عن مركز دراسات الوحدة العربية صدر كتاب (التاريخ والتقدم - دراسات في أعمال هشام جعيط)· يحتوي الكتاب على أوراق الندوة الفكرية التي عقدت لتكريم المفكّر العربي التونسي هشام جعيط، في شعبة الفلسفة، في كلية الآداب والعلوم الإنسانية - بنمسيك، في جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء· وقد اختار لها المنظّمون أن تكون تحت عنوان جامع، دالّ على مضامين ما قدّمه المفكِّر من أعمال مميّزة: التاريخ والتقدّم· سجّلت الأوراق ما تميّز به هذا الباحث، الذي يصدق عليه أنه من طراز فريد، وأنه مؤرخ منقّب في الروايات والمصادر، وأنه ناقد لها، مدقق في التفاصيل، وأنه باحث مسكون بالشك والسؤال، ملتزم الأهبة والحذر في مواجهة المفاجآت، وأنه معتصم بالرّيث والرّسل في إتيان الاستنتاجات، وأنه ذلك العالم الذي يدرك بعمق أن مسؤولية المؤرّخ تجاه الحقيقة التاريخية مسؤولية أخلاقية، في المقام الأول، قبل أن تكون معرفية· وعن المنظمة العربية للترجمة التابعة لمركز الدراسات صدر أيضاً كتاب: (ابن رشد: طموحات مثقف مسلم) تأليف دومينيك أورفوا، ترجمة محمد البحري· ويضم الكتاب إجابة عن سؤالين أساسيين: كيف تمكّن ابن رشد بمنهجه في تناول فلسفة أرسطو من تجاوز كلّ الذين سبقوه من الفلاسفة والشرّاح، بل كيف تمكّن من الاستدراك على المعلّم الأول نفسه؟ ثمّ كيف وصلت الفلسفة الإسلامية إلى ذروتها على يد فقيه؟ سعى المؤلف إلى سبر أغوار شخصية ابن رشد الفذّة فنقّب في ما خلّفه المؤرخون وكتّاب السِيَر كي يقدّم ابن رشد الإنسان في جوانب متنوعة من حياته: فهو الابن البارّ والأب المسؤول المتعلق بشدةٍ بموطنه: الأندلس وقرطبة بالخصوص، وهو التلميذ المكبر لشيوخه، والشيخ الحريص على إفادة تلاميذه بكل ما أوتي من معرفة، وهو العالم بأوسع ما تعني هذه اللفظة: الطبيب والفقيه والنحويّ والفيلسوف الذوّاقة لروائع الأدب العربي· ودرس المؤلف مظاهر الحياة السياسية والاجتماعية في عهد الموحّدين، مركزاً على مواقف ابن رشد الفكرية ومشاركته العملية فيها، واكتوائه بنار تدخّل السياسة في الفكر الحرّ، فانتهى إلى هذا الكتاب الذي يلقي أضواء جديدة على كثير من جوانب حياة ابن رشد الغامضة، ومن جوانب حضارة الأندلس التي لا يزال يلفها الغموض إلى الآن·