يعيش المجتمع الجزائري حالة فوضى كبيرة داخل وسائل النقل وبالخصوص سيارات الأجرة بالعداد والتي تعد الشبكة الأكثر أهمية في التنقلات اليومية للمواطنين داخل الجزائر العاصمة، فهي تشهد تحكما رهيبا من قبل سائقي هذه السيارات في المواطنين المقبلين عليها، فحقيقة عملهم التي يجهلها الكثير من المواطنين هي أنهم يتوقفون عند الزبون في حالة كانت السيارة شاغرة وتلبية طلب الزبون بنقله إلى حيث يريد الذهاب مع تشغيل العداد وما يسجله هذا العداد عند الوصول إلى المكان المطلوب يدفعه الزبون هذه هي طبيعة هذا العمل الذي كان جديرا بالسائقين تطبيقه، لكنهم ضربوا به عرض الحائط مادام لايخدمهم سواء لتجنب ازدحام حركة السير أو لسوء حالة الطرقات المطلوبة أحيانا فقد أصبحوا يعملون مثل السيارات أو الحافلات التي تشغل خطا معينا وهو خلاف ما ينص عليه قانون عملهم· اقتربنا من بعض المواطنين الذين يستعملون هذه السيارات فأظهر لنا بعضهم غفلته عن حقيقة عمل هؤلاء السائقين بما أنهم يعملون بهذه الطريقة لسنوات، فكانت العينة إحدى المواطنات التي بدت مستغربة عندما أخبارناها فقالت (أنا أقوم بإيقاف السيارات وأسأل السائق أين وجهته فإذا كانت نفس وجهتي أصعد وإلا انتظرت سيارة أخرى) هو حال الكثير من المواطنين فهم يتعاملون مع السائقين وكأنهم متسولون، أما كريم الذي أظهر استياءه من تصرفات هؤلاء السائقين لهذا النوع من السيارات، حيث كان متواجدا بالقرب من النفق الجامعي بديدوش مراد ينتظر سيارة أجرة، أخبرنا بأنه يستغرق قرابة نصف ساعة يوميا لكي يجد سيارة ذاهبة باتجاه مقر عمله ببئر مراد رايس، رغم أنّ السيارات تأتي متتابعة لكن سائقيها يرفضون نقله إلى هناك ليتجنبوا ازدحام حركة السير على ذلك الخط وإلاّ أخذوه بمبلغ معين وهو ما يعرف عندنا بالعامية (كورسة) تصل أحيانا إلى 500 دج مما يجعله يضطر لانتظار أحد السائقين المتجهين نحو بئر مراد رايس وهذا بأخذ وقت طويل في أغلب الأحيان مما يؤدي به إلى التأخر عن عمله· كما أنّ هؤلاء السائقين اتخذوا محطات خاصة بهم مثلما شهدناها ببراقي والشرافة وبئر خادم، فهم يقومون بالاصطفاف ليخرجوا واحدا تلو الآخر ناقلين معهم الزبائن مقابل مبلغ مالي معيّن يتراوح بين 700 دج إلى 1000 دج على حسب المكان المطلوب التنقل إليه، وهو ما يخالف قوانين عملهم لأنهم يقومون بالتجوّل في المدينة كلها أو الولاية وهو من يذهب حيث يتواجد الناس وليس العكس· ارتأينا أن نستطلع رأي السائقين حول طريقة عملهم الجديدة فكانت إجابة السيد محمد أحد السائقين بأنّ العمل وفق ما يجب عليه أن يكون لا يخدم السائقين ماديا، مادمت هناك مشكلة الازدحام فإذا قمت بأخذ هذا الرجل - يشير إلى أحد الزبائن- من بئر خادم إلى باب الواد استغرق ذلك حوالي ساعتين وذلك لا يخدمني لكي أدخل مصروف اليوم· وبخصوص عدم تشغيل العداد والاتفاق مع الزبون على (كورسة) أجابنا: (الله غالب يجب أن نتصرف بطريقة أو بأخرى لجلب لقمة العيش خصوصا بما أنني أدفع ثمن سيارتي التي اشتريتها بالتقسيط)· هي فعلا كما يقال في المثل الشائع مصائب قوم عند قوم فوائد فما يعانيه المواطنون من مشاكل عديدة من حيث غلاء المعيشة يضاف لديه مشكل المواصلات التي تثقل كاهله سواء بثمنها الذي أخذ حصة كبيرة من مدخوله الشهري أو من حيث الشروط التي تهدر له وقته، ليبقى المواطن هو الخاسر الوحيد في هذه القضية·