استيقظ الجزائريون صباح أمس الأربعاء على وقع إشاعات قوية انتشرت كالنّار في الهشيم وتناقلتها العديد من المواقع والمنتديات على شبكة الأنترنت زعمت انتقال أوّل رئيس للجمهورية الجزائرية بعد الاستقلال السيّد أحمد بن بلّة البالغ من العمر 96 سنة، إلى جوار ربه، وهي الإشاعات التي نفتها مصادر موثوقة مؤكّدة أن بن بلّة (حيّ يًُرزق)، وأن صحّته في تحسّن· لم تتردّد بعض المواقع الإخبارية التي تحظى بمتابعة كبيرة في نشر الإشاعة الكاذبة دون التأكّد من صحّة الخبر، الأمر الذي جعل عددا غير قليل من الجزائريين يتبادلون التعازي في وفاة (وهمية) لرجل محترم جدّا· وذكرت مصادر موثوقة أن الرئيس الأسبق (أدخل فعلا إلى مستشفى عين النّعجة العسكري إثر وعكة صحّية)، وأن (حالته لا تدعو إلى القلق)· وفي هذا الصدد، نفى خالد بن إسماعيل رئيس لجنة مناهضة التطبيع مع إسرائيل خبر وفاة رئيس الدولة الأسبق أحمد بن بلّة، وهي الإشاعة التي تناقلتها عدد من المواقع الإلكترونية صبيحة أمس إثر تعرّضه لوعكة صحّية ألمّت به ليلة الثلاثاء إلى الأربعاء اضطرّته إلى الرقود في المستشفى العسكري بعين النّعجة· وقد أكّد الصديق المقرّب للرئيس الأسبق أن الوضع الصحّي ل (بن بلّة) مستقرّ وفي تحسّن مستمرّ بعدما تجاوز الأزمة التي ألمّت به، حيث ينتظر أن يغادر المستشفى خلال ال 24 ساعة القادمة متّجها نحو منزله العائلي، وأن جميع ما تداولته المواقع الإلكترونية عن صحّة وفاته مجرّد إشاعة، مشيرا إلى أن مؤسّس جبهة التحرير الوطني نقل أوّل أمس إلى المستشفى العسكري بعد أن عانى من صعوبة في التنفّس ويرقد حاليا في المستشفى لتلقّي العلاج، خاصّة وأنه يعاني من عجز كلوي، وأنه من المحتمل أن يسمح له الطاقم الطبّي المشرف على وضعه الصحّي بالعودة إلى المنزل خلال الساعات القادمة· وهي نفس الأخبار التي أكّدها عبد القادر بن صدوق قريب أوّل رئيس للجزائر المستقلّة، حيث صرّح بأن أحمد بن بلّة أدخل فعلا إلى مستشفى عين النّعجة العسكري إثر وعكة صحّية، وأن حالته لا تدعو إلى القلق، وأن إشاعة وفاته عارية من الصحّة· هذا، وقد تناقلت عدّة مواقع مغربية منذ الساعات الأولى لنهار أمس إشاعة وفاة بن بلّة، حيث دوّنت أن مصادر طبّية بمستشفى عين النّعجة أكّدت أن الحالة الصحّية للرئيس أحمد بن بلّة حرجة للغاية، وأن الأطبّاء يبذلون جهودا كبرى من أجل إخراجه من حالة الغيبوبة العميقة التي دخلها صباح يوم الثلاثاء قبيل نقله على جناح السرعة إلى المستشفى. وذهبت نفس المواقع إلى تأكيد أن الرئيس بن بلّة قد فارق الحياة في حدود الساعة التاسعة ليلا، وأن الإعلان الرّسمي عن وفاته سيكون صبيحة أمس· وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس الأسبق أحمد بن بلّة ولد يوم 25 ديسمبر 1916 بمدينة مغنية، واصل تعليمه الثانوي بمدينة تلمسان وقد أدّى الخدمة العسكرية سنة 1937، وأنه تأثّر بعمق بأحداث 8 ماي 1945 فانضمّ إلى الحركة الوطنية باشتراكه في حزب الشعب الجزائري وحركة انتصار الحرّيات الديمقراطية، حيث انتخب سنة 1947 مستشارا لبلدية مغنية، ليصبح بعدها مسؤولا على المنظّمة الخاصّة، حيث شارك في عملية مهاجمة مكتب بريد وهران عام 1949 بمعيّة المجاهدين حسين آيت أحمد ورابح بطاط· وقد ألقى الاستعمار الفرنسي القبض عليه سنة 1950 بالعاصمة وحكم عليه بعد سنتين بسبع سنوات سجنا، غير أنه تمكّن سنة 1952 من الفرار ليلتحق في القاهرة بآيت أحمد ومحمد خيضر، حيث يكون فيما بعد الوفد الخارجي لجبهة التحرير الوطني، غير أن السلطات الاستعمارية ألقت القبض عليه مرّة أخرى سنة 1956 خلال عملية القرصنة الجوّية التي نفّذها الطيران العسكري الفرنسي ضد الطائرة التي كانت تنقله من المغرب نحو تونس رفقة أربعة قادة آخرين لجبهة التحرير الوطني (بوضياف، بطاط، آيت أحمد ولشرف) ليطلق سراحه سنة 1962، حيث شارك في مؤتمر طرابلس الذي تمخّض عنه خلاف بينه وبين الحكومة المؤقّتة للجمهورية الجزائرية· في 15 سبتمبر 1963 انتخب بن بلّة أوّل رئيس للجمهورية الجزائرية إلى غاية 1965، وبتاريخ 29 سبتمبر 1990 تولّى رئاسة اللّجنة الدولية لجائزة القذافي لحقوق الإنسان· وإذا كان الموت نهاية كلّ كائن حيّ، {ويبقى وجه ربّك ذو الجلال والإكرام)، فإنه من المؤسف أن (تقتل) الإشاعات واحدا من كبار رموز الدولة الجزائرية، الرجل الذي تولّى إدارة شؤون البلاد في مرحلة حسّاسة جدّا، وهو المعروف بترديده لعبارة: (لم يكن سواه رفيقي في كلّ الفترات التي قضيتها في السجون، إنه القرآن الكريم). أطال اللّه عمر (الرئيس) بن بلّة ورزقه عاجل الشفاء·