباً حاداً، حيث ترتفع تارة لتنخفض تارة أخرى، بينما قيمة الأسعار الغذائية تبقي في مكانها، دون أن تشهد هي أيضاً انخفاضاً آو ارتفاعاً، وهو ما انعكس سلباً على القوة الشرائية لدى الصوماليين. ويرجع المحلل الاقتصادي ليبان أحمد يبر أسباب التضخم المالي في مقديشو لتدفق المساعدات الأجنبية على الصومال، حيث يقول "نتيجةً لتدفق الدولار الأمريكي في الأسواق الصومالية وخاصة من قبل المنظمات الإنسانية، فإن هذا الأمر أدى إلى انخفاض قيمة الدولار الأمريكي، لأن العملة عندما تتدفق في السوق بشكل كبير تؤدي إلى انخفاضها بنسبة عالية، إضافة إلى أن الصوماليين بدؤوا يستخدمون الشلن الصومالي مقابل الدولار الأمريكي في البيع والشراء". ويرى الخبراء الاقتصاديون أن غياب حكومة مركزية فعالة تضبط التضخم المالي وتفرض سياستها الاقتصادية على السوق الصومالي، أدى إلى انفلات اقتصادي على غرار الانفلات الأمني في جنوب الصومال . ويشير ليبان أحمد إلى أن انخفاض الدولار، وارتفاع الأسعار الغذائية يلحق ذلك ضرراً اقتصادياً بالصوماليين؛ حيث يتوقع العديد من الصوماليين عودة الدولار الأمريكي إلى مكانه، ليتناغم مع الشلن الصومالي، ويرى المراقبون أن منطقة القرن الأفريقي ستشهد تدهوراً اقتصادياً نتيجة الحرب الدائرة في المنطقة، فكينيا مثلاً مرشحة لأزمة اقتصادية بسبب توغلها العسكري للصومال. أضاحي بدون مقابل وتحاول العديد من الهيئات الإنسانية الدولية والمنظمات المحلية إطعام النازحين الصوماليين، ومن بين تلك الهيئات التي توزع لحوم الأضاحي على النازحين الصوماليين "هيئة الإغاثة الإنسانية" التي تتخذ من فيينا (عاصمة النمسا) مقراً لها، حيث تواصل الهيئة مشاريعها الإنسانية في الصومال. وذكر إسماعيل معلم مدير منظمة السعادة للإغاثة والتنمية التي نفذت مشروع توزيع الأضاحي على النازحين، نيابة عن "هيئة الإغاثة الإنسانية" في إيصال تلك المساعدات إلى المتضررين من المجاعة "قمنا بتوزيع لحوم الأضاحي ل 420 أسرة صومالية في إحدى المخيمات في حي هدن، وأن عدد الماشية المذبوحة وصل إلى 84 ماعزاً وأربعة أبقار، وقد تم ذبحها في أحد المسالخ في العاصمة "مقديشو " . ويضيف قائلاً: ستستمر عملية توزيع لحوم الأضاحي أياماً عديدة، كما أن "الإغاثة الإنسانية" تواصل مشاريعها الإنسانية في الصومال، ومن المقرر أن تقوم بحفر آبار سطحية في البلاد، وخاصة في المناطق التي اجتاحتها "تسونامي المجاعة " . ويعتبر مشروع الأضاحي الذي نفذته "الإغاثة الإنسانية" في الصومال نموذجاً واحداً لجهود العديد من المنظمات الخيرية العربية، حيث لا تزال الهيئات العربية تواصل مشروع توزيع الأضاحي في مقديشو.