أدلى الصحفي "ريتشارد بيبيات" مراسل صحيفة (دايلي ستار) بشهادته أمام لجنة ليفسون لتقصي الحقائق بعد أشهر من تقدمه باستقالته من العمل بالصحيفة -مارس الماضي- احتجاجا على سياستها المناهضة للإسلام والمتمثلة في دعمها اللامحدود لرابطة الدفاع الإنجليزية المعروفة بتوجهاتها الإسلاموفوبية المتطرفة والأجندة التحريرية للصحيفة التي تقوم على بث بذور التمييز العنصري والديني لاسيما ضد الإسلام. الجلسة التي عقدت الثلاثاء 29 نوفمبر 2011 جاءت بعد تأكيد ريتشارد في شهادته التي نُشرت على الموقع الخاص باللجنة -ضمت خمسة عشر صفحة- أن السياسة العامة لجريدة "دايلي ستار" تقوم على "اختلاق الأخبار التي تؤكد هيمنة المهاجرين على البلاد وتهديد الإسلام للأمن والاستقرار في بريطانيا بما يؤدي إلى تشويه صورته". "إنني أعترف أن بعض الأخبار التي نشرتها على صفحات دايلي ستار كانت غير دقيقة تماما، وكنت في الغالب أقدِّمها تحت ضغوط من المسؤولين بالجريدة لتشويه الحقائق". وأضاف "بيبيات" في شهادته أمام لجنة التقصي أنه أقدم بنفسه على تلفيق بعض الأخبار ومنها واحدة تتعلق بمؤامرة إرهابية يحيكها مسلمون متطرفون للقيام ببعض الأعمال التخريبية، والتي استوحاها من أحد المقالات التي نشرت في صحيفة "سنداي تلغراف" حيث أورد الكاتب أن "المسلمين قد يلجأون للتخفي بارتداء الملابس التقليدية التي يستخدمها السيخ ليتمكنوا من إخفاء القنابل في العمامة". وأضاف بيبيات "إن اختلاق قصة تستطيع بها أن تشوه صورة المسلمين والسيخ معا يمثل فرصة يصعب تفويتُها ونجاحا غير مسبوق من وجهة نظر صحيفة دايلي ستار". ومع ذلك فقد أصر "بيبيات" على نشر هذا الخبر برغم تأكده -حسب ما جاء في أقواله أمام اللجنة- من أن "ما ورد بصحيفة سنداي تلغراف لا يمت للحقيقة بصلة بعدما اتصلت بالشرطة وأكدت لي أنها لا تعرف شيئا عن هذه المؤامرة". يُذكر أن تقرير "بيبيات" عن هذه المؤامرة "الخيالية" قد نُشر بصحيفة دايلي ستار في 27 يناير 2011 تحت عنوان "المطارات تواجه حرب العمامات" والذي زعم فيه أن "عددا من قيادات الشرطة تتخوف من قيام مجموعة من المسلمين المتطرفين بتدبير مخطط إرهابي بارتداء الزي التقليدي للسيخ وإخفاء المتفجرات داخل العمامة". حروب العمائم المختلقة ولم يكتف "بيبيات"، بحسب نص شهادته، باختلاق الخبر فحسب، بل ذهب أبعد من ذلك حيث نسب العملية "الوهمية" برمتها إلى تنظيم القاعدة مبررا ذلك بأن التنظيم يعي جيدا المشكلات التي تواجه الأجهزة الأمنية عند طلب خلع الملابس الدينية. وتجاوز التقرير هذه الاختلاقات، لينسب إلى "مصدر أمني" (لم يحدده) قوله: "إن ارتداء ملابس السيخ سوف يمنح المخططون للعملية الفرصة لتجاوز نقاط التفتيش". وأشار "بيبيات" في شهادته إلى تقرير آخر طلبت منه الصحيفة كتابته حول قيام مجلس محلي بجمع المال من أجل إنشاء مراحيض خاصة بالمسلمين فيما عرف ب"دورات مياه إسلامية شريرة" والتي أدت إلى تقدم عدد من المنظمات الإسلامية بشكوى ضد الصحيفة أمام لجنة الشكاوى الصحفية. ونجحت المنظمات الإسلامية على غير المعتاد في مقاضاة الجريدة بسبب هذه الادعاءات الأمر الذي أدهش "بيبيات" نفسه إلى درجة كبيرة لأن لجنة الشكاوى الصحفية عادة ما ترفض النظر في شكاوى الطرف الثالث لأنها، -وفقا ل"بيبيات" تعاني من إشكالية كبرى في هذا الصدد حيث أنها لا تقبل أية شكوى من المسلمين الذين يتعرضون للإهانات جراء العديد من الأخبار المختلقة بحجة أنها لا تؤثر عليهم بصورة مباشرة"، الأمر الذي يُعده "بيبيات" "مشينا لغاية". وأضاف "بيبيات" أن مراسلة آخرى تعمل بشكل غير رسمي لدى الجريدة قد اعترضت على الخوض في هذه الأكاذيب التحريضية ضد الجالية الإسلامية مما دفع بالصحيفة للاستغناء عنها؛ وأردف "بيبيات" في شهادته: "أشعر بالخجل العميق، ولعلي لم أسامح نفسي حتى اليوم أنني لم أغادر معها؛ هكذا كان الوضع داخل الصحيفة: إما أن تتساوق مع السياسة العامة، وإما أن تتعرض للعقاب". وأورد "بيبيات" في نص شهادته أن ثمة محاولات قد بذلت للتوسط لديه بعدما قرر أن يفصح عن الأسباب التي دفعته لترك العمل بالصحيفة، حيث قرر أمام لجنة تقصي الحقائق أنه: "بعد استقالتي من العمل بالجريدة تعرضت لحملة شرسة من المضايقات والتهديدات تضمنت عمليات تجسس على الهاتف الخاص بي؛ ومنذ اللحظة التي علم بها المسئولون بدايلي ستار أن صحيفة غارديان تعد لنشر خطاب استقالتي، انهالت عليَّ رسائل التهديد عبر الهاتف والرسائل النصية والبريد الإلكتروني؛ وكان من بين هذه الرسائل 'سنستهدفك حتى نقتلك' و'ريتشارد ديسموند سوف ينال منك'. وقد رفض بيبيات" بشدة البيان الذي صدر عن صحيفة دايلي ستار ردا على خطاب الاستقالة الذي نشرته جريدة غارديان، والذي أكد أن "السياسة التحريرية للجريدة لا تتضمن أي توجه سلبي ضد الإسلام". وفي رده على هذا البيان، أكد "بيبيات" بسخرية أن حديث الجريدة عن الموضوعية وعدم تبني خطاب تحريضي ضد الإسلام "يشبه أن يقدم لك أحدُهم تفاحة ويقسم لك أنها قطعة من موز". وختم "بيبيات" شهادته بقوله "أؤكد أن الصحيفة لا تمتلك أخلاقيات العمل الصحفي، وأن الحقيقة هناك تتعرض لقدر كبير من الامتهان وأن الدوافع الوحيدة وراء الأعمال التي تقدمها هذه المؤسسة هي دوافع رأسمالية بحته لا تنضوي من المهنية الصحفية على شيء، مما يجعلها نموذجا فجا للصحافة الشعبية التي تنخر عظام هذه البلاد، ومما يجعلني أشعر بالعار الشديد أنني كنت يوما جزءا من هذه المنظومة". * أكد "بيبيات" في شهادته أمام لجنة التقصي أنه أقدم بنفسه على تلفيق بعض الأخبار ومنها واحدة تتعلق بمؤامرة إرهابية يحيكها مسلمون متطرفون للقيام ببعض الأعمال التخريبية، والتي استوحاها من أحد المقالات التي نشرت في صحيفة "سنداي تلغراف" حيث أورد الكاتب أن "المسلمين قد يلجأون للتخفي بارتداء الملابس التقليدية التي يستخدمها السيخ ليتمكنوا من إخفاء القنابل في العمامة".