قال علماء دين إن تنظيم المظاهرات والاعتصامات والمشاركة فيها (يتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية وقيم وأعراف المجتمع الإسلامي)، لما يترتب عليها من (إخلال بالنظام العام وإضرار بالمصالح العامة والخاصة، والتعدي على حقوق الآخرين، وما ينشأ عن ذلك من إشاعة الفوضى التي تؤدي إلى سفك الدماء، وانتهاك الأعراض وسلب الأموال والتعرض للممتلكات العامة والخاصة والإضرار بالمصالح العليا للدولة الإسلامية)· أوضح فقهاءٌ أن الإسلام لا يحرم إبداء الرأي شريطة ألا يمس ذلك بمصالح وحقوق الآخرين، وأن التعبير عن الرأي والمطالبة بالحقوق العامة والشخصية مرتبط بشروط حددها الشرع من أهمها عدم الإضرار بمصالح البلاد والعباد وألا تترك الأمور بعشوائية، مما يؤثر على حاجة الآخرين وأمنهم وسلامتهم· وناشد الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، بحسب (الاتحاد) جموع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ألا يعطلوا العمل ساعة واحدة، وأن يتمسكوا بأداء واجبهم نحو أنفسهم وأهليهم، ووطنهم ومواطنيهم، في كل حين، وفي هذه الأيام خاصة التي تتعرَّض فيها الأمة الإسلامية لكثير من الفتن والمؤامرات والشدائد والمحن بسبب دعاة الهدم وتعطيل العمل، من بعض المغرر بهم أو الأدعياء، الذين ينادون بالتخريب والتوقف عن العمل، حتى نصبح فريسة للأعداء الذين يتربصون بالأمة الإسلامية ومقدراتها· كما أفتى الدكتور أحمد الطيب بحرمة قطع الطرق وتعطيل مصالح الناس، وتعطيل عمل الإدارات والمؤسسات، موضحاً أنها مخالفات شرعية جسيمة لا يرضاها الله ولا رسوله ولا المؤمنون، ولا تتفق من قريب أو بعيد مع تقاليدنا وأخلاقنا الإسلامية التي نشأنا عليها، بل إنها مخالفات حرَّمها الله تعالى في كتابه· التقاليد العريقة وطالب هؤلاء بأن يتقوا الله في وطنهم وأهليهم، ويتوقفوا عن ارتكاب هذه المحرَّمات التي يجرِّمها الشرع والعقل والأخلاق والتقاليد العربية العريقة، وأضاف قائلا: (اعلموا أنكم مسؤولون غداً بين يدي الله تعالى عن هذه التصرفات، وسوف يحاسبكم عليها في يوم يحاسب فيه كل إنسان على ما قدمت يداه في هذه الحياة الدنيا··(فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه·· وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَه)· وقال الدكتور أحمد الطيب: إن قيمة العمل في الإسلام عالية رفيعة، وإذا كان القرآن الكريم قد رفع مكانة العلم وأهله مكانًا عليا (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) سورة المجادلة: الآية 11، فقد ربطه بالعمل (فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) سورة التوبة: الآية 122· ولا يكاد يُذكر الإيمان في القرآن إلا مقروناً بالعمل الصالح النافع للناس أجمعين، قال تعالى: (وَالْعَصْرِ، إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ" سورة العصر، حتى أدخله جمهور علمائنا في مفهوم الإيمان الكامل الذي هو أساس السعادة في الدنيا والنجاة في الآخرة، ويكفي أن الله تعالى في معظم آيات الكتاب قرن العمل بالإيمان والعقيدة، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: (ليس الإيمان بالتمني، ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل)، كما بلغت عناية السُّنَّة النبوية المشرفة بالعمل أن أوصى النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا قامت القيامة وفي يد أحدكم فسيلة -أي أصل شجرة- فليغرسها) مع أنه لن يأكل منها بل لن يأكل أحدٌ منها، بعد القيامة، ولكن أن نغادر هذه الأرض وقد عمَّرناها، هو واجبنا كما أمرنا الله (هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا) سورة هود: الآية 61· مصالح العباد وطالب الدكتور علي جمعة مفتي مصر كافة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بالتمسك بأداء الواجب وعدم تعطيل المصالح التي لا تؤدي في النهاية إلا إلى العبث بمقدرات الوطن وتعطيل مصالح العباد، مشيرا إلى أن أحداث الترويع والفتن والمؤامرات التي تشهدها الكثير من البلدان الإسلامية تتناقض مع كل القيم والمبادئ الحقيقية التي قامت عليها الشريعة الإسلامية وتستهدف نشر الفوضى· وأكد حرمة إراقة الدم المسلم مطالباً بالضرب بيد القانون لكل من تسول له نفسه إشاعة الفوضى والإفساد في الأرض أيا كان، وأن واجب الوقت يقتضي أن يتعاهد المسلمون في كل مكان على حفظ الدماء والأموال والأعراض، وعدم التعدي على حقوق الآخرين والمحافظة على الوطن الذي هو أمن كل مسلم· وناشد مفتي مصر، كل مسلم أن يرعى الله تعالى ويتقيه ويبذل كل جهد لإعادة الأمن وحفظ الأمان والسعي بكل ما أوتي من قوة بالانتقال بالبلاد والعباد إلى النهضة المنشودة، وخص بهذه الدعوة كل الفاعلين في الشأن العام· قنواتٌ شرعية أما الدكتور مصطفى عمارة الأستاذ بكلية أصول الدين وعضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية فيرى أن الإسلام لم يقر توقف عجلة التنمية أو إثارة المشاكل أو البلبلة أو كل ما من شأنه عصيان الحاكم، وقال إن هناك قنوات شرعية لابد من اتِّباعها مثل المجالس النيابية ورؤساء الهيئات والوزارات في حالة التضرر أو حدوث مشاكل لبعض فئات المجتمع من العاملين أو الموظفين، فقد يصاحب الإضراب عن العمل بعض الأضرار والمفاسد المترتبة على ذلك كالإضرار بالممتلكات العامة والخاصة والخسائر المادية أو إلحاق ضرر بالمواطنين نتيجة التوقف عن تقديم بعض الخدمات لهم وهذا ما لا يرضاه الشارع الحكيم فقد قال صلى الله عليه وسلم (لا ضرر ولا ضرار) ولدينا القاعدة الفقهية تقول: (درء المفاسد مقدم على جلب المصالح)· ويؤكد الدكتور أحمد عمر هاشم -رئيس جامعة الأزهر الأسبق- أن الإسلام حرم كل ما يضر بالمصالح العامة والخاصة، ولا يصح الخروج الذي يؤدي إلى عدم استقرار الأمن، وهذا لا يتناسب مع شرع الله تعالى، لأن الله يدعو لاستقرار المجتمعات وأمنها وطمأنتها، والأصل أن المظاهرات والإضرابات ممنوعان في الشرع الإسلامي، وأن التعبير عن الرأي يكون بوسائل أخرى غير هذا، وما يحدث الآن في كثير من الدول الإسلامية مخالف لآداب التعبير لأن هناك قنوات كثيرة للتعبير عن الرأي، حتى لو كان الأمر مطالب بالتغيير، حيث إن التغيير يحتاج لقنوات شرعية· وترى الدكتورة سعاد صالح أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر أن التوقف عن العمل تحت أي دعوى يعد إخلالاً بالعقد بين العامل ورب العمل وقد أمرنا الله تعالى أن نفي بالعقود، فقال تعالى في كتابه العزيز (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) ولقوله صلى الله عليه وسلم (المسلمون عند شروطهم) وقد نهى الله تعالى عن أكل أموال الناس بالباطل فقال تعالى (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل)· * أفتى الدكتور أحمد الطيب بحرمة قطع الطرق وتعطيل مصالح الناس، وتعطيل عمل الإدارات والمؤسسات، موضحاً أنها مخالفات شرعية جسيمة لا يرضاها الله ولا رسوله ولا المؤمنون، ولا تتفق من قريب أو بعيد مع تقاليدنا وأخلاقنا الإسلامية التي نشأنا عليها، بل إنها مخالفات حرَّمها الله تعالى في كتابه· * ترى الدكتورة سعاد صالح أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر أن التوقف عن العمل تحت أي دعوى يعد إخلالاً بالعقد بين العامل ورب العمل، وقد أمرنا الله تعالى أن نفي بالعقود فقال تعالى في كتابه العزيز (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) ولقوله صلى الله عليه وسلم (المسلمون عند شروطهم) وقد نهى الله تعالى عن أكل أموال الناس بالباطل فقال تعالى (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل)·