تعرف التشكيلات السياسية المترشّحة لتشريعيات العاشر من ماي المقبل هذه الأيّام فترة راحة مع انقضاء المهلة المحدّدة لإيداع قوائم الترشيحات أوّل أمس الاثنين وذلك من أجل الاستعداد للحملة الانتخابية التي من المنتظر أن تنطلق بتاريخ 15 أفريل القادم، لتنتقل الأحزاب المترشّحة بذلك من صراع داخلي ميّزه التسابق لتصدّر قوائم الترشيحات لضمان التواجد في البرلمان إلى منافسة قد تكون أوسع لإقناع النّاخب بالمشاركة والتصويت· بانقضاء المهلة القانونية لإيداع قوائم الترشيحات تكون الأحزاب السياسية قد خرجت من حلقة المعارك والصراعات التي شهدتها على ترأس قوائم المترشّحين التي ميّزت العديد من التشكيلات السياسية التي أعلنت عن ترشّحها للانتخابات التشريعية المزمع إجراؤها يوم العاشر من ماي المقبل، لتنتقل بذلك إلى ساحة المنافسة الواسعة التي تضمّ ما يقارب خمسين حزبا مترشّحا وعشرات القوائم المستقلّة بانطلاق الحملة الانتخابية في 15 أفريل القادم، وهو عدد لم يسجّل منذ اعتماد دستور 1989 ما عدا في انتخابات المجالس المحلّية سنة 1990 التي سجّلت تواجد حوالي 61 حزبا سياسيا لكنها لم تشارك كلّها في أولى انتخابات تعدّدية في تاريخ البلاد· ولعلّ أكبر تحدّ سترفعه التشكيلات المترشّحة اليوم هو إقناع النّاخب الجزائري بالمشاركة في الانتخابات التشريعية المقبلة في ظلّ هاجس العزوف الذي يتخوّف منه الجميع ابتداء من السلطة الجزائرية التي أكّدت مرارا على أهمّية الموعد الانتخابي وضرورة المشاركة فيه حتى أن رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة شبّهه في خطاب سابق له بثورة أوّل نوفمبر، ناهيك عن الحملات التحسيسية التي تقودها الأحزاب السياسية خلال مؤتمراتها وتجمّعاتها تحضيرا للموعد الانتخابي المقبل الذي يعدّ حسب ما يتداول منعطفا هامّا في تاريخ الجزائر باعتباره نقطة حاسمة في التغيير السلمي الذي سيميّز الجزائر عن غيرها من الدول العربية التي عرفت مؤخّرا حالة من الفوضى وعدم الاستقرار باسم التغيير والديمقراطية· ورغم ما تبذله السلطات المعنية والأحزاب السياسية المترشّحة من أجل إقناع النّاخب الجزائري بالإقبال على صناديق الاقتراع والإدلاء بصوته، إلاّ أن المؤشّرات الأخيرة التي رصدتها بعض استطلاعات الرّأي والإحصائيات العلمية تسير على عكس ما تتمنّاه الأحزاب المترشّحة والسلطة معا، حيث أظهر استطلاع للرّأي قام به موقع (أخبار اليوم) وشارك فيه إلى اليوم ما يزيد عن 8000 شخص نسبة عزوف بلغت 67 بالمائة من العدد الإجمالي للمشاركين، كما بيّنت دراسة علمية أجراها موقع (الجلفة إنفو) نسبة مقاطعة كبيرة قدّرت ب 42 بالمائة من نسبة المشاركين. وجاءت توقّعات بعض المختصّين مؤيّدة لذات التوجّه، حيث توقّع المحلّل السياسي وأستاذ العلوم السياسية العلاقات الدولية بجامعة الاتّصال والعلوم السياسية بالجزائر سليم قلالة أن نسبة المشاركة في الانتخابات القادمة لم تتعدّ 20 بالمائة، ولا ننكر بذلك الأصوات المتفائلة بمشاركة قوية في الاستحقاقات المقبلة، حيث توقّع الأستاذ الجامعي بجامعة الاتّصال والعلوم السياسية إسماعيل دبش أن نسبة المشاركة ستفوق 60 بالمائة· هذا، ويبقى الوقت عاملا مهمّا في نشاط التشكيلات السياسية خلال الأيّام القادمة التي ستكشف لنا عن البرامج المسطّرة لخوض غمار الاستحقاقات القادمة التي ستفرض على الأحزاب المترشّحة بذل جهد مضاعف لإقناع النّاخب الجزائري بالمشاركة في الانتخابات القادمة أوّلا ثمّ إقناعه بالتصويت لصالح قائمة معيّنة·