(لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) سورة الحديد· الآية 25· يقول الدكتور زغلول النجار في شرح الآية (الله تعالى هيأ لنا الأرض بإنزال كم هائل من الحديد إليها، والأرض حينما انفصلت عن الشمس لم تكن سوى كومة من الرماد، لذلك كان إنزال الحديد هو الحكمة من جعل كوكبنا صالحا للعمران)· وإنزال الحديد لم يُدرك إلا بعد رحلات الفضاء ونجد العلماء حينما يمرون على قوله تعالى (وأنزلنا الحديد فيه منافع للناس) يقولون هذا إنزالٌ لفظي مجازي لأن الأرض تحتوي على 35.9 % من كتلتها حديد· ولكن من أين جاء هذا الحديد؟· ثبت للعلماء بعد دراسة مستفيضة أن الحديد لا يتكون إلا في نجوم عملاقة أكبر من نجم الشمس العملاق وفي مرحلة خاصة من عمر هذه النجوم تسمى (السوبر نوفا) أو المستعيرات العظمى، لحظة انفجار هذه النجوم العملاقة، تتكدس المادة في قلبها بشدة فتستمر عملية الاندماج النووي حتى تصل إلى الحديد بعد أن ينفجر النجم وتتناثر قطع هذا الحديد في صفحة السماء وكل العناصر التي تعلو في وزنها الذري الحديد يخلقها ربنا تبارك وتعالى في السماء لاصطياد ذرات الحديد، ولذلك الحديد أنزل إنزالاً ولم يتأكد العلماء من ذلك إلا منذ ما يقرب ربع قرن من الزمن· كل ذلك على الرغم من أن القرآن الكريم قد ذكر إنزال الحديد في قوله تعالى (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) (الحديد: 25)· فهذا القرآن أنزل على النبي الأمي محمد (ص) في بيئة الأغلبية الساحقة فيها من الأميين قبل ألف وأربعمائة عام، لم تكن هناك أقمار صناعية أو غيرها ليعرِّفنا النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الحقيقة الرائعة، إذ المخبر ابتداءً هو الله تعالى· وقد أثبتت الدراسات الحديثة أنه إنزال حقيقي حيث تصل مئات الأطنان من الحديد مع كل نيزك يهبط على الأرض، والأرض يصلها سنوياً من مليون إلى 2 مليون طن من الحديد عبر النيازك فقط· وعن الكيفية التي وصل بها الحديد يقول النجار إن الحديد بما له من كثافة عالية فقد اخترق الكومة الرمادية للأرض وحرقها وتناقصت نسبته من الداخل إلى الخارج من 90% في قلب هذه الكرة إلى 5.6% في غلافها الصخري، وثبت للعلماء بأدلة لا تقبل الرفض أن كل الحديد الذي يوجد على الأرض بل وفي مجموعتنا الشمسية قد أنزل إلينا إنزالاً· وقد سمِّيت سورة بأكملها في القرآن الكريم باسم الحديد ووصف القرآن أن الحديد (فيه بأس شديد) قد أثبت العلماء أن الذرة الواحدة من الحديد أكثر تماسكا من غيرها التي قد تعلوها من حيث الكثافة وهذا التماسك الشديد هو الذي أعطى للحديد صفاته الطبيعية والكيمائية المميزة له· * أثبتت الدراسات الحديثة أنه إنزال حقيقي حيث تصل مئات الأطنان من الحديد مع كل نيزك يهبط على الأرض، والأرض يصلها سنوياً من مليون إلى 2 مليون طن من الحديد عبر النيازك فقط·