أعلام الفكر الإسلامي كثٌر، يتقدّمهم في الجزائر رجل كان ذا ثقافة متميّزة، وفكر واسع أهله لتشريح أهمّ قضايا العالم المتخلّف. تبسة مسقط رأسه التي شهدت ميلاده عام 1905، أسرته كانت متشبعة بالقيم والمبادئ الإسلامية ككل الأسر الجزائرية في تلك الفترة، إضافة إلى أنّ والده كان موظفا بالقضاء الإسلامي. تلقى في نشأته التعليمين الديني والمدني (الكتاب الابتدائية) فقد سمحت له الأقدار أن يتعلم في المدارس الفرنسية، وقد سافر بعدها إلى فرنسا باحثا عن العمل، لكنّه فشل فعاد إلى الوطن، جرّب عدة وظائف بالجزائر كان أبرزها عمله في محكمة بآفلو (الأغواط) عام 1927، وكانت مناسبة للاحتكاك بالفئات الكادحة، لكنه استقال من منصبه إثر نزاع مع أحد الفرنسيين هناك. حاول إعادة الكرّة بسفره ثانية إلى فرنسا عام 1930 حتى يكمل دراسته لكنّه لم يواصل بسبب الضغط المفروض عليه من طرف الفرنسيين، فاضطر إلى أن يلتحق بمدرسة اللاسلكي ليتخرج مساعدًا لمهندس، ثم انغمس بعدها في الفكر والدراسة والتأليف في قضايا العالم الإسلامي، فألّف الظاهرة القرآنية سنة 1946، شروط النهضة سنة 1948 هذا الكتاب الذي طرح فيه فكرة القابلية للاستعمار، وجهة العالم الإسلامي سنة 1954، مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي الذي يعتبر أهم ماكتب بالعربية في القرن العشرين. انتقل إلى القاهرة ما بين 1954 إلى 1962، بعد عودته عيّن مديرًا للتعليم العالي لكنه استقال سنة 1967 من أجل الكتابة والتأليف، وكتب مذكراته فسمّاها (مذكرات شاهد على القرن). وقد توفي رحمه الله يوم 31 أكتوبر 1973·